هل يمكن أن يعيش سوبرمان حقيقي بيننا ولا نحكي للأطفال عنه لأنا نجهله، ونزرع أرض أحلامهم بخرافات سوبرمان خيالي لا يجيد غير طيران أحمق يستغبي عقولهم؟
زهير لهنا طبيب أجاد طيرانا حقيقيا وعمليات إنقاذ حقيقية تحت القصف، دون تمويه ولا خدع بصرية.
طار إلى سوريا خلال الحرب الراهنة بين النظام والمعارضة.
طار إلى بنجلاديش لتقديم خدماته الطبية لمسلمي الروهينجا الذين فروا من جحيم المجازر في بورما..
طار إلى أفغانستان خلال الحرب، إلى الهند وقت الزلزال، إلى الكونغو، اثيوبيا، جزر القمر، بلدان الربيع العربي إبان الثورات، فلسطين 7 مرات منها ثلاثة خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة المحاصر.. من غزة ومن حلب تحدث للقنوات الدولية ناقلا بؤس المشهد:" لم يعد لجميع الخطابات حول حقوق الإنسان والحرية مكان غير قاع القمامة".
ومن داخل مستشفى الشفاء بغزة، وتحت القصف كان يكتب شهاداته وينقل للعالم معاناة شعب محاصر يولد ليستشهد.
كلما شاهدته يتكلم، توار إنسانيتي خجلا وأنا أقرؤه يتنقل بين بؤر الصراع حيث الحصار ورائحة الموت، الألم والفقد والوجع.
كم زهير يترك خلفه المال والمجد والأمان والراحة ويهاجر حيث الفقر والحرب والتعب النفسي والجسدي؟
كم زهير ولد بقلب شاسع لا ضفاف ولا حدود له.. انعتق من سجن ذاته وفاض حبه أنهارا على الآخرين؟
كم زهير يحتاجه عالمنا؟
يغادر الأمن إلى الحرب..
حب المال إلى حب التطوع..
حب النفس إلى حب الآخر..
منطقة الغنى إلى منطقة الفقر والدمار..
مغادرة المعقول إلى اللامعقول..
مذ قرأت عن الرجل، وأسئلة ملحة تغزو عقلي:
هل يمكن أن يكون حلمك أكبر من أن تنام آمنا في سربك، فقط لإحساسك أن أسرابا أخرى دمرت أعشاشها، وأن أمن هؤلاء من أمنك؟!
هل يمكنك أن تغادر أمنك وأهلك وولدك لتذهب إلى أرض تنام وتصحو على صوت الرصاص والموت والفجيعة، لأن إنسانيتك تجاوزتك وصرت تحس أن هؤلاء المطاردون في أرضهم بعض أهلك؟!
كنت في طفولتي حين أقرأ عن أبطال الإنسانية، أرسم لهم في خيالي صورة من نور، شاسعة كقلوبهم.. متدفقة كعطائهم، صورة تتحدى التلف في ذاكرتي.. أنام وأنا أحس أن الدنيا بخير ما دام حراس الإنسانية هؤلاء موجودون.. لا يعترفون بالحدود.. ولا يسيسون المعاناة.. ولا يتاجرون بالبؤس والألم.. أياد بيضاء.. وقلوب لا يسعها الوسع..
زهير لهنا أحد هؤلاء، مبادراته الإنسانية أكبر من أن يحصيها قلمي، فهو الذي دعم اللاجئين السوريين الذين علقوا في الحدود المغربية الجزائرية، نظم قافلة إغاثة في المنطقة الحدودية بالصحراء وراسل مسؤولين مغاربة لوقف هاته المأساة الإنسانية وتابع القضية إلى حين استقبال الإخوة السوريين داخل المغرب..
ولم يتوقف..
لهنا هو أول طبيب مغربي يفتح مركزا صحيا خاصا بالدار البيضاء هو مركز "إنجاب " بهدف العلاج المجاني للفقراء واللاجئين والمهاجرين.
حارب التجارة في البؤس والألم، وامتصاص دم الفقراء في مصحات خاصة لا تراعي في جراح الناس إلا ولا ذمة، وهاهو اليوم ومباشرة بعد عودته من اليمن، يطير إلى جبال الأطلس ويطلق مبادرات لفك حصار البرد والفاقة عن سكان المغرب المنسي.. فأي رجل يسابق الزمن هذا؟!
يقول لهنا: "لا أراني حققت نجاحا باهرا.. ولو كنت كذلك لغيرت وضعية مهنة الطب في المغرب والعالم العربي"
فماذا بربكم نحن قائلون بعد قوله؟ وما الذي قدمناه للعالم المحترق من حولنا غير الجري خلف رفاهية النفس؟!
صباح حراس الإنسانية..
صباح سوبرمان الحقيقي..
صباح الدكتور زهير لهنا..
التعليقات
وبالعودة لموضوع المقال أختي فوزية ، أجد في نفسي حرقة عندما أرى أننا نقصر بدورنا في تعريف أبنائنا على شخصيات يفوق وصفها حدود الخيال. .وهي بنفس الوقت حجة علينا في ما تقدمه للإنسانية من خدمات جليلة ..سأحكي لطفلي عن هذا البطل لأن ما ينقص مجتمعاتنا حاليا هو القدوة الحسنة الرائدة ، ذلك أن الإعلام الفاسد وأصحاب المال والأعمال، الذين يتاجرون بالناس، من مصلحتهم طمس معالم أمثال الدكتور زهير لهنا وفي المقابل الترويج لشخصيات أخرى في إطار الفن الرخيص أو الفضائح المؤقتة..
لك شكر وتحية كبيران على مقالاتك القيمة أيتها الراقية.
صباح سوبرمان الحقيقي..
صباح الدكتور زهير لهنا..
وانتى استاذتي الغالية فوزية ...صباح الكاتبة الرقيقة ..