هكذا هي القدس وفلسطين في ضمير أهل الجزائر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هكذا هي القدس وفلسطين في ضمير أهل الجزائر

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 28 مارس 2019 .

هكذا هي القدس وفلسطين في ضمير أهل الجزائر..

هيام فؤاد ضمرة..


لستُ أستغرب حضور العلم الفلسطيني في ساحات الحراك الشعبي في الجزائر، وما أدهشني ذلك أبداً فالأمر لم يأتي عبثاً ولا من وحيَ الاستلهام، فالشعب الجزائري مخلص بطبيعته العميقة والراسخة، يحركه ضميره بالاتجاهات الوطنية السليمة، لا ينسى ولا يغفل مُوصلات دمه التي تغذي فيه العدل والمصداقية ولا يُفصم عنده الشريان مهما كانت الظروف ومهما ادلهمت الخطوب، فرغم البعد الجغرافي بينهما إلا أنهما الجزائر وفلسطين توأمان يندمجان في بوتقة الانتماء، رئتان تتنفسان على نسق واحد، وقلب نشأ على ترنيمة نبض واحدة، وهما عبارة عن عين يمنى تجاور عين يسرى فيفتحان الأهداب معاً ويريان الأشياء معاً، ويغمضان معاً، ويدمعان سويا إذا ما تألم الجسد، وطنان ربط التاريخ والملاحم بينهما بعرى الالتحام.

فبلد النضال والمليون شهيد شعبه يمتلك قلبا عاركته الأيام والأحداث الجسام، ويحمل عقلا هو محور تفكيره يرى الحق حقاً فيتبعه ويرى الباطل باطلا فيرزقه الوحي اجتنابه، ويرى طريق النصر الطبيعي بالنضال حتى النصر، شعب رضع النخوة والمروءة من ثدي الأصالة

فالشارع الجزائري كثيرا ما عبر عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني المناضل تعبيراً ومشاركة مؤكدا على عروبة فلسطين التاريخية واسلاميتها وصدقية حقوقها، وكثيراً ما خرج شعب الجزائر انتصاراً لقضاياها في الدفاع والنضال، فالعلاقة وطيدة وقديمة، عريقة وساطعة.

ففي فلسطين هناك الكثير من العائلات ذات الأصول الجزائرية ارتبط مصيرها بأهل فلسطين، وفي المقابل هناك العديد من العائلات الفلسطينية تعيش في الجزائر منذ أمد بعيد، والفلسطينيون يتوارثون في مأكولات تراثهم أكلة أصولها مغربية هي (المفتول) والتي يطلق عليها المغاربة اسم (الكسكسون) وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على وجود الاحتكاك الفلسطيني المغربي بقوة منذ وقت بعيد بعد التاريخ، فالطبيعتان تتقاربان مثلما القلوب تتقارب، والأمزجة تساكن الأمزجة.

فكانت فلسطين منذ وقت مبكر تزود الجزائر بالمعلمين من شبابها المنتخب والمهندسين والأطباء، والأمير عبد القادر الجزائري اختار فلسطين حين خيرته فرنسا في بلد المنفى، إلا أنها نكاية به نفته إلى دمشق لتحرمه حلمه، فأرسل عائلته لتعيش في فلسطين خلال فترة منفاه، وللجزائريين أوقاف وأملاك في مدينة القدس وأكنافها، وانتخبت حركة فتح الفلسطينية من قبل دولة الجزائر كجهة معتمدة لتدريب أول الفيالق العسكرية المنتسبة للجيش الجزائري في بداية تأسيسه بعد نيل الاستقلال وكان هذا في مدرسة شرشال.

والذي مكَّن صلاح الدين الأيوبي من تحقيق النصر على فلول الصليبيين المستعمرين تلك النجدة وذلك المدد الآتي من الجزائر وبلاد المغرب العربي، عبارة عن مائة وثمانين سفينه محملة بأعتى المقاتلين وأشدهم قوة ولياقة وبكامل عتادهم، انضموا إلى جنود صلاح الدين وفيهم توق عجيب للنصر، فكانوا أسوداً شديدوا البأس، وأبلوا في معركة حطين بلاءا حسناً منقطع النظير، مما جعل صلاح الدين يمنحهم أول وقف في الاسلام داخل أسوار مدينة القدس، وهي لليوم تحمل اسم حارة المغاربة، وحملت بوابة سور القدس المحاذية لحائط البراق في المسجد الأقصى اسم بوابة المغاربة أيضاً كونها تنفتح على وقفهم.

وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين شاركت في المؤتمر الفلسطيني الدولي الأول في العشرينات من القرن المنصرم وكان دورهم داعما قويا لفلسطين أرض الحشر والرباط، والتاريخ لا يغيب أثارهم أبداً فالعلاقة أزلية متينة، وهم يعون معنى سرقة الأوطان ودخول المستعمر إليها إنه الوجع الذي لا يبرأ إلا بالتحرير.

