غذاء الروح و كلمات عابرة للأزمان تؤسس عندما تهب للحضارة و للقيم و للأخلاق.
فبين دفتي خير جليس تلج عالم التاريخ، و تتلذذ بمآثر الراحلين وتطرق أبواب الطب و الكيمياء والحرف والعلوم .هي الزاوية المشعة المطلة على حياة المستقبل، و هي أداة تنظيم الحياة ومستودع الأحكام والقوانين الثابتة العابرة للأجيال. القراءة نهر رطب حلو المذاق يمر طارقا أبواب البشر، فمن إستجاب للنداء يرقى و يترفع عن براثن الجهل، و من تقاعس عاش أبد الدهر بين الحفر.
القراءة هي أداة فعالة لتطوير الذات و إكتساب المعارف و اللغات و بناء الشخصية، وهي بذلك فعالة جدا ما اقترنت بتنظيم محكم وإستراتيجية هدفها القراءة لنرتقي لا فقط لنجادل، لنتعلم لا لنتعالم، تحت غطاء دروس الفلسفة التي تملي عليك انك حتى و إن تعلمت من امر شيئا فقد غابت عنك أشياء.
القراءة في جوهرها آلية بناء حضارية لإرضاء عطش الباحث عن انجع المركبات لبناء عقل سليم متشبع بالقيم العلمية التي تنوره بأبهى المعادلات الفكرية و انجحها و انجعها، صانعة بذلك جسما عفيفا مترفعا عن المحرمات و المضرات والمنغصات، ذلك أنه يرى في القراءة ملجأ و ملاذا للترفيه عن النفس ودحر الضغوط و بناء الإنسان .
إن الراضخ لقواعد القراءة تجده يصنع من عالمه البسيط قصرا، و من الحاجة موضوعا لصياغة النصوص، و من التواضع منهجا يبقيه شامخا عندما ينطق الجاهل، و حكيما عندما يتجرأ الأجوف، لما يمتلكه من حس التوازن العاطفي الذي يؤهله لترتيب الأولويات و تسبيق الأهم، ما يؤدي لإنقشاع الحقائق وطفو مناهج النجاح . فالقارئ المتعطش للعلم يقضي سواد عمره بين دفات الكتب لتأطير المكتسبات ورفها في أرشيفه الخاص المصنف و على الدوام في ثوب مصادر الأحكام، ولكن ومع كل ما تكسبه القراءة من قدسية وجب إقترانها بمجالسة أهل العلم والعلماء، لينهل المرء منهم الشهد و يقوم ما إلتبس عليه، فالمسكن مع كتب الطب لا يجعل منك طبيبا ولا مهندسا و لا فقيها، بل صاحب معرفة وجب تصنيفها في إطارها وحدودها لتجسيد معالمها في الواقع، لتترجم في شكل أخلاق و تصرفات وحضارة ....
وفي النهاية وبرغم المغريات والملهيات يبقى خير جليس في الأنام.... كتاب.
محمد بن سنوسي
12-03-2022
-
بن سنوسي محمدمدون حر اطرح افكاري و اسعى للمشاركة في اصلاح المجتمع