زراعة الميكروبات

تأليف: تيم هاميريش

ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو

تمكن العلماء من عزل الميكروبات المفردة المفيدة للزراعة بفضل التطورات في تقنية

سلسلة الحمض النووي (د.ن.ا) والتعلم الآلي

ولنعرض قليلاً لمفهوم الميكروبات. إذا نظرت للوجبة الأخيرة التي تناولتها تعتمد لهضم ذلك الغذاء على نظام بيئي من الميكروبات في جسدك تساعدك على الهضم.

ويقدر العلماء أن الجسم البشري يتكون من خلايا ميكروبية تفوق عدد الخلايا البشرية ولذا يمكن القول تجاوزاً أننا “ميكروبات” أكثر منا “بشراً”.

أعلم أن ذلك يبدو غريباً على مسامع الكثيرين لذلك سأوضح ذلك ببعض الإسهاب.

يسمى هذا النظام البيئي الموجود داخل أجسامنا وعليها الميكروبيوم ويمكن تحويره بحيث يؤثر على طريقة تفكيرنا وسلوكنا. وبدأنا مؤخراً بفهم أهمية وآثار الميكروبيوم البشري

نعتمد على علاقة تكافلية مع الميكروبات إذ نقدم لها المأوى والبيئة الحاضنة التي تمكنها من الإزدهار وفي المقابل يقوم البعض منها بمساعدتنا على مقاومة بعض الشدائد البيئية وتحسين أدائنا وسلوكنا بطريقة أو بأخرى

ويسري الأمر ذاته على النباتات. تقوم بعض الشركات مثل شركة انديجو أج بتولي هذا المفهوم المتطور من الميكروبيولوجيا وتطبيقه على أداء المحاصيل وبنتائج مذهلة.

تأمل هذه الشركة أن تساعد هذه التقنية الميكروبية والخدمات الأخرى على إنجاز مهمتها في تسخير الطبيعة لمساعدة المزارعين على إطعام البشر بطريقة مستدامة.

يقول دافيد بيري مدير الشركة إن انجاز تلك الغاية يتطلب التركيز على “تحسين الإستدامة البيئية للزراعة وعافيتها وربحية المزارعين.”

توفر الشركة ميكروباتها المفيدة عبر معاملة البذور. وتنمو هذه الميكروبات سوياً مع نمو نباتاتها المضيفة. أثبتت التجارب على محصول القطن زيادة الإنتاج بمعدل 14% عن النباتات غير المعاملة بتقنية الميكروبات.

يقول دافيد” يكمن الجزء الأصعب في العثور على الميكروب الملائم. يبدو المفهوم بسيطاً من الناحية النظرية. ولكن إكتشاف وتحديد هذه الميكروبات عملية معقدة.”

ساعدت التطورات في سلسلة ال د ن ا والتعلم الآلي على إنجاز عملية تحليل الميكروبات وتحديد الأمثل منها لاستهداف إجهادات محاصيل محددة. تسمح بعض الميكروبات المفيدة لنبات القطن بتحمل ظروف الجفاف . يتم انتقاء هذه الميكروبات من حول العالم ويتحول ترقيم ال د ن ا إلى 1 و 0 ويبدأ التعلم الآلي بتولي مهمة التحليل. . وهذا أمر ممتع للغاية.

ولا يمكن القيام بذلك بدون هذه التقنية. بلغت تكلفة القيام بهذه العملية قبل أربع سنوات مبلغ 1000 دولار لكل بكتيريا وانخفضت اليوم إلى 10 دولار لكل بكتيريا.

ويعلق دافيد وفريقه آمالاً عريضة على امكانيات هذه التقنية الميكروبيولوجية في الزراعة. ويعلق قائلاً” أومن بمستقبل نستخدم فيه نصف الأسمدة الكيماوية التي نستخدمها اليوم وقد نتخلص من 90% من المبيدات الحشرية والفطرية.”

يمكن استخدام الميكروبات للتأثير على كافة أنواع مجهدات المحاصيل الشائعة مثل العطش والملوحة ونقص العناصر الغذائية وسهولة التأثر بالأمراض والآفات. قررت الشركة الإبتداء بمقاومة العطش حيث لا تتوفر بدائل كثيرة لحل هذه المشكلة.

وبالرغم من فعالية هذا المنتج وعثور انديجو على حل بيئي يمكن تطبيقه على نطاق واسع لا تزال هناك ثمة تحديات في توصيل مثل تلك التقنيات للأسواق.

توجهت الشركة مباشرة إلى المزارع لمعاملة البذور قبل زراعتها. وتسعى للذهاب خطوة أبعد نحو المستهلكين الذين يقدمون حوافز للمزارعين لتشجيعهم على استخدام هذه التقنية.

ويضرب مثلاً على ذلك اتفاقيتها مع شركة جرينكرافت إحدى أكبر المطاحن في الولايات المتحدة حيث وافقت انديجو على تقديم مليون بوشل من القمح الذي يلبي معايير محددة للعام القادم.

وتعاقدت انديجو مع المزارعين لزراعة القمح وتقديم حافز سعري لهم.

وهذه اتفاقية غريبة لشركة محاصيل وتقدم مثالاً على الثقة التي يمتلكونها في منتجهم.

ويقول دافيد أن الشركة تشجع المزارعين على جني فوائد أكبر من محاصيلهم. ويضيف”أعتقد أن من بين أفضل الطرق لتحسين النجاح الإقتصادي للمزارعين يكمن في نقل الزراعة من عمل يوفر السلع فحسب إلى تمكين المزارعين من إنتاج محاصيل ذات قيمة مضافة بشكل متزايد و حيث يرغب الناس والمشترين بدفع مبلغ أكبر نظير تلك المواد. وإذا استطعنا فعل ذلك نكون قد قدمنا خدمة جليلة للمنظومة ككل. يستفيد المزارعون من الناحية الإقتصادية ويحصل المستهلكون على مبتغاهم.”

المصدر:

Farming Microbes

By: Tim Hammerich

May 22, 2018

Futureofag.com