والشعب الجزائري في الوقت الذي خرج به مطالبا بحقوق مواطنته والاصلاح السياسي والمعيشي، لم تغفل عينه عن قضية الأمة الأولى فلسطين، فرفع علمها عاليا ليفقأ عين الخائنين العرب الذين ارتموا متهالكين عند أرجل بني صهيون كحثالة التاريخ، فالجزائر بلد النخوة والبطولة والمليون شهيد سطروا تاريخهم شرفا عظيماً خلال معارك تحرير بلادهم وخلال معارك تحرير مدينة القدس وكامل بلاد

وحول حضور العلم الفلسطيني ورفعه في المظاهرات كناية عن مطالب الشعب بالانتماء العروبي والاسلامي، وتبني قضية الانتماء للقدس وأرض الرباط والمحشر لما لقيمتهما الإسلامية من دور عظيم، فما زالوا يتابعون البطولات الفلسطينية بكثير فخر ويسجلون مواقفهم المشرف بحروف من ذهب ، لكنهم بالوقت ذاته ينظرون نحوهم بأسى كونهم وحيدون في الساحة لا ظهر لهم بعد أن رفع العرب يدهم متخلين عنها وعن قيمتها العربية والاسلامية لأجل أن ينالوا السلم في مواقع حكمهم، لكنه في الحقيقة شرف ورفعة للفلسطيين وسط سقوط ذريع مريع غير بعيد للخائنين، فالعدو لا يمكنه أن يخفي أنيابه طالما هي ما زالت تقطر الدماء.

فرغم الجهود الجبارة التي يحاول المستعمر الأجنبي زرعها في عقل أهل المغرب والجزائر بأن العرق الأمازيغي ليس بعربي وأنهم ينتمون للعرق الأوروبي، فإن أصولهم تشدهم للجانب العربي بكل قوة والذي هم حقيقة منه والتاريخ يؤكد هذا الانتماء، ويعود إليهم فضل فتح الأندلس وإقامة دولة الحضارة العربية هناك

إن تأثر السفير الفلسطيني في الجزائر وبكائه من موقف دعم الجزائريين للقضية الفلسطينية وحضور علم فلسطين مرفوعا في الحراك الشعبي والأهازيج والشعارات التي ترددت في نصرة القضية الفلسطينية من الطبيعي أن يجعلك في قمة التأثر العاطفي وقمة التقدير والاحترام لهذا الشعب الواعي والمنتمي لعروبته الأصيلة، فهم بذلك يعتبروا على ما يحملوه من شرف انتساب آخر أمل لفلسطين ما لم تتلاعب بهم قوى الاستعمار وتشوه أفكارهم كما فعلوا بأهل الخليج، وأظن وأنا على ايمان راسخ أن شعب المليون شهيد لا يرخص أبداً لوعود الغرب الذي تحركه دولة الاحتلال، فالأمل كبير ألا يسمحوا بذلك أبداً في أي وقت، فالشعب الجزائري شعب صلب المراس ثابت على الحق والعدل.

المظاهر الايجابية الحضارية التي أظهرها أهل الجزائر خلال الحراك تجعلنا نرفع لهم القبعات احتراما وتبجيلا رغم أن رفع القبعات ليس عادة عربية ولا هي من ملبوسنا العربي فنحن قوم أهل حطة وغترة وشماغ، لكننا نماشي الزمن ومتغيراته، وها هو الفضاء الأزرق يحرك فلول المنتفضين للمطالبة بالحقوق العادلة والاصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد بوعي ظاهر وغلبة شبابية واضحة، ما يعني مدى توسع المشاكل المعيشية وتأثيرها على المواطن الجزائري المحروم من توفر فرص العمل لتوقف المشاريع ذات الطاقة التشغيلية العالية الأمر الذي يضع التساؤلات موضع الصدارة..

ما الذي يريدة بوتفليقة من تشبثة بالرئاسة وهو العاجز تقريباً صحيا وذهنيا؟ وما المصالح الذاتية التي يحققها من هم يديرون دواليب الحكم نيابة عنه ليجعلوا منه أيقونتهم الثمينة، ودجاجتهم البياضة لبيض الذهب؟

لماذا لا ينهي الرئيس فترة حكمه بالاستقالة بصورة كريمة شريفة تليق بمكانته ودوره وعمره وينال تكريما مناسباً من شعبه ويرحل عن المشهد السياسي بكل الأبهة والاحترام ليقضي آخر إيامه مستجماً مرتاحاً من المسؤوليات، ويترك أمر قيادة البلاد لمن هم أقدر على إدارتها؟ فباستقالته يوفر على البلاد التعرض لكثير من العقبات وأكثر بكثير من المخاطر التي لن تجر إلا للمزيد من المحن، أيامه الباقية قليلة فليجعلها مضيئة في تاريخ الجزائر.

أحيي الشعب الجزائري على وقفته الرجولية التي لا تبدلها البدائل ولا تغيرها التقلبات وعلى حبهم للجزائر العظيم ... ولطالما رقص قلبي طرباً لمواقف عامة أبداها عدد من مثقفي ومفكري الجزائر بجرأة وصراحة وطلاقة قول كانت تجعلني أقف احتراما وأرفع عقيرتي بالقول ربي يحييك أيها الأصيل.. أحبك يا أعظم الجزائر وأحبك يا شعب الجزائر فأنتم ما زلتم الرجال في زمن عزت فيه الرجولة.



  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 28 مارس 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا