بين العقاد ومصطفى جواد أزمة أخلاق!
أظنها سقطة مدوية لشخصية عظيمة في الوعي الجمعي العربي كالعقاد.
نشر في 06 يوليوز 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
إن للغة العربية رجالاتها الذين تطيبوا بعطرها وأغنتهم بكرمها وسخائها، كيف لا وهي لغة الضاد التي خص الله بها القرآن الكريم وأعزت بها أمة العرب.
كانت الصحف في الأقطار العربية ولا زالت لا تخلو من مقالات وحوارات يبحث أصحابها مباحث اللغة العربية وأشكال تطورها والسبل الكفيلة بالمحافظة على أصالتها كلغةٍ عالمية يتحدث بها ملايين البشر حول العالم.
اشتهر الوطن العربي بالكثير من الأسماء اللامعة التي كانت أعمدةً للغة وحصوناً لها في العصر الحديث وأخص بالذكر في هذا المقام المصري الراحل عباس محمود العقاد والعراقي مصطفى جواد، اللذَين اشتهرا بمعاركهما الأدبية التي كانت تثري الصحف المصرية والعراقية على حدٍ سواء. ليس هذا ما أود الحديث عنه، بل ما قرأته عن إحدى المعارك الأدبية التي دارت رحاها بين العملاقين الكبيرين العقاد وجواد، فقد خاطب العقاد مصطفى جواد في الخطاب الذي وجهه إليه في "مجلة الرسالة" التي كانت تصدر من مصر قائلاً: "يا أيها الجواد بلغة العامة لا بلغة الضاد" في إشارةٍ إلى نطق الشعب المصري لكلمة " الجواد" باللهجة المصرية العامية التي تعني "القواد" وهو الوكيل الذي يوفر البغايا للدعارة. أظنها سقطة مدوية لشخصية عظيمة في الوعي الجمعي العربي كالعقاد. أما رد مصطفى جواد فهو ما جاء في مجلة "لغة العرب" الصادرة من بغداد تحت عنوان "صفحة النقد" إذ يقول: "ما أسهل السب والثلب لو كانا يغنيان عن الحجة كما فعل الأستاذ العقاد في عدد ٢٠ يوليه من البلاغ الأسبوعي. بعد أن عجز عن قرع حججي بالحجج ولو أردت لأشبعته سباً، كما يفعل ولكني لا أجاريه في سفهه، بل أمر بلغوه كريماً، وأقول سلاماً!"
كفة العلامة مصطفى جواد هي الراجحة إذا ما أخذنا الأمر من منظورٍ أخلاقيٍ بحت بعيداً عن اللغة ومثالبها، وأتساءل هنا كيف للعالم والباحث أن يستخدم أسلوب الشتم كلما ضعفت لديه الحجة؟ لا أنتقص من قيمة العقاد الأدبية ولكني تمنيتُ بقاء صورته الذهنية في عقلي جميلة ونقية كما كانت. سيغضب مني البعض ولن يرضى البعض الآخر بما أقوله ولكن الأحرى بهم أن يبحثوا في ما قاله العقاد رحمه الله لا في ما أنقله لهم.
في النهاية لا يطيب لي إلا أن أقول كما قال الشاعر العظيم أحمد شوقي في إحدى قصائده: " وإذا أصيب القوم في أخلاقهم، فأقم عليهم مأتماً وعويلاً. رحم الله العظيمين مصطفى جواد وعباس العقاد والسلام ختام.
-
إبراهيم بن حاتمإماراتي الأصل رافديني الهوى عاشق على ذمة بغداد