أحاديث لم تُسمع , وكلمات لم تُقال .. بقلـــــم / نـــــورا محمـــــد .
نشر في 30 أكتوبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
كانت الكلمات محبوسة لزمن ..
داخل تلك النفس المُنتفضة بالأحاديث التي لم تهدأ , الحوار الذي لم يعرف طريقاً نحو النهاية وحسم الجدال الذي نشب عنه , إزدادت الكلمات إضطراباً وتمادت الأحاديث قسوة وعنف , وظل البشري المسكين ماثلاً أمام تلك الحالة لا يقوى على النطق ولو بكلمة واحدة من بحور الكلمات داخله وتياره يتفنن في جرف راحة باله ! , مُقيد , مُستسلم إذا أردنا دقة الوصف , ينهش اليأس إرادته بمرونة شديدة , كأن الإرادة لم تُدرك معنى للإرادة ذات يوم ! , وكأنها لا تعرف سوى الإنسحاب ومن يدفع الثمن هو أنت ! ..
تلك الحالة , أنت سجينها الأول والأخير !
إن عدت بزمنك قليلاً للوراء , وتذكرت لحظات مميزة قد مرت عليك ولن تستطيع أن تنكرها أو حتى تتهرب بخيالك عنها , سترى ملامح تلك الحالة بوضوح , هي حالة ظلت مُتحكمة بك لدهور , رغم كونها لم تستمر سوى بضع دقائق أو قل لحظات لا تُذكر , حالة عزمت على تشتييت شمل سعادتك , وتبديد أملك وسلب قوة إحتمالك ! , هي حالة ظلت مُتمسكة بك كأنك الدواء , وهي المريضة التي على أعتاب الإحتضار , فهل تعتقد أنها ستتركك بمنتهى البساطة وتُطلق سراحك كلفتة منها تدل على مدى كرم أخلاقها مثلاً ؟! , لن تفعل ذلك إلا بعد أن تُلقنك درساً قوياً , درساً لن تضيع بعده , ولا تُزل أقدامك في طريق الحياة بل ستجد أن خطواتك أصبحت أكثر إتزاناً , مُدركة لوجهتها وتعي تماماً إلى أين السبيل , فلا تنظر لها نظرة سلبية بحتة , فقد أبرمنا إتفاقاً من قبل أن الأمور لا تؤخذ بقشرتها وفقط , قمة وجة أخر لكل الأمور قد نجد فيه المعنى الإيجابي الذي لطالما بحثنا عنه وكانت النتيجة الفشل الذريع ! , فهل أنت على أستعداد الآن حتى تتعرف على ملامح تلك الحالة ؟ , أراك مستعداً ..
لحظة .. بكل العُمر !
" لقد إرتكبت خطأً جسيماً ! , أشعر أنه الذنب الوحيد الذي سأُعاقب عليه مدى الدهر ! , كثُقل الجبال الذي يستقر على صدري ويأبى أن يُزحزح قليلاً لمجرد أن ألتقط بعضاً من أنفاسي البالية , قد وجد أن أقسى عقوبة هي ما يجب أن أتلقاه , وأن تركي هكذا أغدو في الحياة دون أن اُحاسب هي العقوبة الوحيدة لهذا الذنب التي لن تتركه دون أن تهلكه هو وليس أنا , فـ أتساءل الآن : هل من مفر لهذا الذنب الذي يعتصرني ألماً ؟ , هل من طريقة لأبتعدت عنه حتى ولو في أحلامي التي لم تسلم منه وأخذ يزورها من حيناً لأخر ؟! , هل سيستمر هذا الذنب في إقتلاع جذور الطُمأنينة من أعماق قلبي دون أي إحساس بالشفقة حيالي ؟! , أتسأءل وتزاد الإجابة رفضاً وعناداً في منحي بعض الراحة , ترفض أن تمنحني بعض الراحة رفضاً تاماً كأني عدوها الأوحد ! , فأزداد أنا حيرة وإضطراب وتزداد هي عزم على جلدي وتدمير أمني " ..
هي كلمات وحوار سري دار داخلك ذات ليلة , صيفية ذات نسمات دافئة أو شتائية ذات أعاصير باردة قارسة ! , راودتك وحينها لم تُدرك الزمن , أو بمعنى أصح الزمن لم يُدركك ! , أنت في تلك الحالة وذلك الحوار خارج نطاق الحياة , بكل تفاصيلك لقد إنشققت عنها وأخذت تُساير حوارك دون أن تلتفت لعقارب ساعتك , هل هو ليل حالك الظلام أم نهار مُفعم الحرارة ؟! , لا تدري ! , ولكنك في تلك اللحظة لم تكن تُدرك سوى أنك في مأزق حقيقي ! , نعم لقد أدركت حينها أن الوضع أصبح صعباً , وأنك لن تقوى على التحكم وإدارة حديثك ذلك ولن تجد أي سيطرة عليه تجعله يتوقف حتى ولو لحظات معدودة تعود لحياتك من جديد لتُطمئن على أسرتك وتُلقي عليهم خُطبة الوداع وتعود من جديد لتلك المعركة الناشبة داخلك , لقد فُرضت عليك , أوتدري ما السبب لكل هذه الجلبة والضوضاء الحادثة داخلك ؟ , إنه الخطأ ..
نعم .. هل تعتقد أنك معصوم ؟!
من منا لم يُخطئ من قبل ؟ , هل ستجد إجابة لهذا السؤال ؟! , فكر وعد إلي حتى تُخبرني بقرارك النهائي وإجابتك النموذحية , ولكن إنتظر , فأنت لن تجد سوى إجابة واحدة لن أُطيل عليك حتى أُخبرك بها , جميعنا وقع في حفرة الخطأ , جميعنا وقعنا في حفرة الخطأ مع سابق الإصرار والترصد أو بغير عمد , حتى لا تشرد بفكرك كثيراً هي إجابة موجزة , ولكن ما الجدوى من ذلك الحوار الذي يدور داخلنا بعد كل خطأ نرتكبه ؟ , هل نحن في حاجة للمزيد من أخطاء وعبث داخلنا ؟ , أولم يكفي ذلك الدمار الحادث فينا التي لا ندري كيف نُعيد إصلاحه ؟ , لمَ تُزيد علينا الحياة ضجيجاً ونحن في غنى عنه ؟! , نصبح كمن يُعافر أمواجاً لا تهدأ ولا تخفت لحظة وهي لا يعي كيف يسبح ويُجاري التيار حتى يصل للبر بأمان , فتتقاذفه الأمواج تارة نحو العمق فيحسب أنه قد غرق لا محالة , وتارة أخرى ترفعه على سطحها كأنها تُعطيه فرصة جديدة للنجاة , فيجد طوق النجاة على مقربة منه وبعد أن يتشبث بأمل النجاة تبتلع الأمواج هذا الطوق إبتلاعاً عنيفاً وتعود لتلهو به كما تشاء ويحلو لها ! , أنت في تلك الحالة تجدك هكذا ! ..
ولكن لا تتعجل .. فثمة أمور لم تُدركها بعد ..
تلك الحالة المُسماه بـ " تأنيب الضمير " هي الدلالة على بقاءك على قيد الحياة فعلياً , أنت تُخطئ , ولا مهرب من تلك الحقيقة وإن كانت مُره , كما يقولون " أمر من الصبر " , ولكنها الحقيقة التي لا يُمكن التهرب منها على أي حال , وبعد أن تُخطئ أمامك طريقان , طريق الإستمرار على ما إقترفته دون أن تلتفت حتى لحجم الخطأ هذا , أهو كبير يستلزم بعض الجهد لإصلاحه أم صغير يُمكن مُداواته ؟ , ولا تجد في طريقك هذا سوى الــ " لا مبالاة " بالأمر , فماذا حدث لكل هذا ؟ , يصبح هو السؤال الوحيد الذي تُردده صباحاً ومساءاً , كنوع من التبلد وإنعدام الشعور بما فعلته , ونتيجته لن تخرج عن نطاق السلبية , فهنا تكمن السلبية كلها , فكيف تتوقع أن تستمر على أمر سلبي دون أن تجني اشواكاً تُدمي أقدامك في طرقك هذا ؟ , سلبية ايضاً , ولكنك إن إخترت طريقك الأخر , فلن تجد سوى الحياة , وإن كانت حياة قاسية في بداية الأمر , ولوهلة تحسم أنك قد اُلقيت في الجحيم الحقيقي , وعذابك فيه عنيف لن تستطيع الإفلات منه , ولكنك ستجد الأمر يتبدل تبدلاً غريباً فيما بعد , فأنت أخطأت واخترت طريق " مُحاسبة النفس " , وهو الطريق الذي لن تجني فيه إلا ثماراً ذهبية , إيجابية لا يتخللها أي شوائب , وكل هذا بمجرد إختيار يقع بين يديك من البداية ..
الأمر كله يبدأ .. منك أنت .
لقد حسبت أن تلك الحالة التي تضج داخلك بتساؤلات عدة ولحظات ضيق لا حد لها هي السلبية بعينها , ولكنك أخطأت التقدير والحُسبان لأول مرة في تاريخك , أرأيت ؟ , لقد إرتكبت خطأ الآن وأنت لا تدري , وأمامك خياران , إما أن تختار الطريق الأول الذي لن تجد فيه نهاية , بل حقيقةً ستجد فيه نهايتك أنت ! , وبين الطريق الثاني الذي لن تبذل جهداً فيه حتى تصل لمُنتهاه , فلا نهاية له من الأساس , بل هو البداية الفعلية ..
إن إقترفت خطأ وودت أن تُصلحه , فما عليك سوى أن تبدأ بإصلاح نفسك أولاً , أسباب الخطأ ليست بالحلم البعيد صعب المنال , بل أسبابه أقرب إليك من هذه الكلمات التي تدور داخلك الآن , وما عليك سوى التفتيش عنها , ولا تنزعج من هذا الحوار الذي يدور بين " ضميرك " وبينك , فالضمير الذي لا يزال ينبض هو أقوى دليل على إنسانيتك عزيزي الإنسان , هو مجرد جرس إنذار , صداه يقوى عندما يراك لا تعرف سبيلك , ينتشلك من الضياع إلى الثبات , فعليك بقليل من الصبر , اصبر على تلك الأثار الجانبية من إرتكابك للخطأ , كأنك تتلقى علاجاً يستمر معك لأيام أو لأسابيع , في البداية لن تغيب المرارة عن المشهد , ولكنك وبعد أن تُشفى تماماً تجد أن المرارة تبدلت لمذاق لن تتذوقه مثله أبداً , دع الحوار يكتمل , ولا تُقيد لسان الحق المستتر فيك ..