اشتريت (( سماعة أبل برو )) بتقنيتها الجديدة العازلة للصوت .. والحقيقة أنني اشتريتها وأنا أعتقد أنها زيادة عن ما أحتاج إليه ، فلا أدري هل هو سحر التسويق من الشركة أم حب التّملّك وتأكيد الذات لا أكثر ..

دخلت المقهى والكل منشغل ، هذا يحاور وذاك ينظّر وهؤلاء يتنازعون على الحساب ، وأنا أطلب بطريقة (( حقرة بقرة )) لأني لا أفهم في القهوة وأنواعها ، القهوة بالنسبة لي مشروب لا أحمل له إلا قليلاً من الإحترام ولكني أحب الأجواء التي تعيش فيها  ..

طلبت قهوتي .. وفتحت السماعة لأجربها وتعرفون معنى التجربة الأولى في كل شيء ..!

شغلت نظام العزل وكان شيئاً غريباً ، استمتعت به صراحة ..

أن ترى كل من حولك يتفاعلون ولكن بصمت !

هربت من تفاعلهم إلى عزلتي ..

في البداية حسبت إني امتلكت المكان وأصواته وانفعالاته ، أحسست أني لوحدي ومعي الكل والجميع ..

وأنا منعزل عن نقاشاتهم وحواراتهم ونكتهم ، إذ تهجم علي أصوات لأول مرة أسمعها ..

أصوات كممتها تجاهلاتي وأخرستها جموعهم ..

لأول مرة أستمع لصوت حقيقي يخرج مني ويدخل إليّ ، لأول مرة أستمع لأصوات لا يهمها أن يسمعها أحد سواي ..

لأول مرة أستمع لنبضات قلبي وهي تُعنْوِن كل نبضة بمشاعر أحسها داماً ولكن ؛ أراها لأول مرة ..

لأول مرة أعلم أننا نهرب من الضجيج إلى الصراخ الصامت ..

لأول مرة أعلم أن المرء بالكاد يعرف نفسه .

لأول مرة أعلم أن هناك أسئلة خاصة بي دون غيري ولا يجيب عليها سواي .

جرب المرة الأولى ، واحلل عقدة لسانك المتخفي وراء كل هذه الجموع ..!