..طلب مني أحد العُملاء أن أصمم شِعارا لِدار الثقافة، مُوصياً إياي مُراعاة العُمق الثقافي لِلجزائر وإمتدادِها التاريخي مُنذ الأزل .
فبعد عُصارة من التفكير ومُحاولةً مني في التنقيب عن فلسفة الثقافة الجزائرية التي ذابت فيها كثير من المُجتمعات بدءاً من العصر الحجري مُروراً إلى المجتمع الأمازيغي البربري إلى المجتمع الفِينيقي وكذا الثقافة العَربية الإسلامية التي شكلت نَسيج إجتماعي ذُو ألوان مُتناسقة مميزة ،حيثُ لَفظت الكثير من الطُفيليات بِحكم أنها لم تتلائم مع الطبيعة النفسية للثقافة الجزائرية.
فلفظت الفرنجي كما لَفظت قبلهُ المجتمع الروماني تاركةً ورائها فقط مُخلفات مادية بحتة وبَقايا من أولادها الذين عاثوا في الأرض فسادا ،فبرغم الماكنة الفِرنسية الضخمة والهندسة الأونتروبولوجية المحترفة فلم تنجح في إستنساخ العُمق الثقافي للجزائريين .
فلا زال الجزائريون يحتفلون بعيد رأس السنة الأمازيغية 12 يناير كما لا يزالون يحتفلون بالمولد النبوي الشريف ولازالت أيضا الكلمات الفينيقة ومدنيتهم وصِناعاتهم مُتداولة في العُمق الاجتماعي للجزائريين .
فَهذا الصمود لم يكن من عَدم وإنما بِوقوف الثقافة والهندسة النفسية المستعدة في أي وقت لِلوقوف ضِد أي فيروس خارجي، وكذلك بوقوف عُلمائنا وأبطلنا من أمثال الامير عبد القادر و العلامة إبن باديس و الشيخ البشير الإبراهيمي... والكثير. الذين رسموا أجمل التضحيات في سبِيل إرساءِ وتثبيت الهُوية الوطنية التي إستمدت رُوحها مِن صَلابة البربر ومدنية الفِينيقيين وبُطولة العرب وكان سنامُها الإسلام الذي مسح بِبركته على هاتِه الأرض الطيبة ...فالمجد والخلود لشهداءنا الابرار.