شهر رمضان.. بالتردد الأفقي والرأسي! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

شهر رمضان.. بالتردد الأفقي والرأسي!

صراع بين شاشة الترفية وسجادة الصلاة .. وأنت من يصنع القرار.

  نشر في 23 أبريل 2022 .

-مرحب شهر الصوم".. شهر الخير يحمل على مائدته "مسلسلات" بدلًا من "التواشيح"!

ننتظره على أحر من الجمر، شهر الصوم والعظة والبركات، نفحاته تفيض على أرواحنا بالسكينة والسلام، شهر رمضان المُعظم، الذي تلتف به الأسرة حول مائدة الإفطار بسعادة ودعوات تشق عنان السماء بأمنيات وأحلام مؤجلة إلى أن يحل هلاله، ومعه تنفرج الكربات وتنجلي الهموم، فكيف تبدل الشهر الكريم بين الأمس واليوم؟

مع حلول شهر الخير، تتوالى ذكريات الأسرة حول أيامه الجميلة ذات الطابع الخاص، بدايةً من صلاة الفجر ونسماتها الهادئة التي تُلامس قلوبنا بحنان ورفق ورأفة بحالنا المشتاق إليه، ومرورًا بـ"مدفع الإفطار" الذي ترك أثرًا طيبًا في الكبير والصغير، وحتى لحظات ما قبل السحور التي يتسامر فيها أفراد العائلة حول "الفول والزبادي"، وخلالهم يطلب التلفاز الإذن كي يدخل بيوتنا وينثر بعضًا من مظاهر البهجة على القلوب والابتهالات الدينية لتغسل الأرواح مرة واحدة في العام.

"خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي"، "بوجي وطمطم"، "فوازير نيللي وشيريهان".. وغيرها من "فاكهة" رمضان التي تتفنن في ترطيب جوفنا بما تحمله من رقي وإبداع لا تسبقه علامة "للكبار فقط" أو بتنوية: "غير مسموح مشاهدته لمن هم دون 18 عامًا"! فهل أدركت حجم الاختلاف المُهين لعظمة الشهر الكريم؟ هل أدركت أن ما يُقدم اليوم خلال شهر الصوم عن المُحرمات هو انتهاك صريح لحُرمته؟

لطالما استقر "رمضان" في الأذهان بأصوات ابتهالات الشيخ النقشبندي والشيخ نصر الدين طوبار، لتصبح أصواتهم هي الصوت الرسمي لتعلن عن قرب أذان المغرب، فتُروى عروق الصائمين قبل أن ينطلق بلحظات بأصواتهم العذبة، وتختلف أيامه عن باقي العام بصوت الشيخ الشعراوي المميز، حيث يسرد علينا معاني القرآن الكريم بسلاسة ودون تكلف أو تعقيد في توصيل القوانين الربانية، حتى تنتهي الفقرات الدينية لتبدأ فقرة أخرى تجمع شمل الأسرة حول "مكسرات" الشهر المبارك: "فوازير وبرامج كاميرا خفية"، وبالرغم من كونها بسيطة لم تصل إلى درجة التطور التي وصل إليها جيل اليوم من "كاميرات وإضاءة وصوت"، ولكنها احترمت المتلقي وخصوصيته، فكسبت محبتنا وجذبت أنظارنا إليها.

لم يحمل رب الأسرة همًا في مشاهدة صغاره لها، لم تجبره على فرض تساؤل: هل تحمل لقطات تخجل منها ابنته التي لم تخسر براءتها بعد؟ هل تتضمن ألفاظ يمكن أن يتشربها الابن بدلًا من "التمر هندي"؟ ومن ثم يخرج بها للحياة بهيئة رثة لا تنم عن تربية مُحكمة.

لم تشك الأسرة بأكملها أنهم في قبضة الضياع، الضحك بحساب، دون أن يكون مبررًا للتعدي على الحدود والخطوط الحمراء، دون النيل من سمعة الضيف لكسب مشاهدات أكبر ومن ثم جني أرباح تكفي لإنتاج موسم جديد في المرة القادمة، بتقنيات هوليودية تكفي لإثارة حنق الشعب قبل أن تُثير إعجابهم، ليتسألوا في حيرة ودهشة واستنكار: من أين كل هذه الأموال؟! وما الهدف وراء إعلانات التبرع بعدها؟ فمن الأولى أن تكون نهاية الأموال المدفوعة في "ربع ساعة مهزلة" في مكانها الصحيح، كالتبرع بها لصالح عمليات القلب المفتوح وإطعام الفقراء التي يتغنون بها ليلًا نهارًا، وأما عن المضحك وبحق، أن تكون مطالبتهم لنا! فماذا عنهم وعن ملايينهم؟ هل النجم فلان الفلاني هو "الضحية المفبركة" للمقلب أم أننا من بلعنا الطُعم؟

وأما عن الكارثة الحقيقية، تتمثل في مسلسلات لا ترقى بأن تكون ضمن أيام مباركة بمثابة هدية إلهية لأمة المسلمين أجمعين، "رقص وأغاني وحركات"، لا أقلل من بعض القضايا التي يُلقى عليها الضوء وخاصةً مع فضول الشعب للمحتوى المعروض طوال أيام الشهر، فقد تكون مبادرة مُجدية، ولكنها القلة القليلة التي تُقدم ويقصد صناع العمل من خلالها توضيح مغزى مهم، والمؤسف أن تكون كحبات رمال ضائعة على سطح الأمواج الجامحة! نادرة كاللؤلؤ والمرجان، والطاغي في شهرنا الطيب هي الأعمال التي تتسابق في تراشق الألفاظ النابية ونشر ثقافة "البلطجة" والصراعات الدامية، قصص رومانسية تضج بالمشاهد التي يقشعر لها الجسد خوفًا من عقاب الله لمن يتساهل فيها تحت مُسمى "الفن رسالة".

أصبح شهر رمضان البوابة التي تنطلق من خلالها أعمال شيطانية على يد الأنس في غياب الجن، أو بمعنى أصح هي تسليم الراية لشياطين الإنس ليستكملوا أدوار شياطين الجن! حتى ينتهي الشهر الكريم ويعود كل دور لصاحبه، وهي المأساة الكبرى! أن نعاون الشر على الهلاك، أن نُتمم مهمته في حضوره وغيابه! أن نتلهف للقضاء على مراسم الشهر المُعظم في الأرض والسماء! وأن تكون مهمتنا الأولى والأخيرة أن نفسح المجال لكل من باع آخرته مقابل الشهرة والأموال ونشر الدمار.

اليوم.. إن اتخذت قرارك بأن تنظر نظرة خاطفة على قنوات الشاشة الملونة المختلفة، فلن تجد إلا القليل النافع، والكثير الهابط! برامج تعتمد على إضحاك المتفرجين هباءً! أعمال تتمحور قصتها على الخيانة و"السلاح الأبيض"!

فهل هو شهر رمضان الذي نتنظره كي يشفي جروحنا؟

هل تتفكك الأسرة أمام شاشة عرض مستمر بدلًا من أن تجمعها معاني الشهر الكريم الطاهرة؟

قد يكون الحل لمواجهة "مافيا" الفن هو المقاطعة، الوعي بقيمة هذا الشهر العظيم، أن تُدار شاشات الخراب إلا عن كل ما ينفع ويؤتي ثماره، واستغلال كل لحظاته على أكمل وجه، فقد يكون الأخير.


  • 1

   نشر في 23 أبريل 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا