خلف عدسة الزمن البعيد.. كانت تقبع طفلة ابتسامتها مشرقه على وجهها المتورد ..كأنها البدر في اكتماله..
تركض هنا وهناك مع أترابها من أطفال الحي.. يجتمعون على أصناف شتى من الألعاب الفكريه والرياضيه.. يتجولون في ربوع الحقول المجاورة ...هناك..
تختبئ الغميضه على مهد من سنابل القمح الطويلة.. بينها وبين الطبيعة قصة عشق متبادل... فيها تمرح..فيها تسد رمق جوعها بما طاب من خيراتها الطازجة "العسلوج"... "بوحليبه".. "ڨرونجدي"... "كرع دجاجة".. "الشمام"...
لقاءات العشق تلك كانت تنتهي بباقة مختلف ألوانها تبهج الناظرين... من الاقحوان والنرجس وشقائق النعمان.. تضعها امام عينيها تلهمها...
وتطلق العنان لريشتها...تكتمل بهجتها عندما تولد لوحتها... ترسم الحياة بألوانها الزاهية...
حكايات العشق عندها لا تنتهي.. من الرفاق.. إلى الطبيعه.. فاللوحات... فالروايات .. على سريرها تمارس طقوس عشق آخر ... ينبض قلبها مع كل كتاب جديد..
حين تغرب الشمس .. تغزل بستائر الليل فستان عروس تستعد للزفاف ببطل قصة يحملها على حصان أبيض الى جزيره الاحلام...
ما إن تلامس وجهها خيوط الفجر تنهض مسرعة على انفاس عشق سرمدي فهي لا تزهر إن لم ترتوي من قطرات الندى ..حضن يضع العالم كله بين يديها وقبلات تطير بها الى عالم من التحدي وكسب خطوات نحو كسر قضبان الفقر.. احلام من نوع اخر كانت تتغذى بها كل صباح من شعاع نور عيني أب مكافح...
قوي البنية عضلاته مفتوله.. صقلتها الفأس والمعول.. دشبذات باليد.. طبقات صفراء تحكي قصه نضالات حياة كادحة.. تلتقط منها عينة تلصقها بكراسها.. تحملها شعار كد وعهد من المثابره والجد..
وتدرك أن الطريق لن يكون سهلا ومعبد ...ستمشي فيه بقدمين حافيتين وقد تتعثر بأحلامها وتحمل جثث عشاقها ومواهبها وتمضي...
(بسمة المدّوري 2023/2/24)