هذا ماحدثنى به عقلى !! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هذا ماحدثنى به عقلى !!

  نشر في 26 أكتوبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

هذا ماحدثنى به عقلى!

بقلم: سحر البحيرى

اتذكر حينما كنت بمراحلى الدراسية كان والدى يردد على آذانى جملة واحدة تكررت على مدار سنوات حياتى السابقة للمرحلة الجامعية "ادرسى بجد حتى تلتحقى بإحدى كليات الطب ، وحينها ستتزوجين طبيبًا وتصبح حياتك مريحة " ولكن الرياح آتت بما لاتشتهى السفن ، لم اصبح طبيبة لأنى لم احصل على مجموع يؤهلنى للإلتحاق بكلية الطب، وحينها انهارت جميع احلامى خاصًة الفكرة الوردية التى راودتنى حينها أنى سأتزوج طبيبًا, وسأعمل فوريًا وأتقاضى أجرًاا كبيرًا،فضلا عن مكانة اجتماعية مرموقة، وهكذا تصبح حياتى سعيدة لاينقصها شىء ،فماذا سأحتاج بعد ذلك؟.

لينتهى الأمر بالتحاقى بإحدى الكليات البعيدة عن شغفى كحال المعظم ،ربما البعض يشعر بحالى الآن، لأنه مر بنفس التجربة ،وهناك منكم من سيَطرح سؤالًا بعقله لماذا لم تتركها وتلتحق بأخرى مناسبة لها وأقرب اليها ؟... سأجيب بأن الحديث دائما الأسهل، ولكن الفعل هو الأصعب، كثيرًا ما يصبح كل مايحيط بك ضدك، وتصبح الأمور اكثر تعقيدًا ولاتعلم لماذا؟! ومالسبب؟! ستظل تائها محاولًا البحث عن إجابة مرضية .

الشىء الوحيد الذى ظل كما هو حينها مقولة أبى التى كان دومًا يرددها ولكنها تغيرت فى بضع كلمات " ادرسى بجد حتى تحصلى على درجات مرتفعة وتصبحى من أوائل الطلبة وحينها ستحصلين على وظيفه حكومية وتتقاضى اجرًا وتصبح حياتك أمنة، فضلا عن أنه سيتقدم لخطبتك الكثير من الشباب " وهاأنا للمرة الثانية اضيع سنوات من عمرى فى تلك الفكرة الوردية ، اجتهدت واصبحت من الأوائل ، وهاأنا أكمل دراستى العليا ولكنى لم أحصل على وظيفة حكومية، فالحكومة ليست بها اماكن شاغرة بل على العكس بها عمالة زائدة تريد التخلص منها ، مضيت سنوات ارثى لحالى وأبكى على مدينتى التى ادخرت لها الكثير من وقتى ونفسى وجسدى وسنوات عمرى ،لأراها رماداً بعد ذلك.

ولكن دعونا نتوقف لحظة بما يفيد الحزن والبكاء، فهاأنا الوحيدة التى اعانى الخسارة،واذا استمريت على هذا الوضع سأظل الخاسرة دومًا، لننظر الى الجانب الأخر ،بدايًة أنا الأن لاأحتاج سوى اعادة تأهيل نفسى، بالطبع حالتى لم تصل بعد الى رؤية طبيب نفسى، لذا سأبدا ببعض الكتب .

ليقع بيدى هذا الكتاب "مالم يخبرنى به ابى عن الحياة " بعدما انهيت قراءتى اكتشفت ان والدى بالفعل لم يخبرنى شيئا عن الحياة،فما كان الأمان من وجهة نظره لم يعد هو الأمان على أرض الواقع، لقد رسخ بداخلى العديد من الأفكار السطحية، ربما لو ترك لى حينها حرية الاختيار وماذا اريد ؟ ماذا احب ؟ ربما لو علمنى بأنه على أن اتعلم شغفًا بالعلم ، أو لو زرع بداخلى منذ الصغر اننى خلقت لعمارة الأرض، واننى ان لم اضع بصمة بالحياة فلااستحقها ،وربما لو اخبرنى أن سعادتى تكمن فى سعادة الآخرين ،وأنه أسمى مايمكننى القيام به، وردد على أذانى أن كل عمل مهما كان صغيرا من وجهة نظر البعض فهو كبيرًا فى الأصل ولايجب التقليل من شأنه طالماأنه يساهم فى خدمة البشرية .

لو شجعنى حينها على الثقافة وقراءة الكتب .لكنت حينها لم يغفل عن ناظرى ذلك الفارق بين الثقافة والعلم ، ففى مجتمعنا نرى الكثير مِمن يحملون علم فى مختلف المجالات بل انهم يصلون الى اعلى المناصب، وهناك من يحمل علمه ويتركه جانباً و لم يستفد به شيئاً وكأن شيئاً لم يكن، ولا يتطرق للقراءة والمعرفة لشئ آخر ،بل انه يكتفى بما حققه من دراسة بعلم محدد وقد تتوالى الأعوام ولا يتذكر مما قام بدراسته من قبل وهاأنا كنت من بين هؤلاء ، وهناك من لا يحمل علم ولكنه يحاول تثقيف ذاته ويغذى روحه بالقراءة والمعرفة والمتابعة لكل ما يجول من حوله بعالمه فهاهو اصبح مثقفًا، رغم انه لم يحصل على علم محدد بمجال محدد بل انه لم يستطع ان يدرس شئ ما، ولكنه استطاع بقدرته الذهنية وسعيه الدائم ان يمتلك مالم يستطع امتلاكه آخرون غيره، فالثقافة والمعرفة يجعلون الادراك يتسع والحواس جميعها تعمل على بناء شخصية متفتحة، تَفقد الجهل حركته وتداعب الإبداع وتحمل وعى وذهن من ماس .

وعندما كنت ابحر من كتاب الى كتاب اسعى من خلاله الى ايجاد نفسى التائهه قراءت الكثير من القصص الملهمة لأناس لم يستسلمو لبركان الحياة الثائر ولا للرياح العاصفة التى تأتينا دوما بما لانرغب، بل انهم صنعو الدروع التى واقاتهم تلك الشظايا المتطايرة فلم يتحولو الى ذلك الرماد الذى عصفت به الريح واستطاعو غرس بصمات اقدامهم فى الرمال لتتحول الى لوحة فنية مخلدة وملهمه على مر العصور.

وكان الدر س الأول الذى لابد من تعلمه حينها :- ان الحياة لاتنحصر فى الشهادة الجماعية والزواج والوظيفة الحكومية بل هى اكبر من ذلك ولكن تربيتنا الخاطئة هى من رسخت بعقولنا تلك الأفكار السطحية ، فنحن دائما مانبحث فى المكان الخاطىء و ننظر الى ظواهر الأمور وليس بواطنها وادركت تلك العبارة التى قرأتها سابقا للعقاد" إن نفوري من الوظيفة الحكومية في مثل ذلك العهد الذي يقدسها كان من السوابق التي أغتبط بها وأحمد الله عليها.. فلا أنسى حتى اليوم أنني تلقيت خبر قبولي في الوظيفة الأولى التي أكرهتني الظروف على طلبها كأنني أتلقى خبر الحكم بالسجن أو الأسر والعبودية.. إذ كنت أؤمن كل الإيمان بأن الموظف رقيق القرن العشرين "

الدرس الثانى :- ادركت ان الظروف لاتجبرنا ولكننا من نستطيع ان نروضها لتبقى تحت قبضة ايدينا نشكلها كيفما نشاء، وهاهو الدكتور مصطفى محمود الذى اشتهر بالمشرحجى فى اول عامين له بكلية الطب ، نظرًا لوقوفه طول اليوم أمام أجساد الموتى، طارحًا التساؤلات حول سر الحياة والموت وما بعدهما،و فى العام الثالث احتاج الأمر إلى المكوث في المستشفي للعلاج لمدة تترواح بين سنتين وكان هذا الإنقطاع الطويل عن الدراسة له كبير الأثر والتغير والتطور الإيجابي في شخصيته ، إذا عكف في هذه الفترة على القراءة والتفكير في الموضوعات الأدبية ، وفي هذه الفترة تكونت في داخلة شخصية المفكر المتأمل وميلاد الكاتب والأديب

الثالث :- اكتسبت بصيرة هائلة بما لآفكار المرء من تأثيرو نفوذ على حياته ، فبدلا من قول ليس بوسعى القيام بذلك ؟ اصبحت افكر كيف لى القيام بذلك ؟ وحينها ادركت الفرق ، فالأولى كانت توقف العقل تلقائيا عن العمل اما الاخرى فكانت تدفع العقل تلقائيا الى العمل

وهذا هو الفرق بين شخص وآخرفهناك من يستيقظ صباحًا ليبدأ يومه ناظرًا الى المرأة قائًلا ياالهى لقد اصبح وجهى شاحبا ! اننى ارى بثورًا ! الخ فيما يستيقظ الأخر ناظرًا الى المرأة باسمًا حامًدا الله .

فالأول لاينظر سوى للجزء السلبى من نفسه فقط وهذا ينعكس على حياته سلبيًا، كثيرا ما تجده قليل الثقه بالنفس ومنطويًا على الرغم من أنه اذا تمعن النظر جيدا ،سيكتشف بنفسه أشياء مذهله كان غافلا عنها، لكنه لايريد النظر الى هذا الجزء فهو تعلم ان يكون ساخطًا دوما أو يمكننى القول بصورة صحيحة أنه برمج عقله على ذلك، على عكس ذلك الشخص الذى على الرغم من أنه أقل منه او ربما حياته أصعب، إلا أنه يرى نفسه الأفضل دوما بما لايدعو للغرور ويمتلك شخصية رائعة تنعكس ايجابيا على ثقته بنفسه وعلى من حوله وتقديرهم له .

اصنع مرأتك وفتش عن ذاتك، فما تريد ان تراه ستراه واعلم ان صورتك عن نفسك ستنعكس على من حولك ، واجعل هدفك الأسمى خدمة الاخرين فهذا أفضل مايمكنك تحقيقه ، تذكر دائما ان هناك عبرة ما فى كل مايحدث لك،فقط عليك التمعن لاكتشافها صدقنى حينها لن تكفى حياتك كلها لتوافى الله حمدا فكل عمل مهما صغرطالما اجتهدت ورضيت الله فيه ، كان عند الله عظيما.

هناك الكثير من الكتب المليئة بقصص اولئك الملهمين تلك القصص التى اثق انها ستكون النافذة الجديدة التى ستقفزون منها الى حياة جديدة بعدما تدركون ان ماتمرون به ليس سوى لحظات عابثة ستنتهى بأيديكم وليست لحظات عاصفه بحياتكم الى الجحيم . ومنها "امراءة من طراز خاص ""كيف اصبحو عظماء" "7.46" "مميز بالاصفر" "الهزيمة " وغيرهم.


  • 4

   نشر في 26 أكتوبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

مقال رائع سحر ونظرة عميقة للحياة، يبدو ان قدرنا التعلم بالتجربة ان ماتم تلقينه لنا من الأسرة والمحيط هو عكس الحقيقة والواقع، شكرا لمشاركة التجربة
1
عمرو يسري منذ 7 سنة
مقال رائع جدا , بالتوفيق .
1
Sahar Elbehary
مرسى جدا ..بالتوفيق لنا جميعا

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا