~ طفلتي

أراهن على أنك لا تعلمين أنني ومنذ اليوم الذي زففت لي فيه خبر خطبتك وأنا أفكر في هذا الموضوع، كنت أقول لنفسي "مايا ! طفلتك ستتزوج وبحكم كونك الأم الروحية لها عليك أن تسديها بعض النصائح والتوجيهات" ..

ولك أن تتخيلي عدد الليالي التي قضيتها وأنا أكتب في عقلي كل ما أود أن أقوله لك،لكنني دائما أجده ناقصا وغير مكتمل، فأعود لأقول لنفسي: إنه لأمر صعب حقا أن تتزوج طفلتك.

أي بنيتي سأحاول أن أصوغ لك هنا كل ما تعلمته وقرأته في الكتب والحياة، وأنا أدرك أن طفلتي ذكية وستقرأ كل هاته السطور وتعي ما بين السطور.

أي بنيتي ، أول ما خطر ببالي حين قلت لي أنك ستتزوجينه هو سؤال: لماذا؟

لذا اجلسي مع نفسك واسأليها لماذا اختارت ذلك الشخص دونا عن غيره ولم هو بالضبط ما الذي يميزه؟ ماذا رأيت فيه؟ ما هي الخصال التي تحبينها ووجدتها فيه؟ وحين تفكرين في أجوبة عن هذه الأسئلة أرجوك انسي أهلك وإخوانك وصديقاتك والمجتمع والمحيط وكل شيء عدا نفسك وهو ، لا تقبلي على خطوة في هذا الزواج إن كانت مبنية على الخوف والقلق مما يخبئه المستقبل ولتكن لك ثقة بأنك مهما فقدت فالله قادر على أن يكون عوضك و يجزيك على صبرك خير جزاء، تعلقي بالله وحده،لأنه الوحيد الذي يدرك مقدار ما فقدت من حنان والوحيد القادر على أن يملأ قلبك بالسكينة والطمأنينة ، ولا تنتظري من أي إنسي أن يقدم لك شيئا.

الآن يا بنيتي وقد تأكدت من أسبابك وعرفت دوافع ارتباطك بهذا الزوج، عاهدي نفسك على أنك ستقدرينها و تعطيها حقها ولن تسمحي لأحد -حتى هو- بأن يتجاوز حدوده معك ويفرض عليك شيئا لا تريدينه ، أرجوك لا ترتكبي حماقة "محو شخصيتك" وتزيني ذلك بتسمية "تضحية" ، فقد سبق وأخبرتك أن التضحية والصبر شيء و الذل والمهانة شيء آخر وشتان بين هذا وذاك ، فالصبر هو أن تكوني معه امرأة حين يمرض وأن تقفي لجانبه ولا تتركينه حبا فيه ، التضحية هي أن تتخلي عن كثير مما تعودت عليه من مستلزمات الحياة لأن زوجك يمر بضائقة مالية، حبا فيه ورغبة في أن تكوني سندا له ، (بالمناسبة لا تسمحي له يوما بأن ينعتك بالمادية وأعلميه بأنه في الإسلام وفي سيرة رسوله حديث يذكر أن من واجب الرجل أن يوفر للزوجة التي اختارها نفس المستوى الذي عاشت به في بيت أهلها وإن لم يقدر وهي لم تستطع أن تتحمل تلك المعيشة فحق عليه وقتها ان يسرحها ويعيدها لبيت اهلها، وهو يدرك جيدا الحياة التي عشتها والأسلوب الذي شببت عليه لذلك ليس له عذر إن هو اختار أن يتجاوز هذا الجانب منك ويهمله )

ابنتي هناك مجموعة من الأسئلة لابد لك ان تعرفي اجوبته عنها لأنها ستساعدك في معرفة جوانب من شخصية الرجل الذي ستشاركينه حياتك ، لابد أن تعرفي حدود طموحاته، فسقف طموحاته هو الذي سيعطيك نبذة عما ستكون حياتك معك و ستدركين أي زوج سيكون: نكديا عصبيا متهورا أم متوازنا مستقرا،مكافحا.

كل هذا عليك أن تعرفيه قبل أن يحدث الارتباط المقدس لتدركي كنه التعامل الذي عليك أن تتعاملي به معه وهذه نصيحة انقشيها بحبر من ذهب في ذهنك ولا تنسيها أبدا: أعطي رجلك قدره و أحسني تقديره،لأنه صدقيني بحسب المكانة التي تضعينه فيها سيتعامل معك،فإن رآك قد أبخسته حقه ولا تحترمينه أبدا فصدقيني ذلك تماما ما ستحصلين عليه قلة الأحترام والتقليل من الشأن ، أما إن اخترت أن تكوني زوجة ذكية وعاملته بكل احترام وقدرته حق تقديره فهنيئا لك بالنعيم الذي ستعيشينه معه.

امم لا تسأليني من أين تعلمت كل هذا فأنت تعلمين أنه رغم كوني بكماء لكنني أيضا شديدة الملاحظة، ألاحظ كل ما يدور حولي وأحلله، وإلى جانب ذلك أقرأ كثيرا و في مختلف المجالات ،بالمناسبة، كبداية أريد منك أن تقرأي كتابي فن الحب وفن الزواج لِ : إيريك فروم

ولا تشعري بالحرج من قراءة كتب ك: صراعات قيس وليلى وسيكولوجية العلاقات الجنسية ولا بأس من قراءة كتاب نوال السعداوي المرأة والجنس لكن نصيحة مني ،خذي عنها المعلومات العلمية ولا تتأثري بآرائها الشخصية.

وأكيد دون أن تنسي كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، هذه الكتب كبداية ستفتح مداركك وتجعلك تميزين كيف يفكر الرجل وكيف يتصرف وأيضا تفهمين نفسك أكثر، وهذا سيقلل من التصادمات والخلافات بينكما، أما حين تصيران في بيت واحد وقتها سيكون وقت الجد وقد أتطوع وأسديك نصائح أخرى ليستمر مركبكما في السير .

أمر آخر أؤكد عليك به لا تأتي أبدا على ذكر سلبيات زوجك للأخرين لاتفعلي هذا أبدا ، منذ صغري لم أكن أحترم أو بالأحرى لم أكن أحب التي تجعل من زوجها ومشاكلها معه موضوعا للحديث والنميمة، وأكيد لن أحب أن تفعل طفلتي هذا، احتفظي بمشاكلكما لنفسك، ولَا تَذكُريه إلا بما يحب، وفي حال أردت استشارة أو رأيا حكيما فاحرصي على أن يقع اختيارك على من هو من أهل العلم وممن يتصف بالحكمة كي يساعدك فعلا ،لا أن يزيد الطين بلة .

يا إلهي ، كلام كثير حقا يدور في بالي لكن لا أريد أن أثقل عليك،لذا سأكتفي بهذا القدر.. وتأكدي أنني هنا دائما وأبدا متى ما احتجتني.

~أمك المحبة: مايا