لا شيءَ أكثر بُرودة مِنْ يناير سِوى وَجهُ حبيبي حين طرقَ ساعي البريد بابَ وحدته في صباحٍ كانت الشّمس فيه تَبخل بأشعتها على الجميع ، و إذا ما دّللتْ أحدٌ ما بِدفئها تَهُبّ الرياح عليه مجددًا فَتَهُبّ معها سحابة من الذكرياتِ و الحْنين إلى شيء لا يدري به شخص سواه .
ساعي البْريد : إليكَ هذا البْريد أتى من مكانٍ بعيد ، طوال الطريق و أنا أشعر بثِقل حروفه ، فأخذت ادعو أعانَ الله قَلْبَ مَنْ أرسله يَبدو أنّهُ مُمتَلئ بأشواك الشْوق .
أغلقَ البْاب بَعْدَ أن اعادهُ ساعي البْريد إلى عالمٍ من الوِحدة ، تَفَقد الرْسَالة التي تَحملُ ثِقل الحُبْ :- لَقدْ رَحَلتْ و لَمْ تَكُنّ روحي التي تَتَنفس مَلامِحَكَ تُرِيدُ الرَحيلْ ، الألمْ الذْي نَزّلَ على قَلبي بَعْدَ أنّ أجهضتْ كانَ عَظيمْ ، لقد فَقدتُ جنين كانَ مِنَ المُحتَمَلْ أن يُعَوضْ ما فَعَلهُ جِفَاءُكَ بي و كُنْتُ عَزَمتْ على تَسمِيَتِها إنّ كانتْ فتاة سناء لا لأنّكَ أرَدْتَ ذَلِك ، فقط كُنت أريد أنّ أتودد لِهذا الاسم لعلّهُ يَكون أثمنَّ الأشياء في حياتي بَعد أنّ بَغضته و بَغضْتُ صاحِبَته أقصُدْ حبيبتكَ التي تصّر على بَقاءْ حُبَها حيًا بِقَلبِكَ و تصّر هي على قَتلِكَ ! ها أنْتَ تَنزِفُ بِفِعْلِ ما كُنْتَ تظنّهُ حُباً و هو رَصاصّ مُتَلثمْ بِثَوب الحُبْ ، في الحقيقة سَئمتُ إنقاذكَ مِن الغرقِ رُغم أني أصبحتُ ماهِرَة في السّباحةِ و التَجديفْ إلى الأمَل من انتهاءِ الحَربْ ، بناءًا على ذَلك سَأعودْ إذا ما انتهت الحَربْ و إذا قُمتَ بإجهاضِ سناء مِنْ قَلبكْ .
مَرّتْ سَنْة كامِلة و لَمْ يَرُد لؤي على رسالتي فأرسلتُ له عَبّر البْريد : هَلْ كانت حروفي ثَقيلة على قَلبكْ لِهذه الدَرجة ! أم أنّ الحَرب انتهت بِوفاتك ؟ ، اعلم أن حَربُ الحُبْ تَستنزف مَشَاعرنا و قُلوبُنا بِطَريقة مُريعة و قاسيّة فقد أستَنزَفَتني كُلي و أنا بَعيدةٌ عَنكْ ، أُغرِق وسادتي كُل لَيْلَة في الدْمُوعِ و أقيمُ حَربًا معها ثم تُغرقني هيَّ في النْوم هُدنة مِنَ الرْاحةِ مع عُيوني تَستَمّر لليْومِ التْالي ، أَما زِلتَ تَحمِلُها بِقَلبْكَ ؟ الويّلُ لِقلبي إنّ كان صَمتُكَ يُوحي بِذَلكْ .
خَمسُ أعوام مِنَ النَحيْبِ و البُكاءْ كَيفَ استَطاعت زُلَيْخة انْتِظار يوسْف لِ ثلاثين عاماً ! الساعة في غِيابُكَ تَلِدّ الدقائق و الشَوقُ يَتَداخل مع كُلِ ثانْية لِيحتَضن قلبي .
وَصلتُ إلى المَنْزلِ اليَوم كانتْ الجَلْسَة مع طَبيبَّتي مُمِلة جداً طوال الخْمس ساعات كانتْ تُحاول إقناعي أنني في السَّنوات الخَمس كُنْتُ أُرسل البْريد إلى رجلٍ قَدْ ماتْ بِحادث سَيّر هو و زوجته سناء قبل سِتُ سنّوات ، إنَّها طبيبة مِسكينْة و بَلهاءْ لعلّها تَقصِد لؤي آخر ، ثُمَ فَتَحت عُلبة البْريد : لا شيء هُنْا ، عليَّ أن أغير تِلكَ العُلبة رُبَما الصدأ الذي يَكّسوها يَجلبْ النَّحس مما يُسَبب بِقَلب الشْحن الذي يُرسل لؤي بِهِ الرَدّ على رسائلي .
#آلاء_بوبلي
-
آلاء بوبليفي داخلي تنتقل الحروف مع خلاياي فتشكل قصص و روايات و الكثير الكثير من الأغنيات ، لكن من الخارج لا يوجد شيء كهذا فكل ما يسيطر هو الهدوء.