صدفة أم قدر!
لا يوجد مصطلح صريح لكلمة “الصدفة” في المعاجم العربية و المتعارفة لدينا
نشر في 10 فبراير 2016 .
رُبّ صدفة خير من ألف ميعاد) مثل متداول بيننا في كثير من الأحيان، فهل نعي ما نقوله أم هو تقليد دون معنى كعادتنا؟ لا يوجد مصطلح صريح لكلمة “الصدفة” في المعاجم العربية و المتعارفة لدينا و لو أعدنا الكلمة إلى الأصل اللغوي فيكون الفعل ” صَدِف ” بفتح الصاد وكسر الدال صدف يعنى تصادم احدى الركبتين بالأخرى اثناء المشي . و هذا يدفعنا إلى توضيح ما غاب عن الكثير و هو أن الصدفة هي نتيجة أو حدث و ليس سبب أو دافع ،فالمشيئة الإلهية في حدوث الصدفة، و يتمثل في “القدر” هي السبب وراء الحدث و لكننا نجهل العلّة.
الصدفة هي المبدأ الأول الذي يستند إليه الملحدون، فأصبح الكون و كل ما هو مخلوق في نظرهم (بمحض الصدفة) و هذا ما أراد الملحدون توجيه العقل البشري و منذ القدم إلى التركيز على الصدفة و البعد مشيئة الخالق جل و علا في حدوث الأمور وعن القدر الذي نؤمن به.
نسرد لكم قصة الإمام أبي حنيفة في مناظرة مع الملحدين أمام جمع من الناس، فأخرابا حنيفة على الموعد المحدد ، وبدأ الغمز والهمز واللمز، وقال بعضهم لو كان لديه حجة أو برهان لما تخلف عن تقديمها، وقبيل الغروب يطل ابو حنيفة وتنهال عليه الأسئلة عن سبب تأخره، فأجاب بكل هدوء بأنه كان في الضفة الأخرى من دجلة ولم يجد مركباً يحمله إلى مجلس القوم، وقال: لقد انتطرت طويلاً ولم أحصل على مركب، و بينما أنا أنتظر فإذ نزلت خشبة من السماء وصادفت خشبة في النهر وحضرت مطرقة ومسامير ودسراً وضرب بعضها ببعض، ونزل من السماء طلاء وزيت وفرش واصطف كل في مكانه واكتمل مشهد قارب جاهز تقدم إلي فركيته ووصلت إلى موعدكم هذا متأخراً!! فتعجب الحضور من الطرفين فقالوا له: هل أنت مجنون لكي تروي لنا قصة لا يقبلها الجاهل فكيف بالعاقل أن يصدقها؟! كان جواب ابي حنيفة بسيطاً وقوياً: كيف تنكرون صنع قارب من دون صانع؟ و تقبلون أن تكون سماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج من صنع العبث والوهم والمصادفة؟ .
كيف لنا أن نقوم بفعل دون أن يكون هناك دافع أو باعث لما نقوم به فنحن لا نسلم بخلو الإرادة الإنسانية وراء أي فعل ، فضلاً عن أن نسلم بخلوها من الإرادة مطلقًا، فالمؤمن يعتقد أن له مشيئة خاصة به، ويؤمن بالمشيئة الإلهية الحاضرة دائمًا ومهيمنة على مشيئته ومشيئة كل مخلوق كما قال تعالى: (وَمَا تَشَآءُونَ إِلآ أَن يَشَآءَ اللَّه رَبُّ العَالمَين ) التكوير آية 29،
قد يتزامن الفعل مع شخص أو أكثر و لكن ليس في نفس المكان، فهل نعتبره صدفة؟ سؤال علينا الإجابة عليه…. و للحديث بقية
-
محمد شعيب الحماديالكاتب والباحث الإماراتي : محمد شعيب الحمادي. عضو اتحاد كتاب وأدباء الامارات ونادي دبي للصحافة الاصدارات: متى يعيش الوطن فينا 1&2 قصص قصيرة: صاحب السعادة. ما زال البحث جاريا.