السرد التعبيري نص شعري مكتوب بتعبيرية سردية، أي الرمزية الشعرية العميقة في نص نثري سردي بالجمل المتواصلة و الفقرات.
ان الكتابة التعبيرية تتميز بالرمزية الفردية الخاصة مما يجعلها متصفة بالتحليق و التعالي و الجفاف بالنسبة الى القارئ، و هذا امر يهدد القراء و ينذر بحصول قطيعة بين القارئ و النص ان لم تكن قد حصلت بفعل الحداثة و رؤيتها الناقصة.
ما تفعله التعبيرية السردية – و التي هي نص مابعد الحداثة- هو تمكين القارئ من تناول التحليق و تقريب التعالي و ترطيب الجفاف؛ بمعنى اخر ان النص التعبيري هنا يبقى محافظا على مستواه الايحائي الرمزي الا ان السردية تعمل على خلق ألفة بين القارئ و بينه لما تتميز به من سلاسة و ترابط و منطقية تجاورية و تعاونية. وبهذا تتحقق اللامنطقية المتشظية الشعرية في المنطقية المترابطة السردي، و هذا الاتحاد التضادي هو جوهر الشعر النثري.
ان السرد التعبيري بتعبيريته السردية يمثل اقوى حالات التجلي للشعر النثري الذي يسعى نحو اكبر قدر من النثروشعرية أي الشعر الكامل و النثر الكامل، و بهذه الميزة – أي تحقيق السرد التعبيري- للشعر الكامل في النثر الكامل يختلف و يتميز عن قصيدة النثر التي يطغى فيها السرد على الشعر أي انها نظام ( الشعر الناقص في النثر الكامل ) و يختلف عن القصيدة الحر ( الشعر النثري الحر المشطر ) الذي يطغى فيه الشعر على النثر أي انه نظام ( الشعر الكامل في النثر الناقص ).
ان هذا التجلي القوي للشعر النثري و للشعر و للنثر في نظام كتابي واحد اضافة الى تحقيقه الغايات الكتابية و الجمالية فانه بسلاسته و قربه يواكب العصر و يمثل النص الذي يريده القارئ المعاصر و يحبه و يمثل الوعي البشري المعاصر من حيث تركيبة العولمة و تقارب المعارف و تداخلها. ان الغايات و الانجازات التي يحققها السرد التعبيري و الميزات الفنية و الجمالية و الفلسفية يجعلها تجرية فريدة و كبيرة.