" قُم للمعلّم وفّه التبجيلا *** كاد المعلّم أن يكون رسولا ".

أحمد شوقي حين ألّف هاته الكلمات كان مقصده تكريم و تمجيد المعلّمين . و حين نقول "معلّمين" يفهمها القارئ تلقائيا على أنهم أُناس ذَوُو علم يُدرّسون في المدارس و المعاهد و الجامعات..

قد تخفي كلمة"معلّم" وراءها الكثير . فالكلّ "معلّم".

الأمّ حين تربّي صغارها و تُزهر على حياتهم حبًّا و عطفاً و حناناً ،تكون منهلاً للتجارب و الحكم و حسن التصّرف ، نتعلم منها أن نُعطي و نكتفي ، أن نُحبّ و نُلخص، أن نُشفق و نُساعد .. إذن هي خير معلّمة..

الأب كذلك ،رمز الكفاح و النضال و الصمود نأخذ منه القوة و السياسة و الإقتصاد و نفهم منه أخذ الأمور بعقلانية و منطقية ، إنّه دولة على حالها ، إنه فوق كل معلّم.

الطفل الصغير و كل ما خلق الله من طفولة ، هم مرآة للبراءة و النية الصافية كصفاء ينبوع رقراقٍ ، نتعلم أن نرى الاشياء على بساطتها و عنفوانها كما يرونها و نلعب بأي شيء كان و نصنع منه فرحاً.

و من أصغر ما يكون المرء إلى الشيخوخة ، هؤلاء الذين عاشوا الحياة بما يكفي ، ننهل من عندهم الأمثال و الحكايا الخالدة و التجارب الكادحة ، و من تفاصيل وجوههم المنهكة و الأخاديد التي تملؤها ،نتعلم ما قد يحفره الزمن في حياة الإنسان.

كلّهم "معلّم" ..

خُذْ على ذلك أي مثال من حولك.. حيث تسير و حيث تنام ، متى تتكلم و متى تُنصت و حيث تُبصر، من أي شخص كان ، من أي تجربة كانت .. و من حكايا المناضلين و الكادحين أو من آثار الناجحين و الفاشلين . من كل الخُطى التي يخطوها أي إنسان نحو الأمام ، و من كل سقوط و تعثّر يرجع به إلى النقطة الصفر ..

و على متن سفينة الحياة ، كلّ موجة من الأمواج تلطخ ظهر السفينة قد تكسرها و تُغرقها و قد تبقى السفينة على نفس الحال ، فالتجربة موجة و دروس الحياة أمواج..

من كل شيء نتعلّم .. 

الحياة تعلّمنا ،

أنت تعلّمني ، و انا أعلّمك و كِلانا لا يعلم ذلك .

كلّنا "معلّم" ..

نُعلِّــــم و نَتعلَّــــم .

#ميساء_بلطيّف