سأَختار الحُزن - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

سأَختار الحُزن

  نشر في 19 نونبر 2021 .


فى لحظة ما أثناء تصفحّي لبعض الصور على هاتفي وقعت عيني صدفةً على صورةٍ تَجمعني بوالدي رحمة الله عليه،

ومن لهفتي لرؤيتها تاهت مني، فتسارعت ضرباتُ قلبي لا أعلم لماذا!
وصِرت أبحث عنها كالمَلهوف،
كطفلٍ صغيرٍ تاهَ منه أبوه،
وأنا في الحقيقة .. طفلٌ صغيرٌ تاه منه أبوه،
فصرت تائهاً حقيقة ومجازاً .. فبكيت،
والله يعلم أنّني لم أبكي ضعفاً ولا جزعاً ولكنه الإشتياق يعبث بقلوبنا متى شاء .. وكيفما شاء.

وأنا الذي أدعي الصلابة،
صلابةُ البالغين تلك،
صلابةٌ كاذبة،
صلابةٌ هشة،

وأنا الذي عشت دهراً أظن أنني لا أملك رفاهية البكاء،
وأن البكاء ضعفٌ، وأن الرجال مهما أصابهم من الكمد صامدون،
ثابتون،
لا يعتريهم الضعف ولا ينخر عظم رُجولتهم إلا البكاء،
كذبوا والله فما برد قلبي وقتها سوى البكاء،

أدين بالفضلِ كلَّ الفضلِ لمن علّمني أنني أملك حق الإنهيار،
وأن الإنهيار ليس اختياراً أو رفاهية،
وأنني لست تمثالاً صامتاً أراقب الآلام والأحزان من حولى بلامبالاة،
إنما أنا بشرٌ له قلبٌ يتقلب بين الفرح حيناً و بين الحزن أحياناً أخرى،

أفقت من بكائي وقلمي يتهاوى بين أصابعي،
رأسي على الطاولة وأوراقي قد بللتها مدامعي،
أسأل نفسي سؤالاً واحداً،
لماذا أختار الحزن دائماً؟

“بين الحزن واللامبالاة .. سأختار الحزن”

علي عزت بيجوفيتش

عزيزي ،
أنا لا أختار الحزن أنا أكره اللامبالاة،
اتحسب ان الحزن صديقي آلفه ويألفني،
آتيه ويأتيني .. من حين لآخر،
وأنني - مختارا - أحببت صحبته ورفقته؟ أحقاً تظن هذا؟

إذا ماذا يفعل الواحد منّا في وحدته وشعوره بالاستياء،
ماذا يفعل في خوفه وقلقه ورغبته في الاختفاء،
ماذا يفعل في صمته وكلامه وفوضاه،
من يتحمل فوضاه،
ماذا يفعل في ألمه وشكواه ،
أخبرني ماذا يفعل؟
أيفترض ألا تشعره هذه الأشياء بالحزن؟ 

أنت لا تفهم الأمر على حقيقته! ماهكذا تُقاس الأشياء! ،

أعلم أن العالم ليس مكاناً مناسباً لمن يشعر كثيراً .. لمن يحزن كثيراً،
لكن أوتدري ما الأكثر قسوة من الحزن؟
الأكثر قسوة من الحزن .. هو أن تفقد شعورك به،
ألا تبالى بالألم ، ألا تكترث للأنين ، وألا تشعر بالحنين،
أن تمضي في الحياة بارداً كموقد منطفئ،
ساكناً كبوصلة فقدت وجهتها،
بائساً كتمثالٍ محنطٍ لا يحركه لحنٌ شجيّ ولا يثيره عبير الأزهار من حوله،

نعم لقد مررت بالحزن كثيراً ومر الحزن بي أكثر ..
لكنه لم يكن أبدا كهفاً أنعزل فيه .. بل شعوراً أعبره - ويعبرني - إلى ما سواه ..
الحزن ليس مكاناً آمناً ألجؤ إليه كلما تقطعت بي السبل أو ضاقت بي الحياة،
لكنه حق مكفول لقلبي متى تألم متى فارق ومتى شعر بالحنين،
الحزن يا صديقي ليس نقيضا للحياة أو زائداً عليها بل هو جزء منها.. هذا ما أردت قوله. 

لذلك احزن متى استدعى الموقف حزناً وإيّاكَ إيّاكَ ألا تبالي،
احزن يا صديقي لا بأس عليك وزين حزنك بالبكاء،
وافرح بحزنِكَ لأنك تحيا رغم الألم ورغم الهروبِ.
واصبر وما صبرك الا بالله،
واحمد الذي لا يحمد على مكره سواه.

لذلك بين الحزن واللامبالاة .. بكل فرحٍ سأختار الحزن.




   نشر في 19 نونبر 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا