لا اعتقد أن أي إنسان خلقه الله لم يمر بالحزن، بل هو وارد وفي حالات مختلفة ومتنوعة، والحزن شعور مزعج ومؤلم، ولونه سيء، نعم سيء جدا حين ترتسم معالمه على وجهك وتذبل عينيك من قوته، كم ذبلت عين أم موسى على موسى عليه السلام، فقال خالقي جل علاه{ فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ}، مرارة الحزن كالنار تصطلي في الصدر وجوانب الروح، وإذا طال حال من أصابه ذلك الشعور، فهو لم يرجع إلى طبيبه الطيب.
لكل ألم علاج ولكل علاج طبيب، والله كفيل بهذا الحزن إن لجأت إليه وسلمته الأمر بين يديه، إن رفعت يديك وتضرعت إليه، الله كريم وبابه مفتوح دومًا، كم من حزن مر بي ووجدته يسقط من روحي ووجهي خاضع في الأرض أرجوه، كم يومًا مر علي شعرت فيها بأن الدنيا أصبحت مظلمة لا أرى فيها إلا الحزن، فأنقذني الله وأرجع ألوان دنياي إلي.
كل حزن مررت به كان واقف بقضاء الله وقدره في محطة الحياة، أنا فقط وقفت عنده لبرهة من الزمن ومضيت، نعم مضيت في طريق الحياة الذي كتبه الله لنا في اللوح المحفوظ، وهذه المحطة والمواقف عديدة وكثيرة، ونحن من نتجاوزها وليست هيَ، لكن هل تعلمون كيف نتجاوز ومن المعين لنا في ذلك، أنه الله نعم الطبيب.
تعلموا أن تلجوا إليه في كل حين وليس عند كل موقف أليم، كن مع الله في الرخاء يكن معك في الشدة، والله إن شعور الحزن ليخف ويزول مع الله لا غيره، بل ستشعر أنك ما مررت بهذا الموقف إلا لحكمة لا يعلمه إلا الله فتصبر وتحتسب، وفوق هذا تؤجر!، أريت كرم طبيبك كيف؟ يحزنك ثم يشفيك ويؤجرك، سبحان ربي وبحمده.
مع الله لا تحتاج إلى موعد لتطرق بابه فهو موجود دائمًا، وعليم بكل حالك أكثر منك، لذلك إذهب إليه في أي وقت وأي ساعة وأي يوم، دون موعد، فعن النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال: (إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري، سبحانك ربي ما الطفك، أذهب إلى الله يأتيك الله بما تريد، لكن إذهب إليه بيقين كيقين يعقوب عليه السلام برجعة إبنه يوسف عليه السلام فقال رب العزة سبحانه: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، وهذا اليقين وقد بيضت عيناه من الحزن {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْن فَهُوَ كَظِيم}. فأرجع الله له بصره، وجبره جبرًا عظيم..
-
jaohar alamriماجستير في المناهج وطرق التدريس، شغوفة بالكتابة، فهي رئتي الثالثة و الأكسجين الذي أتنفسه بين حين وآخر..