رحلة إلى القرن الخامس والعشرين - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

رحلة إلى القرن الخامس والعشرين

ما بين الخيال والعلم

  نشر في 30 يونيو 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

"بقي دقيقتين للمحاضرة هل لديكم أي سؤال"

لم يرفع أحد يده سوى طالب يدعى "سند" ثم وقف وقال اسمح لي أيها البروفيسور ببعض الدقائق، أربعة سنوات ونحن ندرس الفيزياء وقد تنقلنا خلالهم بين عقل "آلبرت أينشتاين" و"ماكس بلانك" و"نيوتن" وتعمقنا بجميع النظريات وإلى الآن عقلي لم يستوعب النظرية النسبية، أريد فقط إجابة واضحة، هل السفر عبر الزمن ممكن؟.

زال بروفيسور الفيزياء النظارة الطبية من على عينيه ثم قال بصوت منهك موجهاً الكلام لسند: لا أملك إجابة واضحة حيث أن هناك بعض العلماء تنفي ذلك وبعضها جعلتهُ ممكنا وفي طريقها إلى إثباته.

انتهى وقت المحاضرة، وقد هم الطلاب بالخروج وخلال هذه اللحظات اقترب "يوسف" زميل "سند" إليه ثم قال له: النبي محمد صلى الله عليه وسلم سافر عبر الزمن في رحلة الإسراء والمعراج ورأى المستقبل وما جرى من أحداث يوم القيامة، رد عليه "سند" مبتسماً نعم أعلم ذلك يا "يوسف" ولكن هذه كانت معجزة خاصة بالنبي فقط، فقال له "يوسف": نسيتُ أنك ملم بكل شيء، حسناً أنا ذاهب لتناول القهوة هل ستأتي معي، رد عليه "سند" قائلاً: نعم ولكن علي الذهاب إلى المكتبة أولاً لكي أعيد كتاب النظريات.

دخل "سند" مكتبة الجامعة وخلال وضعه الكتاب على الرف أخذته منه فتاة، قال لها: هل تريدين الكتاب، قالت له وهي تبتسم: نعم هل هناك مشكلة، قال لها: لا ولكن لا أنصحك به قرأت جميع صفحاته ولم أتوصل إلى أجوبة صافية، هل أنتِ طالبة جديدة لم أراكِ من قبل.

مدت الفتاة يدها لتصافح "سند" ثم قالت له: نعم، أنا طالبة جديدة اسمي "سيدرا".

صافحها "سند" وبادلها الابتسامة ثم هم بالرحيل، وعند وصوله الباب نادته وقالت له بصوت مرتفع: توقف يا "سند" انتظر لحظة، عاد إليها وقال لها: ما بك هل هناك شيء.

قالت له بصوت منخفض: أنا لدي أجوبة لتلك التساؤلات التي تدور في عقلك.

"سند": تقصدين السفر عبر الزمن، هل سمعتِ بالنقاش الذي دار مع البروفيسور، حسناً لا أظن ذلك يا "سيدرا" لم يبقى باحث فيزياء إلا وقد استفسرت منه عن الأمر ولكن إلى الآن لم أجد الجواب الذي يقنعني.

"سيدرا": إن السفر عبر الزمن أمر ممكن، ولكن بشرط أن يكون إلى المستقبل وليس إلى الماضي.

"سند": كيف ذلك ألا توضحي.

"سيدرا" : حسناً سأوضح لك الأمر أكثر ولكن عليك أن تأتي معي إلى بحيرة الشرق لترى بنفسك.

"سند": لمَ سنذهب إلى هناك، كما أن بحيرة الشرق بعيدة تستغرق ساعتين في الحافلة.

"سيدرا": إذ كنت تريد الحصول على الأجوبة لن تحصل عليها قبل الذهاب إلى تلك البحيرة.

"سند": حسناً موافق هيا لنرى ما عندك.

صعدا "سند" و"سيدرا" الحافلة، وبعد ساعة من مكوثهم فيها جاء خبر عاجل عبر أثير الإذاعة يبين اكتشاف وجود "الثقب الأسود"، ومقدرة العلماء على أخذ صورة واضحة له بواسطة تلسكوبات عملاقة، وهذا الثقب قد تنبأ بوجوده "اينشتاين" قبل مئة عام وذلك من خلال المعادلات المعقدة.

علق "سند" على هذا الخبر بقوله: بما أن تم تصويره في عشرة ابريل 2019، يعني أن عامنا هذا سيكون مميزاً لدى العلماء، ثم علقت "سيدرا" عقبه بقولها: نعم يا "سند" حيثُ أن "اينشتاين" أشار إلى هذا الأمر، ولكن هناك آية في القرآن الكريم في سورة "التكوير" أشارت إلى الثقب الأسود منذ أكثر من ألف واربع مئة عام بقوله تعالى: (الْجَوَارِ الْكُنَّسِ)، وفسر العديد من علماء الدين هذه الآية، فالثقب الأسود هو نجم سُمي بذلك لقدرته الفائقة على ابتلاع كل ما يمر به، أو يدخل في نطاق جاذبيته من مختلف صور المادة والطاقة، مثل الغبار الكوني، والغازات، والأجرام السماوية المختلفة، ووصف بالسواد لأنه معتم تماماً، لعدم قدرة الضوء علي الإفلات من مجال جاذبيته.

قال "سند" تعقيباً على كلام "سيدرا": يبدو لي أن تلك الثقوب هي عبارة عن مكنسة عملاقة تنظف السماء من الغبار والغازات الكونية الضارة التي كان من الممكن أن تصل إلينا، هذا النجم رحمة من الله إلينا.

رفعت "سيدرا" صوتها وقالت للسائق: توقف سننزل هنا لو سمحت.

نزلا من الحافلة باتجاه البحيرة ثم أخذت "سند" باتجاه الشرق وتوقفا بجانب شجرة سنديان كبيرة جداً، قال لها "سند": انتبهي يا "سيدرا" هناك حفرة قرب الشجرة، قالت له: نعم يا "سند" أعلم، جئتُ بكَ إلى هنا لكي ترى هذه الحفرة.

قال لها متعجباً: ولكن ما علاقة الحفرة بالسفر إلى المستقبل، قالت له: هذه الحفرة ليس حفرة عادية، حيثُ تستطيع من خلالها أن تسافر عبر الزمن.

"سند": ماذا تقولين يا "سيدرا" ومن أخبرك هذا الأمر، وكيف ذلك؟.

"سيدرا": أقفز في هذه الحفرة وسترى بنفسك كيف ستنتقل إلى زمن آخر.

شعر "سند" بالتوتر وقال لها: لا مستحيل يجب أن أذهب، صديقي "يوسف" ينتظرني لكي نتناول القهوة معاً.

"سيدرا": قهوة ماذا الآن، لن تتيح لك هذه الفرصة مرة أخرى هيا، لا تخف يا "سند" خذ ارتدي هذه الساعة وعندما تريد العودة إلى هنا اكبس الزر الأصفر سيعيدك مباشرة إلى شجرة السنديان هذه.

"سند": لا علي أن أعود.

"سيدرا": لا تكن جبان هيا أقفز، ثم قامت بدفعه بكل قوتها داخل الحفرة.

هبط "سند" بسرعة كبيرة جداً وأثناء هبوطه توقع أن معرفته بسيدرا ليست صدفة، بل ربما الفتاة قد خططت لهذا اللقاء، ثم وجد نفسه في مكان مليء بشجر السنديان، شعر بشعور غريب ثم بدأ يتلفت يميناً ويساراً إلا أن وجد رجلاً كبير في السن يقود عربة خشبية يجرها مجموعة من الكلاب، وعندما اقترب الرجل العجوز من "سند" أوقف العربة ثم قال: تبدو غريباً أيها الشاب، هل تريد أن أوصلك إلى مكان ما، قال له "سند": أجل أرجوك خذني إلى مكان تجمع السكان.

