انتهيت البارحة من قراءة كتاب '' المرحلة الملكية'' للدكتور خالد المنيف..
الكتاب الذي قُدم لي كهدية من شخص أعرفه قبل عام أو أكثر و بقي ذلك الكتاب طريحَ طاولةٍ لدي أرفعه بين حينٍ و آخر عندما أبحث عن بطاقة مفقودة أو إن نسيت أين وضعتُ مفتاحَ سيارتي و أحياناً كانَ يمارسُ دورَ المنضدة إن قمت بكتابة قائمةَ لمستلزماتي الشهرية.
و من باب العدل له كنت أقراء بعض صفحاته ليلاً إن كانَ الأرق ضيفي و ما سوى ذلك فلم يكن إلا كمدرج مطارٍ مهجور تهبط فوقه حباتٌ من الغبار دون إقلاعٍ مرة أخرى، إلى أن عزمت الإفراج عن أوراقه و إطلاق العنانِ لمحتواه لعلي به اتجاوز مرحلة الملل.
في الحقيقة لا أعلم سبباً لجفائي ذلك الكتاب ولكن ربما أن القصةَ كانت أعمقُ من ذلك.
وتبدأ المشكلة في من أهداني الكتاب ناصحاً لي بقرأة محتواه.
قال: لي عن فوائدهِ و كيف وجدَ به نصائحٌ واقعية بشهادةِ سنه الذي تجاوز الأربعين عاماً وكيف أنه تخطى أزمةَ طلاقه الأول و إنفصاله للمرة الثانية و أشاد بتحسن علاقته بأبنه الأكبر الأقرب في سنه لي من والده.
أخذتُ الكتاب بيميني بقوة ونظرت بظهر الغلاف كمل يفعل المثقفون بالعادة كنت أحاول أن أتقمص دورهم أمامه، وجدت ان الكاتبَ قد خط رسالة بمختصرها أنك ستصل للنضوج الفكري الذي وصل له بعد أن تخطى أعواماً أكثر من قريبي.
لعلي شعرتُ بأنانيةِ الكاتب و حماقةِ المُهدي وهما يمنعاني من أن ألعبَ دوري في ملعب الحياة و أمارس الأخطاءَ فعلياً و أن أرتكبَ الحماقات و أن أواجه الصدمات، تماماً كما يفعلُ ''العشرينيون'' .
أراد القريب مني أن أتقن ما أتقنه بعد تجاربهِ و إخفاقهِ ونجاحهِ أخيراً، شعرتُ أن الكاتبَ يريد مني أن تحايلَ على قانونِ الحياة و أن أقفزَ فوقَ سنينٍ يتوجدُ عليها كثيرون ممن هم في أرذل العمر.
كأنه يعلم أنني أُرهقُ قلبي دائماً عندما يسقطُ كل يومٍ عقلي في غياهبِ الأفكار والتفكير، ربما أحسستُ أنه فتيلة ستزيدُ النارَ داخلي إضرماً، راودني الشك في صديقي الذي بحتُ له بتفكيري الزائد عن حدهِ وكيف يحول بي ذالك دونَ شباب عمري، لاسيما أن بين طياتِ الكتابِ لمحتُ قصصاً وتجاربَ لأدباءٍ و شخصيات بعضهم قد توفى منذ زمن رحلوا بعد رحلة طويلة في مصارعة الحياة، ربما غاب عن ذهن الكاتب بيتٌ من شعرِ لا يخفى على أحد قاله شعارٌ متوجدٌ:
فياليت الشباب يعودُ يوماً
فأخبره بما فعلَ المشيبُ
أحبتي..
تنفسوا بعمق و كونوا في أدواركم و أرعوا حياتكم بحقولِ أعماركم.. مارسوا الحمقات وأضحكوا عليها مع أقرانكم.. واجهوا الصدمات و خذوا منها قوتكم..أخرجوا جميلَ ما في نفوسكم..غبائكم عفويتكم بساطة تفكيركم..
أحبوا بصدق و أكرهوا بعد يومين ثم أبحثوا عن عشقٍ جديد.. تخبطوا في بحرِ الحياة كما فعل أسلافكم..
لا تتعجلوا الوصول للبر فليس على الشاطئ والمرسى سوى قبر و ورحيل.
( مجرد خاطرة لا تمثل رأيي في الكتاب ولا الكاتبة)
-
عبدالعزيز فقيهمحب للكتابة.. اطرح ما جاد القلم به وما راق للورق احتضانه.. Snap: ziziz93