في هذا المكان الذي اعتاد أن يُقاسمه بداية اليوم ، استحضر أسراب الحكايات التي لم تنم منذ ثلاثين عاماً يقضيها الان في هذا الجانب من العمر في الأيام الأخيرة من هذه السنة ...
المقهى الذي يضم العشرات من القصص التي تتناقلها الكراسي والطاولات ، عن الذي مروا وكانوا هنا وعن الذينَ ما زالوا يضاجعون الأيام المتبقية في رحلتهم وعن تفسير الأحلام المتناثره على الاركان الاربعة ، المخذول يحسب كم اتكى على الحائط الكهل
لعل من الضروري أن أقول أولا أن هذا المكان ابتعد عن الصيغة اليومية للحياة ... واجتمع فيه الكثير من العاطلين عن العمل الذين لا يعتقدون انهم مواطنيين من الدرجة الاولي يختلفون في سعر صناديق الطماط ويتفقون في قيمة رفع الإيجار ثم تبداء اول قبلة لفنحان قهوه عذراء وانفاسهم تستقبل احتفالات الدخان بكل فرح ... وهناك الكثير من الادباء والمثقفين الذين تخرجوا من هذا الفضاء الواسع ، هي اشبه بالملتقات الادبية التي يردتادها ليطهروا خطاياه الصغيره ، فيها يتنفس هواء جديدا يسمح لخياله بالارتقاء إلى فضاء أرحب .. جُبٌّ يمْتّح منه لغة أخرى لا يفقهها إلا صبٌّ يتقرّى فتنة الكتابة
"ريسان" يشتّم بكل فرح ، رائحة السيجارة الاولى و فنجان قهوه ، رائحة الإنتظار ، رائحة الشمس و السماء ، رائحة المطر والشوارع المُبلله ، رائحة الحب الاول ، رائحة الذاكرة والاصدقاء في الصور ، رائحة آخر مركب يحمل مهاجرين غير شرعيّن ، رايحة البائع على الارصفه ، رائحة اللحن والقصيدة ، رائحة الخطيئة والحزن ،
هي الرَوَائح الطَيِّبَة التي ما زلت أحن إليها قبل موتي ، ولن أحن إلى أي شيء آخر بعد موتي...
-
نايفطفل لا يشبه الذين يكبرون بسرعة ...