صعد "سند" العربة مع الرجل ودار بينهم الحوار التالي:

"سند": ما اسمك يا عم.

"الرجل": "يعقوب".

"سند": لمَ تستخدم هذه العربة في التنقل.

"يعقوب": أفضلها أكثر من الإبل هي أسرع.

"سند": ألا يوجد وسائل تنقل كالحافلات والقطارات.

"يعقوب": يوجد حافلة وحيدة تعود للقرن الثاني والعشرين موجودة في المتحف، منذ نفاذ النفط في منتصف القرن الثاني والعشرين اختفت جميع وسائل التنقل في ذاك الوقت.

"سند": في أي قرن نحن.

"يعقوب": الخامس والعشرين، قد دخلنا به منذ عدة أيام، ولكن لماذا تسأل كل هذه الأسئلة من أي البلاد أنت هل لديكم نفط!.

"سند": الإنترنت موجود؟.

"يعقوب": عن ماذا تتكلم لا أفهم.

"سند": الشبكة العنكبوتية، والهواتف المحمولة.

"يعقوب": لا أعلم عن ماذا تتحدث، العنكبوت هو الشيء الوحيد الذي أدركت معناه .... حسناً قد وصلنا إلى منتصف المدينة وإلى الآن لم تقل لي من أي البلاد أنت.

"سند": من الشرق الأوسط، وما أسم هذه المدينة.

"يعقوب": أنت في منتصف الشرق الأوسط.

بدأ "سند" يتجول بين السكان متعجباً بجميع ما يراه، ثم بدأ يكلم نفسه قائلاً: أين ذهب النفط، أين ذهب التطور، كيف عاد البشر للحياة البدائية، ثم تذكر "سيدرا" وقال: يا لك من فتاة مخيفة يا "سيدرا" كيف علمتي أن الحفرة القريبة من شجرة السنديان هي طريق للمستقبل، وما إن مرت بضع لحظات عليه إلا وسمع صوت رجلاً يصرخ بصوت عالٍ قائلا: "أرض الحجاز أصابها الفيضان.... أرض الحجاز أصابها الفيضان".

قام "سند" بإيقاف الرجل وقد سأله كيف ذلك ومن أين آتى الفيضان على أرض الحجاز.

قال له الرجل: الأنهار الموجودة هناك قد فاضت، تعجب "سند" من وجود الأنهار في الصحراء ثم قال: أي أن الجزيرة العربية عادت مروجاً وانهارا!.

أكمل "سند" سيره وإذ بصوت صغير يقول له: "ابتعد من طريقي هيا إنك تعيق حركتي"، بدأ يبحث عن مكان الصوت ولكن لم يجده، ثم ركز قليلاً وإذ بالصوت يأتي من سلحفاة صغيرة، شعر بالخوف، حيثُ أن هذا مشهد غير مألوف بالنسبة إليه، ثم ذهب مسرعاً باتجاه الغرب وفي طريقه سقطت منه ساعة الزمن التي أعطتهُ إياها "سيدرا"، ولكن "سند" لم ينتبه لسقوطها.

توقف بجانب رمال ملونة ثم بدأ ينظر إلى ذراتها وما إن مرت لحظات سمع صوت بالغ الخشونة لمجموعة من الرجال، ثم رأى جيش بالغوا الضخامة يرتدون أدرع حديدية على صدورهم.

انتبه أحد هؤلاء الرجال على "سند"، ثم قام بحمله بيد واحدة قائلاً له: ستكون وجبة لذيذة لأطفالي، صرخ "سند" وبدأ يتوسل إليه ولكن دون أي جدوى، وفي هذه اللحظة اكتشف "سند" سقوط الساعة من يده دون أن ينتبه.

توقف الجيش برهة من الوقت لأخذ استراحة، وقبل دخول الرجل الضخم بقيلولة قام بربط "سند" بشجرة سنديان عملاقة.

