التطرف والعنف.. وآفة الانحرافات العقلية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

التطرف والعنف.. وآفة الانحرافات العقلية

آفة الانحرافات العقلية

  نشر في 16 يونيو 2017 .

التطرف والغلو... وآفة الانحرافات العقلية

بقلم هيام ضمرة


ما كان فكر التطرف والغلو وصل إلى ما وصل إليه من واقع الحال في الزمن الآني إلا رد فعل ضارب بالانفعال لعوامل عقلية ذاتية تبالغ بالتحليل والتبرير بغير عمق تحت تأثيرات نفسية معقدة، وتمنح نفسها دور الحَكَم والحاكم وقد تتطاول إلى دور الجلاد، وعلى الأغلب تتدخل الظروف الاقتصادية الخانقة لتحمِّل ذلك الانسان ضغوطا فوق طاقة الاحتمال مما يحوله بداية للاكتئاب والتخبط بالقرارات أو لتجمع الأحقاد في عقله ومن ثم الرحيل إلى ذاته فيعذبها أو ينهي حياته بالانتحار أو الانتقال نحو الآخر مع لحظة تفجر داخله بالأفكار غير الإعتيادية المبالغة برد فعلها، ، ناهيك ما لتأثير الأوضاع الاجتماعية والسياسية من حالة تخريبية على العقل وما تتركه معاملات الاستبداد ومحدودية دائرة الحريات في زلزلة عقلانية الانسان

والعقول في عملياتها الكيميائية عجيبة غريبة تنحى لأمور هي أقرب للا معقول، وكأن هذه العقول قد أصابها عطب ما فأحدث بها التواءاً فادحاً وتفريغا جنونيا فهوى بها من علٍ محطما وعي الاعتدال، ولأن فكر التطرف والغلو حالة عقلية مرضية تستوطن النفس الامارة بالسوء وتعكس طبيعتها فيصبح صاحبها سوداوي النظرة سطحي النبرة لا يُحكم عقلة بالأعمق والأوفى من المعلومة، فيرى الأشياء بغير لونها الطبيعي وغير حقيقتها المتجلية، وتصبح تصرفاته غبر محكومة باتزان ولا يمكن التنبؤ بمدى سرعة تطورها وشدة انفعالها

وهناك نوع آخر من العقول الموهومة التي يسهل التلاعب بها وتحريض مفاهيمها المغالطة من خلال عملية استبدال فكري بما نسميه غسل العقول واحلال عكس ما كان بها مما يجعلها تجنح باتجاهات فكرية غير سوية، تتخذ من الحد المتطرف موقعا لانشغالها الفكري، والغلو أن يغالي المتطرف برد فعله مبتعداً عن موقع التوسط باتجاه السلب افراطاً أو تفريطاً، والتطرف والغلو مصطلحان متلازمان إذا ما حضر التطرف كان الغلو، وأينما ظهر الغلو اعتبر تطرفا

والمعالجة الفكرية لموضوع التطرف والغلو تستلزم عودة إلى قيم الدين وثوابته الأصيلة، ونزع عوالقه وتنقية محدداته، فالوعي الصحيح هو أساس العلاج حيث الاستناد إلى تأصيل الفكر الاسلامي الواقعي ولملمة شتات المزق العربي، واقتلاع جذور الاحتلال وتحرير الوطن المغتصب، ورد الحقوق إلى أصحابها والولوج إلى مقتضيات القضايا المهمة في كل الأوطان من خلال الدخول إلى قضايا الناس وتقديم الحلول المناسبة لهم

وقف التعنصر لأي جهة مهما كانت الدوافع وتحقيق أجواء العدالة المتوازنة المنسجمة مع القيم لنسف فكر التكفير على خلفية الاختلاف، وقطع دابر الفكر المتعنصر من خلال متابعة حثيثة من الجهات الأمنية لمحاربة أسباب التطرف وفكر التطرف المتداول بين النخب الدينية والفكرية والثقافية، فالرقابة بحد ذاتها هي المطلوبة وليس كبت الحريات حتى لا تتحول الرقابة تحت أي ظرف الى سوط مسلط على الرقاب يخنق الأصوات الحرة ويحاصر عدالة الحقوق، وترك مساحة كافية للفكر المتنوع الايجابي حيث التنوع اثراء عظيم للعقل البشري يوسع مدارك العقل ويطلق آفاق الرؤية والوعي لهذا كان الحل الفكر الوسطي أفضل أدوات العدالة الانسانية والخيرية بالعمل كون الانسان مكلف بالاعمل والاعمار بحد ذاته هو اعمار انساني ومادي معني بالتطور الحضاري بما يخد الانسان نفسه، والوسطية تجمع فكر الفضيلة والخير والعدالة لقوله تعالى ( وجعلناكم أمة وسطاَ لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداَ) 143 البقرة.. والشهادة أمانة انسانية في حسن التعامل الانساني ومراعاة الحقوق الانسانية لتحقيق وافي للعدالة وضبط ردود الفعل البشري تجاه مواقف الخلاف والاختلاف فلا خشونة تجرح رقة النفوس ولا ليونة تفيض عن حاجة الطبيعة الانسانية، والوسطية تلك المعاملة التي تمتاز بجودة التفكير وجودة التعبير وجودة اتخاذ المواقف التي تسهل على الناس أمور حياتهم ولا تعقدها أو تخنقها في ضيق محاصر لتسهيل حياة الناس وعدم اللجوء للكبت والخصام، فالاعتدال سمة الشرع وعلامة التميز فيه، فالقرآن الكريم مصدر سامي للشريعة والمعاملة وقانونها ( وما جعل عليكم في الدين من حرج)78 الحج.. وفي قوله تعالى ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) 286 البقرة

نبذ المغالاة بالمواقف وعدم خلط الأمور ببعضها، فالمغالاة هي تجاوز عن الحدود وميل للتطرف ومجاوزة للعدالة وهي بالتالي خروج عن انسانية الانسان بالمعاملة الحسنة وتحقيق لمبدأ العدالة الالهية في الأرض لقوله تعالى ( قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحقِّ ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا غن سواء السبيل )77 المائدة

فالتحكيم على مبدأ العدالة هو حل سليم لكل المواقف الانسانية والمغالاة بالحكم على الأشياء هي من باب ظلامية العقل والفكر لا تؤدي إلا إلى الفعل المجانب للصواب فيضلوا عن سواء السبيل

وما جاء في مضامين رسالة عمان من عمق فكري سليم لهو يجعلها رسالة حكيمة تخاطب العقل البشري بوسطية واعتدال فتدعو الى التسامح والتلاقح والتقارب والمآخاة الانسانية وعدم التفريط ونبذ نزعات الغلو والتطرف، وهي رسالة يتبدى فيها فكر الاعتدال على أسمى ما يجب أن يكون عليه الواقع حسب فكر القرآن الكريم ووفق ضوء الاطار التشريعي

وقد نبهت ذات الرسالة إلى ضرورة ترسيخ البناء التربوي للانسان القائم على الثوابت الأخلاقية وقيم الدين الفاعلة والعاملة على تشكيل الشخصية المحصنة ضد كل ما هو سلبي وغير انساني، فتشكيل الفرد الايجابي هو تشكيل للأسرة الايجابية وبالتالي هو تشكيل للمجتمع الايجابي، هو هرم السلامة والايجابية بل هو تنمية شاملة مبنية على أسس صحيحة وثوابت قوية في البناء المتوازن الصحيح المحقق لأجواء العدالة والسلامة في أجواء من السماحة والسلام



  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 16 يونيو 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا