سأتحدث في هذا المقال عن ثلاثة أنواع من الأسر أو العوائل في الوطن العربي ، الأولى عائلةٌ متدينة لكن تدينها ينقصه العلم ، و الثانية عائلة متنورة بنور العلم لكنها مبتعدة عن الدين ، و الأخيرة عائلة و هي من العوائل القليلة جداً و التي تجمع بين الأمرين الدين و العلم ، وطبعاً هذه الفئة تكاد لا ترى وجوداً لها لقلتها ، ووجودها يدل على وعي كبير جداً لدى هذه العائلة .
في الواقع أرى أن أغلب الأسر في مجتمعاتنا منقسمة إلى ثلاثة أقسام فإما أن تكون متدينة " شكلياً " وهو الغالب ، كأن تهتم هذه الفئة بتعليم أولادها الصلاة و الصيام و قراءة القرآن و لبس الحجاب و غيرها من الأمور التعبدية ، و إما أن تكون من العوائل التي تهتم لتعليم أبنائها في أرقى المدارس و الجامعات ، و تركز على تدريس أولادها اللغات الأجنبية و تحرص على حصول أولادها على تعليم متميز و مواكب للعلوم الحديثة ، أما الفئة الثالثة فهي أوعى الفئات .
نستطيع أن نلاحظ هنا أن لدينا مشكلة تتلخص في الإعتقاد بأن الدين و العلم لا يمكن أن يجتمعا معاً ، لذلك تجد المتديين لا يركزون كثيراً على تعليم أبنائهم أفضل تعليم ، فيكفي أن يتم إدخالهم المدارس ، فإذا تميز الإبن أو البنت فيتم مواصلة تعليمهم الجامعي و إلا فتكفي الشهادة الثانوية ، و بالمقابل تجد القسم الآخر لا يركزون كثيراً على تطبيق تعاليم الدين ، فمن غير الضروري لبس الحجاب ، و إقامة العلاقات بين الجنسين أمر متساهل به وغيرها من الأمور .
أنا شخصياً أغبط من يولد في الفئة الثالثة والتي تجمع بين الأمرين ، لذلك أقول أن من الضروري أن يعي المجتمع أن إجتماع الدين و العلم ممكن ، لكن فهمنا المغلوط عن الدين و إدراكنا الخاطئ عن العلم هو من أظهر هذه الفجوة لدينا ، لذلك تجد الفئة الأولى تختزل الدين في الأمور التعبدية فقط ، و تجد الفئة الثانية يعتبرون أن الشهادة هي أساس العلم ، لكن الحقيقة هي أن مفهوم الدين و العلم أوسع كثيراً و أشمل من المفهوم المتداول لدينا .
نحتاج إلى فهم الغاية ، فعلى سبيل المثال يعتبر الكثير أن غاية الدراسة هي الشهادة و التي منها يمكننا الحصول على وظيفة و تأمين المستقبل ، و كذلك الفئة الثانية ، فمثلاً تهتم هذه الفئة بتعليم أولادها قراءة القرآن و ختمه ، لكن إن ركزنا على الغاية في هذين المثالين سنجد أن الغاية الأساسية من العلم هي التعلم و ليس الشهادة ، وكذلك الغاية الرئيسة من القرآن هي تدبره و العمل به لا لقراءته فقط ، ضربت هذين المثالين لتقريب الصورة فقط ، لذلك ختاماً أقول أن المشكلة تكمن في عدم معرفة الغاية الحقيقية مما أدى إلى خلق هذا الحاجز الوهمي بين الدين و العلم .
عمار محمد
-
Ammarعمار محمد علي ، طالب جامعي محب للعلم