حاول "سند" تمزيق ورق الشجرة الملتفة حوله ولكنه لم يستطع، كانت قوة الأوراق تضاهي قوة النحاس.

فكر ما الذي يمكن أن يخلصه من هذه الأوراق العملاقة، خطر على باله النيران، هي تأكل كل شيء في كل زمان ومكان، قام بإخراج كبريته من جيب بنطاله بصعوبة ثم قام بإشعال النار وإحراق الأوراق بها، نجح بهذا الأمر واستطاع الإفلات من تلك الأوراق الضخمة بعد ذوبانها، ثم مشى رويدا رويدا لكي لا يلاحظوا الرجال رحيله، وعاد إلى المكان الذي تنبأ سقوط الساعة فيه.

بحث عنها ثلاثة أيام ثم وجدها في صباح اليوم الرابع، وقبل عودته إلى القرن الواحد والعشرين جرب بعض التفاعلات الكيميائية على الرمال الملونة.

عاد "سند" إلى قرنه، وفور عودته بحث عن "سيدرا" كثيراً ولكن لم يجد أي شيء يساعده لمعرفة مكانها، ثم تذكر كلامها حين حذرته بعدم البوح بسر الحفرة.

مرت عدة سنوات

أصبح "سند" أشهر بروفيسور فيزياء في البلاد، كما كان من أحد العباقرة التي استطاع حل معادلات معقدة، حيث أن رحلته إلى القرن الخامس والعشرين أفادتهُ كثيراً، ولكن بقي محتفظ بها سراً داخل ثنايا ذاكرته ولم يخبر أي أحد بها.

انتهى البروفيسور "سند" شرح المحاضرة لطلبة الفيزياء ثم سأل الطلبة إذا كان هناك أحد يريد سؤال بخصوص النظريات، وقف طالب يدعى "حسن" وقال: اسمح لي ببعض الدقائق.. أربعة سنوات ونحن ندرس الفيزياء وتنقلنا خلالهم بين عقل "آلبرت أينشتاين" و"ماكس بلانك" و"نيوتن" وتعمقنا بجميع النظريات وإلى الآن عقلي لم يستوعب النظرية النسبية، أريد فقط إجابة واضحة، هل السفر عبر الزمن ممكن.

نظر إليه "سند" مبتسماً ثم صمت لمدة عشرة دقائق ثم قال له: ابحث عن فتاة تدعى "سيدرا" ربما تُفيدك بهذا الأمر.

خرج "سند" من المحاضرة مبتسماً عائده إليه ذكرياته، كما وهم بأخذ "حسن" إلى بحيرة الشرق، ليرى إلى أي قرن ستأخذه الحفرة.

بقلم سهام السايح


  • 8

   نشر في 30 يونيو 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

حفرة المستقبل ، ولكنه يعيدنا الى الأيام البسيطة ، الله بيعن .
2
سهام السايح
في اخر الزمان سينتهي النفط ستنتهي التكنلوجيا الحيوانات ستتكلم وهذا حقيقة ربما يحدث هذا في القرن الخامس والعشرين وربما قبل وربما بعد
محمود بشارة
ليس فقط النفط ما سينفذ ، بل نفاذه سيؤدي الى حد وث الاية من العلامات الكبرى ومن تلك الأحداث الخسوفات الثلاثة التي أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها تكون علامة على قرب قيام الساعة، فقد روى مسلم في " صحيحه " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الساعة لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ) .
لا أظن أن آينشتاين هو من توقع وجود الثقوب السوداء بل أظن أن علماء آخرين مثل شفارتسشيلد هم من توقعوا وجودها بناء على نظرية آينشتاين. أما اسم الثقب الأسود فقد جاء بعد ذلك.
2
Menna Mohamed منذ 4 سنة
جميلة اووي برافو شابوه حبيبتي ارفع لكي القبعة موفقة ❤
3
سهام السايح
اشكرك من أعماق قلبي على هذه الكلمات الجميلة
Menna Mohamed
حبيبتي كتابتك الاجمل موفقة ❤

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا