هل ستبحر سفينته - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هل ستبحر سفينته

  نشر في 22 نونبر 2020 .


ماكتب هنا ليس من فكر العقل بل هو من حديث القلب، سطرت أحرفه بالمشاعر لا الأقلام.

ولاأدري ماالداعي للكتابة، أعتقد وربما أن  بعض المشاعر الصعبة يخفف وقعها علينا التعبير عنها، حتى ولو كانت إلى لوحة مفاتيح لا تحس ولا تشعر.

لدى كل منا جانب في داخلنا نتمنى أن تصل إليه خيوط الشمس الذهبية، و ينير شعاع الأمل كل نواحيه.

أحلام نعيشها ليلا لنستيقظ صباحآ وكلنا عزيمة لتحقيقها.ما يدفعنا للمسير نحوها هو تلك الشعلة التي تنبع من داخلنا، ذلك الضوء الذي يشع فتشرق لنوره آفاق الحياة. بعضهم يسميه الإرادة وآخرون أطلقوا عليه الحماس والعزيمة.حسناً لايهم الاسم كثيرآ المهم معرفة ذاك السلاح السري والوقود الأحفوري المكنون في داخل كل منا. لكن هل بالإمكان أن يختفي هذا الشعور. أن يضيع هذا الإحساس، أن تتلاشى تلك الرغبات المشتعلة فتصبح هشيما تذروه الرياح، أن يختفي ذاك الحماس فيصبح جسداً بلا روح. أن ينطفيء الإنسان في داخله، فلا يهتم متى يصحو ولا أين يذهب ولا متى يصل.

هذا الشعور لن تراه وتشعر به إلا من خلال العين فالعين ماهي إلا مرآة للنفس فما تخفيه في نفسك من الشعور سينعكس فيها.

قرأت سابقآ بأن على الشخص أن يحافظ على طاقته الداخلية من السلبيين ومن ظروف الحياة القاسية كنت أضحك كثيرآ حينها وأتسأئل بكل استغراب، هل يمكن لاحد أن يسرق حماسي! هل يمكن للظروف أن تطفيء نار الحماسة داخلي! لا مستحيل أبدآ فما أملكه لايقدر أحد من الناس أو الظروف على انتزاعه مني، لقد كنت مغرورا حقا والآن عرفت ذلك. ولكن يبدوا أنني عرفت ذلك متاخرا قليلاً..بل متأ خراً جداً.

جائني  ليعرض عليّ مشروعه لكي أموله ليبدأه، لم يكن المبلغ كبيراً فقط بضعة آلاف كانت ستفي بالغرض. ظل يتكلم كثيرا وكيف أنه أعد خطة محكمة لتطوير المنتج ودراسة تفصيلية لجذب العملاء إليه.

كنت حينها أتأمل عينيه،عينيه فقط . انتهى كلامه خلال دقائق. فطالبته بأن يشرح من جديد وبشكل أكثر تفصيلا. الحقيقة أنني لم أعر انتباهاً لأي كلمة قالها، كنت منشغلا بأمر أكثر أهمية مما كا يقوله . كنت منغمسا بتأمل عينيه.

بريقها اللامع كان يسحرني ونورها الساطع كان يأسرني، وكنت قادرًا على رؤية إصراره وعناده من خلالها. وخيّل إلي أني أنظر إلى مرآة تعكس صورة قديمة لي.

لاأنكر حينها أني شعرت بالغبطة أو ربما الحسد لاأدري. رأيت ما كنت أبحث عنه منذ مدة طويلة، شيئا  امتلكته سابقا لكنه ضاع مني، أو ربما سرق.

مشهد أثار مافي قلبي من شجون. وسرعان  ما امتلئت عيني بما كان يجول في صدري  فقال مستغربا : 

"مابك؟!"

"لاشيء، إنه غبار دخل عيني فقط" وبدأت أكفكف الغبار الذي أصاب عيني أو هكذا ماأخبرته حتى لايشعر بالحقيقة.

كان لدي المال حينها وكنت أنوي أن أعرض عليه صفقة مغبونة، صفقة الرابح الوحيد فيها هو انا، صفقة يرجع هو منها ببعضة آلاف. وأعود أنا مع حماس جديد وإرادة براقة.لكني تراجعت في آخر لحظة. فلم أرد أن أغشه بذلك العرض فما يساوي المال شيئا أمام مايملك. ثم هب أنه فرضا قبل الغرض أكان يقدر على إعطائي جرعة مما لديه من الإرادة والعزيمة. لقد كان الأمر مجرد خيالات لامعنى لها، خيالات غريق يحاول أن يتشبث بأي شيء حوله حتى لو كان طوق النجاة ذاك من صنع خياله. فربما كتب على أحلامي في القدر أنها ستظل أحلاما أراها حقيقة فقط في منامي.

على كل حال سأظل أبحث دوما فلعلي أن أجد يوما ما وقودا لسفينتي، مع أنني أخشى من أنه لاتوجد سفينة أصلا، وأن ما أنا أبحث عنه ليس إلا محض سراب من صنع الخيال، وأنني لست جديراً بركوب تلك السفينة فإمكانياتي محدودة وقدراتي ليست كما أتوقعها وأنني حلمت فوق ما أستحق.

يبقى  بصيص رجاء يلوح في الأفق ونافذة اليأس يوشك أن يكسر زجاجها نور الأمل. أحياناً، أشعر أن ما كنت أبحث عنه في كل مكان كان موجوداً بقربي طول هذا الوقت، بل وأقرب من ذلك حتى،أشعر بوجوده في داخلي.

أظن أن عدم تلاقينا حتى الآن هو لحكمة قدرها الله سبحانه وقد أعلم خباياها في المستقبل. ربما لم يأذن الله لسفينتي أن تبحر الآن لأن أمامها بحرآ هائجا تكتنفه العواصف من كل إتجاه وكانت سفينتي ستغرق حينها لامحالة.

ولأجل ذلك؛ بتّ لا أدعوا بأن تبحر سفينتي فالله سبحانه هو أعلم بالخيرة لي سواء كنت على متنها أو كنت أمشي على اليابسة.

ومن يدري قد أتمكن يوما ما من رؤية اللوحة التي لطالما تمنيت رؤيتها..


.


  • 1

   نشر في 22 نونبر 2020 .

التعليقات

مريم منذ 3 سنة
أحببت أسلوب كتابتك.. وترابط الفكرة... والهدوء المسيطر على عباراتك .. هدوء مبعثه الحزن..أسعدك الله....
1
ابراهيم
وأنا احببت تعليقاتك اللطيفة التي تجاوز المديح العام إلى محاولة فهم مشاعر قائلها.
أنتي رائعة..
مريم
كتاباتك رائعة.. أتمنى أن تستمر وأن تأخذ منحى متفائل...
مريم منذ 3 سنة
المقال الثاني لك يا سيدي وأنت تتمنى.. وانت مأخوذ ببريق العيون وإصرارها ...
العيون هي َمنافذ الروح ... ولذا أتفهم إهتمامك بها... وكتاباتك لا تعكس خواطر مجردة.. إنها تعكس إنهزام وأشياء مفقودة... لكن هل نبحث عن أشيائنا وأحلامنا في عيون الآخرين؟
لكل منا روحه.. ولكل منا بريقه الخاص.. ابحث في داخلك.. وستجد وقود سفينتك...
1
ابراهيم
"وربما مانبحث عنه خارجا هو موجود بداخلنا"

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا