رؤيتي لـ ِ .. استرداد عمر
جرعات مؤلمة من .. أين كنا و كيف أصبحنا
نشر في 01 فبراير 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
كانت قصص الفاروق و أخباره تستهويني منذ طفولتي ..
ربما لأن القصص عنه كانت تأخذ طابعاً مختلفاً عن قصص الصحابة الآخرين رضوان الله عليهم .. كانت سير حياتهم مثالية و منطقية .. رائعة و رتيبة غالباً لكن أخبار عمر بعيون طفلة كانت أقرب للأساطير و أفلام ديزني المشوقة و الممتعة
لقد أعاد استرداد عمر إلى جوارحي مشاعر طفولية لذيذة قديمة .. لكن ليس هذا فحسب !!
هو قصة حياة لكن في محتواه الكثير من التحفيز و المقاربة مع واقعنا .. و كأني أرى بين سطوره عبارة
كن عمر ... عمر استطاع فلم لا تستطيع .. عمر فعل فلم لا تفعل
من النقيض إلى االنقيض بنفس القوة و ذات العزم انتقل عمر .. بنفس الإرادة و التصميم و التمسك بالهدف ... لكن مع تغير الهدف و المبدأ انتقل عمر من الظلمة إلى النور و شخص كعمر عندما يولد من جديد لا يكون فرداٌ .. إنما يكون أمّة .. نعم لقد ولدت أمّة بولادة عمر .. و أعني هنا بولادته إسلامه و ليس ولادته البيوليجية
العمريون . عمر و أمثاله من البشر .. هم من تراهم يصرون على الحق و يلتزمون بمبادئهم لا يحيدون عنها , لا يهتمون بنظرة مجتمع أو ردة فعل أحد .. مايهمهم بالدرجة الأولى تطبيق مبدأهم و الالتزام به و نشره و الدفاع عنه حتى النهاية .. هم مناضلون حقاً لأجل أفكارهم و قناعاتهم و لا يهمهم لو دفعو حياتهم ثمناً لنشر و تأصيل ما يؤمنون به
هم أولئك الذين يصلون رحمهم مع من يقطعونه
أولئك الذين يقولون الصدق لو على رقابهم
أولئك الذين يلزمون أنفسهم بنمط حياة أقرب للمثالية و هم سعداء بذلك مع إرادة حقيقية لإصلاح من حولهم
أولئك الذين يدافعون عن المبادئ في كل الظروف و بنفس القوة
أولئك و من شابههم هم العمريون .. أسأل الله تعالى أن أكون و إياكم منهم
كتاب استرداد عمر عزف على أوتار مخيلتي فعشت الأحداث بعين المعاصر لا بعين المشاهد أو السامع و أن يصل كتاب بخيالي و مشاعري إلى هذا القرب من الشخصيات هو شيء نادر
في الحقيقة أتعبني استرداد عمر بقدر ما أمتعني ... ببساطة استرداد عمر كتاب يصفعك بضعفك و سلبيتك .. و الأهم بتقصيرك اتجاه الإسلام تطبيقاً و فهماً ..
كان عمر بحق يتنفس القرآن ..و هذا بالضبط ما منحه هذه الإرادة و القوة
من البداية للنهاية شعرت بعمر غاضبا مني... بالأحرى منا ..من جيلنا الذي لايفتأ يسرد الحجج و الأعذار لعدم الفعل ... لعدم التغيير
التغيير الكامل العميق هو ما نحتاجه للنجاة و بناء حضارة راسخة تعيد أمجادنا و تواكب عصرنا
ذلك التغيير الذي صنع من عمر الفاروق و الذي حوّل عمر من رجل جاهلي غليظ التعامل مع الناس متمسك برأيه ..يريد الفتك بالمسلمين إلى رجل ينشد الكمال بمقاييس دينه و عقيدته .. و بعد سنوات قليلة ملك بلاد المسلمين الواسعة من خراسان إلى قرطاج و سطر بعدله أبهى القصص
عمر عدو الظلم و الألم بأي صورة كان ( كم لفت نظري كلامه عن عروة و عفراء و حزنه عليهما لا بل و تمنيه لو كان على سدة الخلافة ووقتها ليجمع بينهما )
يفكر في البشر و الشجر و الحجر .. فكيف سينام .. كان عمر لاينام إلا سهوا
بعد انتهائك من قراءة استرداد عمر ..لا بد أن تغمض عينيك و تسأل نغسك .. أين أنا من هذا العملاق ... أين نحن من عمر و رفاقه عندها ستعلم لما نحن اليوم في ذيل الأمم ... و هنا يتضح لنا أهمية اسم الكتاب .. استرداد عمر .. ليس المطلوب منا استرداد تفاصيل حياة عمر و التباكي على أمجاد ماضينا .. المطلوب أن نسترد عزة عمر و إيجابيته و إرادته و عمله و إصراره على غرس الحق في النفوس .. أن نتغير و نغير ما حولنا و نكون بحق خلفاء في الأرض .. لأجل هذا خُلقنا .. و لأجل هذا كان عمر الفاروق .. في قانون عمر إما أن تكون كما أرادك الله أن تكون أو لا تكون .. و قد كان عمر
كاتب المقال : سماح المزيّك
-
سماح المزيّكإعمال العقل غاية ووسيلة معاً