ذنوب الحياة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ذنوب الحياة

  نشر في 24 أكتوبر 2019 .

« Et au tout début, ces deux esprits étaient jumeaux, et s’appellent, d’après leurs propres noms, le #bien et le #mal dans la pensée, le discours et l’action. Entre les deux, ceux qui agissent bien ont accompli le #choix juste. » (Peter Kunzmann et Autres, Atlas de la philosophie, p27). 


تودرومو القرصان - مزوار محمد سعيد 

لقد أسالت الحياة الكثير من الحبر، ولا تزال، منذ وجود #الإنسان، منذ البداية، منذ البدء، والأيَّام تدفعه إلى تأمُّل كلّ ما يوجد من حوله، كلّ ما له صلة بالأرض، بالأفق، بالجسد وما يخفى عنه، إنها عملية تتكرر كلَّ حين، مستمرة في دائرة تعاقب حلزونية، لها الكثير من الخصائص، والقليل من التجاعيد.

عادة يجد الفرد ذاته ضمن منظومة #ثقافية لم يخترها، فيحاول التأقلم معها، يحاول جدلا الانخراط فيها، فيكون متتبعا أمينا في البداية، يصبح بعدها مهتمًّا قيد الإنجاز، ليتحوَّل في آخر المطاف إلى مُزاوِل لتلك العادات، التقاليد، المضامين والمعتقدات، من طقوس وواجبات، مزاول لحدِّ الذوبان، ولدرجة التعصُّب في أهلك المواقف الإنسانية.

معذور ذاك الذي يحاول الفهم، معذور ذاك الذي يعصر الأحداث، ويهضم عقله بكافة المكوِّنات طلبًا للـطمأنينة، كلُّ العذر لمَن يجادل ويطرح #الأسئلة، فالحياة ليست في متناول الجميع، ومناحيها أعمق مِن أن يحتويها أو يستوعبها ذهن بشر، لأنَّها ببساطة، هي ممتدَّة، واسعة، غامضة، وتحمل الكثير مِن النقاء المخلوط بالصفاء بين مطويات جزئياتها، تلك القطع التي نراها ولا ترانـا، نحاورها ولا تحدِّثُنـا، نراسلها وتجيبنا برسائل فارغة.

رغم كلِّ هذا وذاك، الإنسان حيّ، حاملٌ لرغباته وطموحاته، يحذوه الأمل في الليالي الظلماء، يصارع الكثير من مظالم التاريخ والجغرافيا، يسارع على فترات نحو فنائه، لكنَّه لا يلبث حتى يردَّ الخطى، نحو سبيله الأصيل، ينتمي إلى الأقربين دون الوقوف في صفهم، يراجع، يأخذ #تنهيدة، يعيد فرز ما لم يتمَّ فرزه، ويعيد سكَّة المعاني إلى أنفاقها الروحية الغريقة، ومِن هذه المحطات كلِّها، يتربَّص بالإنسان خطرٌ مفضوح حينا، ومتواري أحيانا أخرى: إنَّها الحياة.

خطٌّ رفيع يفصل الهذيان عن الإنسان، يكاد يكون الأوَّلُ قلبًا للثاني، ويقترب الثاني مِن تحريك الأوَّل، إنَّها صيغة مؤازرة، تحمل البعض على سريانه، وتحمل البقية على انخراطها التَّبَعِي فيما وُجِدَ قبلها، إذْ لا يزال الإنسان مطاردا لأحلامه، لا يزال حاملا للكثير من #العزائم، محاولا ترديدها على مسامِع جوارحه كلَّما استيقظ على وقْعِ طلوع فجر جديد.

لم أعرف في حياتي ناجحًا مستسلمًا، لم أصادف في أيَّامي رَجُلاً غير قادر على مواصلة حياته، فكلُّ #قيمة تنزَعُ للتحقُّق أو التجسُّد على سطح هذا الكوكب، كلُّ مبدأ يمكنه الأخذ بأسباب البقاء، ولو كان في عزِّ الهذيان، متنقِّلاً بين دهاليزه الكثيرة.

الإنسان لم يبقَ واحدا، بل صار أقوامًا، قبائل وشعوبًا، ولكنه بقي وحيدا، فقد صار على حافة البقاء، عندما سار على طريق #النبلاء، إذ كلُّ فِكرة تُترجم منبتها، وترسل خيوطها إلى أقاليم بعيدة جدًّا، ليرجع إليها رحيق معناها على صورة صلبة، غير قابلة للتأويل ولا للرداءة.

في نهاية الإنسان كما في بدايته، هو فِكرة، "الإنسانُ فِكرَة"، قد لا يُنتجها فيصبح عبدًا لصاحب #الفِكرة التي تبنَّاها، وقد لا يستوعبها فيصبح مجرَّدَ آلة تنفيذية لأحد الرعاة الذين أوكِل إليهم تعذيب البشر.

يقول الفيلسوف الجزائري المطرود مالك بن نبي: ".. لكن هؤلاء الجائعين المنبوذين من وطنهم، هؤلاء المحذوفين من قائمة الأمم بإرادة الدول الكبرى، أدركوا بأنَّ وجودهم بوصفهم شعبا، يوضع هذا الموضع، إنَّما هو في مشرب بندقيته حسب تعبير ماوتسي تونغ.. " (مالك بن نبي، بين الرشاد والتيه، ص: 141).

مَن لا يصنع فكرة معيشه عاش كلَّ أيَّامِه تابِعًا مُذَلاًّ لمَن له سلطانُ #التفكير، عاش كالأنعام، التي تنتظر مَن يخلي لها السبيل، وكم هُم كثر، مَن ينتمون لهذه الفئة، قد يصل تعدادهم إلى مناص الأغلبية.

صار الوهم أوسع انتشارا من الفَهم، صارت العلاقات الإنسانية ذات نزعة مادية، إذ أنَّ البشر لا يزالون متنازعين حول "قصعة الأيتام"، دون #هدف، دون سبيل وبكثير من الخبث والمَكر.

أخبارٌ كثيرة تجعلني اَضطرب، أنباءٌ كثيرة تجعلني اَشمئزُّ مِن إنسانيتي، لكنَّ التاريخ قد علّمني كيف مات يوليوس قيصر، كيف هلك فرعون الطاغية، ونجا موسى عليه السلام، كيف حرَّر #الرجال أرض الجزائر من امبراطورية تُدعى فرنسا، كيف صار "تُورَاوْ" طبيبا، كيف ساد مانديلا وكيف بنى #محمَّدٌ عليه الصلاة والسلام أمَّةً وَسَطًا بعدما نجا من سيوف قريش.

أتَّفق تماما مع مَن قال يومًا: "ليس هناك نبيٌّ في قومه"؛ وما زاد قناعتي بها، هو تأمُّلي لهجرة محمد عليه الصلاة والسلام إلى يثرب، بعدما تعاظم عليه بلاء قومه، وهجرة أصحابه قبله إلى الحبشة.

عجيبة قصة الحبشة، فقد هاجر إليها المسلمون بحثا عن العدل، ذاك السليب من محيطي منذ أمد بعيد.

© Skype: mezouarms

https://instagram.com/msmezouar/



   نشر في 24 أكتوبر 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا