كأنّ المدى ضيّقُ
كأنّ دمي مُوثقُ
أنا النّسر وزع ورد الحنين
ومدّ يديه إلى الآخرين
أنا النسر سوف أزفّ النّشيد
إلى كلّ عائلة بل أريد
بقاء الفضاء كروح الحروف
له من متاع الكلام طيوف
...
بمثل هذه الكلمات وغيرها تعمد قناة سبيستون (مركز الزهرة للدوبلاج) منذ سنوات طويلة إلى تهذيب الذائقة الأدبية لدى أطفال العالم العربي، وبمثل هذه الكلمات نفسها تصرّ على التكريس للغة العربية وترسيخها في وجدان الناشئ العربي سواء من خلال أغاني الأنمي أو من خلال محتوياتها التي تتقلّب دائما بين عامل القيمة الأخلاقية والإنسانية وعامل الجودة اللغوية الكاملة في الدبلجة، ومازالت تصرّ على ذلك في وقت أصبحت اللغة العربية فيه مجرّد ترف على مستوى قنوات الأطفال التي ظهرت من بعدها كـ أم بي سي 3 التي تروج للهجات العربية بقدر ما تنصّب نفسها كمنبر للعولمة الأمريكية، وقنوات أغاني الأطفال الأردنية كمجموعة طيور الجنة وكراميش التي حيّدت اللغة العربية تماما عن محتوياتها إلى درجة أن أجيال اليوم أصبحت تجيد الغناء باللهجة الشامية باحتراف دون اللغة العربية ! هذا ناهيك عن القنوات الأخرى التي تبث محتويات غاية في الرّداءة والتفاهة لا يُعتمد عليها لا في تنمية معرفية ولا لغوية ولا حتى أخلاقية للطّفل العربي ..
سبيستون تتفوّق لغويا أيضا حتى على مستوى قنوات الدّراما العربيّة، وبخاصة حينما تراجعت الدبلجة العربية الفصحى للمحتويات الدرامية الأجنبية عقب غزو المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السّورية للسوق الإعلامية في الوطن العربي، و انتهاء عهد المسلسلات المكسيكية التي كانت على سوءها تحقق فارقا لغويا على الأقل بتتويجها للغة الفصحى في أعلى سلّم اللغات لدى المشاهد، هذا إلى جانب تراجع انتاج مسلسلات الميلو دراما والفنتازيا التي كانت لوقت طويل عرّابة للفصحى وحاضنة لها، في حين بقيت العربية محصورة في زوايا المسلسلات التاريخية فقط..
الفصحى في سبيستون ليست مجرّد دوبلاج فقط ، بل هي رسالة بالغة الاتقان من الناحية الصوتية التركيبية، النحوية، التخاطبية، وحتى البلاغية، وأكثر من هذا أنها لغة حيادية تبتعد عن التكلف بقدر ما تجانب الركاكة، تُعرض بنطق دقيق أنيق يحبب اللغة ليس للأطفال فقط بل للكبار أيضا، مما يجعلها عرابة للفصحى بامتياز لما تعطيها من مظهر ساحر وفاتن في تصور الأطفال..
علينا أن نعترف بأننا مدينون بالكثير لسبيستون (مركز الزهرة) لما قدّمته ولازالت تقدمه للغة العربية ولأجيالنا التي نشأت على حب اللغة العربية (ولو بشكل مؤقت) و تربّت على قيم ضُمّنت في محتوياتها بفضل انتقاءتها الراقية واجتزاءاتها الحذرة للمواد لتتناسب وثقافتنا ..
وهذه باقة من أغاني الأنيمي التي بثتها المجموعة على مدى سنوات طوال اخترتها بعناية لتكون كدليل قاطع على مستوى الجودة اللغوية التي يتوخاها مركز الزهرة في الدبلجة وانتاج مواد القناة ، وبخاصة أركز هنا على البنية الأدبية البليغة والمعاني التربوية السامقة التي تظهر جلية في كلمات هذه الأغاني الجميلة في وقت اختفت فيه حتى الأغاني باللغة الفصحى إلا ما ندر..!
https://www.youtube.com/playlist?list=PLmk6u4YlqkWEbPZZoAorwBVGJTPVv-hxU
…
#شكرا_سبيستون
-
فاطمة بولعناناليوم حرف وغدا حتف
التعليقات
سعدت كثيرا لطرحك هذا المقال ،
لأنها رسالة حق لما قدمته القناة ..تحياتي.