قائمة الخرافات الّتي زوّدني بها الطّبيب النّفسيّ
زيارةٌ إلى الطّبيب النّفسيّ الّذي يعالج بالطبّ الشّعبيّ
نشر في 03 أبريل 2018 .
زرتُ طبيبًا نفسيًّا قال إنّه يقرأ الرسوم ويحلّل شخصيّة الراسم ويكتشف فيما إذا كان لديه مشكلةً ما، وإن كان هناك مشكلة فإنّه يصف له علاجًا لا يعتمد على الأدوية الكيماويّة بالطبع.
فقلتُ لنفسي لنرى الأمر، ولأبدأ برسوم ابني أحمد الذي يرسم بسرعةٍ وهي ميزة ستساعدنا في تخطّي الجلسة بسرعة، فقد توقّعتُ أنْ يكون الكلام مليئًا بالحشو الذي مللتُ منه رغم عمري الفتيّ نسبيًّا، وبالفعل كان ذلك، أي كان الكلام مليئًا بالحشو وكذلك سرعة أحمد ساعدتنا!
في البداية كان أحمد خجولًا (وهذه هي المشكلة الرئيسة التي جئتُ لأجلها) ولم يستجِب ثمّ استجاب شيئًا فشيئًا لطلبنا بالرسم، وهنا أوّل خرافة: "هل لاحظتَ عندما هيّأنا له جوّ الحرّيّة كيف أبدعَ ورسم رسمًا رائعًا!؟" وأقول خرافة لأنّ ما كان يحصل بالفعل هو عكس الحرّيّة، فنحن كنّا نضغط عليه ولو أنّ ذلك كان بكلمات لطيفة، بينما كان في البيت يرسم وقت ما شاء بلا ضغط.
بعد ما سألنا عن تاريخ ميلاده، قال وكأنّه أرخميدس الذي قفز من حوض الاستحمام: "هذا هو بالضبط السبب، إنّه هوائي لأنّه ولِد في شباط" وعندما سألته عن تفاصيل أكثر عن هذه الصفة لأنّني حسبتُ أنّي سمعتُ شيئًا خاطئًا فأنا أتوقّع أني في حضرة مختصّ أكاديمي وليس عند إبراهيم حزبون المنجّم، أجاب باستفاضة عن عناصر الطبيعة الخمسة، نعم خمسة وليس أربعة كما قال أرسطو وأفلاطون، وافترضَ أنّي أيضًا هوائي (رغم أنّي من مواليد السرطان المائي حسب الخرافات آنفة الذكر)، وأنّ شخصيّته الهوائية الخرندعية قد ورثها منّي!
ثمّ أردف هل تعلم لماذا يتمتّع أصحاب الشخصيّة الهوائيّة بهذه الصفات؟ فقلت لماذا؟ وهنا الجواب الساحق والخرافة الثالثة: "لأنّ الله يخلق من الشبه أربعين، أي أنّه في أربعين مكان من العالم في نفس اللحظة يولد أطفال آخرون، يأخذون نفس الصفات بسبب تموضع النجوم ...الخ"
وفي سياق الحديث عندما علم الطبيب أنّي أعاني من الأرق واضطر لتناول أقراص منوّمة كي أستطيع النوم ومن ثمّ الاستيقاظ في وقتٍ مناسبٍ للذهاب إلى العمل، نهرني بشدّة وقال الخرافة الرابعة: "إنّ هذه العلاجات الكيماوية جميعها لا تنفع بل إنّها ضارّة، وعليك بالطبّ الشعبي" نعم هكذا بالضبط قالها "الشعبي" وليس "العشبي" ثمّ دلّني إلى حانوتٍ يبيع الأعشاب وكنتُ قد مررتُ صدفةً أمام هذا الحانوت الكبير سابقًا وما زلتُ أذكر كيف أنّه غطّى واجهته بإعلاناتٍ شتّى حتّى حسبتُ أنّه يحي العظام وهي رميم!
-
RAGHEBمدرّس رياضيّات ومدوّن أهتمّ بجعل العلم ممتعاً وخاصة للصغار