"الحل في ليبيا حل سياسي ."
يحاول الغرب المتواطئ خاصة الأوروبيون إعادة تأهيل حفتر المنهك والمثخن بجراح هزائمه المتتالية من حكومة الوفاق بأي ثمن،وما زيارة حفتر إلى ماكرون وميركل إلا نسخة كربونية من زيارتيه السابقتين في يناير الماضي واللتين انتهتا بعقد مؤتمر برلين الذي نقض حفتر مخرجاته وأعاد الأمور في ليبيا إلى نقطة الصفر .
يدرك حفتر حرج موقفه بعدما ترك فشله أمام قوات الحكومة الليبية الشرعية وأصبح أضحوكة العالم قبل الليبيين نتيجة إعلاناته المتكررة عن ساعة الصفر التي سيحرر فيها طرابلس قبل أن تهزم قوانه على أبوابها وتقفل عائدة تجرجر أذيال الخيبة،لذا يحاول العودة للمشهد السياسي في بلاده بأية طريقة ولو بمنصب وزير دفاع في حكومة الوفاق يمكنه بعده إعادة ترتيب أوراقه وتنفيذ انقلاب على شاكلة انقلاب السيسي في مصر جارة ليبية الشرقية.
غير أن حفتر يفشل خططه بنفسه ويساعده حلفاؤه في ذلك بغباء منقطع النظير،فبينما كانت تجري الاستعدادات لمؤتمر برلين على قدم وساق شنت قواته هجوماً عنيفاً على طرابلس متسببة في مقتل العشرات وتهجير الآلاف وتعطيل حركة الطيران،وظناً منه أنه سيرغم حكومة فائز السراج على الخضوع لمطالبه وافق رجل القذافي على تنفيذ الطيران الإماراتي المسير غارة على الكلية العسكرية بطرابلس موقعاً خمسين شهيداً من ضباط الكلية .
وبالإضافة للدعم الدبلوماسي الأوروبي يعتمد حفتر بشكل كبير على معونات قوى الثورة المضادة في مصر والإمارات والسعودية وأحياناً روسيا وإسرائيل،فقد عثرت الفصائل الثورية الليبية غير مرة على أسلحة مصرية قتلت مدنيين وعسكريين ليبيين في مواقع القتال،كما قتل وأسر عسكريون مصريون في ليبيا زعم النظام العسكري في مصر أنهم قضوا نحبهم في معارك ضد الإرهاب في سيناء المضطربة .
تنفق الإمارات بسخاء هي والسعودية على تمويل قوات حفتر،ولاينسى العالم كيف أن معركة تحرير طرابلس في أبريل 2019 شرع فيها حفتر بعد أيام معدودة من لقائه الملك سلمان في الرياض ومنحته أبو ظبي أسلحة فرنسية وأمريكية واستقدمت له مرتزقة من قوات الدعم السريع السودانية لينجز مهمته لكنه عاد صفر اليدين حتى وصل الأمر بالإماراتيين للتدخل بشكل مباشر لتحقيق أهدافهم بعد فشل حفتر المتكرر .
قدمت إسرائيل شركات شحن لنقل السلاح لحفتر وتطمع مستقبلاً في تطبيع العلاقة معه كما تفعل مع نظيره السوداني عبد الفتاح البرهان،وساعدته روسيا بمرتزقة محترفين من شركة فاجنر المقربة من الكرملين غير أن بوتين تقهقر للوراء بعد انكشاف أمره حتى لا تسوء صورته دولياً أكثر مما هي عليه نتيجة تورط قواتع في قمع كل ثورة تندلع في العالم العربي دون الحصول على ثمن مناسب اللهم إلا في سوريا .
يعتبر كل مناوئي الثورات العربية حفتر حصانهم الرابح،فهو سيسهل لفرنسا الحصول على حصة معتبرة من كعكة التنقيب عن النفط الليبي ويطمع السيسي كذلك في ابتلاع نفط الشرق الليبي ثمناً لدعمه ليحسن من وضعه الاقتصادي الحرج ويمني السعوديون والإماراتيون أنفسهم بالإجهاز على الثورة الليبية حفاظاً على عروشهم وثرواتهم المنهوبة من أقوات شعبيهما وتعول عليه ألمانيا لمنع تدفق المهاجرين الشرعيين إلى أراضيها حتى لا يسطع نجم اليمين ومن ثم يزيح الحزب الحاكم ويتولى مقاليد السلطة بدلاً منه .
لكن كل هؤلاء رهاناتهم خاسرة،فقد تعلم الليبيون الدرس القاسي من مصر ووقفوا بالمرصاد لمخططات حفتر وداعميه ودخلت تركيا على الخط لإجهاض انقلابه حتى لا تتحول ليبيا لوكر مؤامرات ضدها خاصة مع مواردها النفطية وتسير على درب السعودية والإمارات في التآمر على أنقرة كما أن الخناق يضيق على حفتر مع رفع ليبيين في الخارج تعرضوا لانتهاكات على يدي قواته لقضايا ضده مما يعني حال سارت هذه القضايا في مسارها الطبيعى أن المجرم الليبي سيلاحق .
غير أن داعمي حفتر الذين يحارب عنهم جنرال الجماجم بالوكالة سيحاولون منع سقوطه وفرض سيطرته على طرابلس بأي ثمن،ولو كان هذا الثمن هو أنهار من دماء اللبيين تغرق البلاد من أقصاها إلى أقصاها لذا وجب تحذير الثوار الليبيين بأن الأسوأ لم يأت بعد وعليهم أن يبقوا أصبعهم على الزناد .
-
أحمد زكىصدرت لى عدة كتب سياسية بين 2013 و2018 مثل اغتيال رفيق الحريرى العدالة الموقوتة والأكراد حلم الوطن المستحيل