وما عندَ الله خيرٌ وأبقى.. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

وما عندَ الله خيرٌ وأبقى..

  نشر في 05 يونيو 2016 .

صوت المنبه أخذ يدق على مسامعي .. ويدق حتى دق أكثرَ من 22 دقة .. وأخيرا استيقظتُ كليل الجسد .. متعب العينين من سهر الأرق ، توضأتُ بتلقائية شديدة ، يقطر الماء من جنبات وجهي فيكشف عن قسمات قاسية كأنها ما عرفت في الحياة فرحة .

وقبل أن أهم بالخروج ، وقعت عينايَ على هاتفي 2016 / 06 / 03 ، بُهت وكأنني لا أعرف ذلك اليوم ..

لم أفرح بذلك أية فرحة ، تدور هذه الأنات على قلبي ، ولم يتبقى على المسجد الذي في آخر الشارعِ سوى اثنانِ وعشرون خطوة ، و لا زلتُ أتمنى ألا يكون إمامه في الصلاة الشيخ بوتامنتْ .. بل ، أتمنى أن أجد ذلك الشيخ الجليل الذي رأيتهُ في حلمي ، دخلُتُ وحمْلقتُ في الوجوه ، أبحثُ عن بطل من الأبطال أشركه في أثقل أمانة على وجه الأرض ... اييه ما أثقلها ..

أجل أتمنى أن أجد عبد الله بن أبي قحافة يحدثني عن صاحبه محمد بن عبد الله الذي جاءه في يوم من الأيام وقال له إني نبي يوحى إليه فآمن به وصدقه ، ثم انطلق يبحث عمن يحمل هذا الدين ويبلغه في العالمين ، فلم يختار عشرين من الرجال في سنه ، ولكنه يختار من أول ممن يختار فتية خمسة رجال في عصرهم...

أخبرهُ ذلك الشيخ كيف أنه دعا من أول ممن دعا الزبير ابن الخامسة عشر وصاحبه طلحة سعيدا ( بن زيد ) وهو أيضا في الخامسة عشرة سعدا ( بن أبي وقاص ) ابن السابعة عشرة

وأخيرا أكبرهم سنا لم يكن إلا الأرقم ابن العشرين ، فيرجع بهم إلى النبي فيجده يصلي وخلفه - من غير زوجته وبناته - فتيان لم يبلغا سن أي من هؤلاء الخمسة ، هما على وزيد في سن الصبية..

تاهت بي قدمايَ أكثر وأكثر حتى غاصت في الأرض ولا يزال على المسجد نفس الاثنانِ والعشرينَ خطوة لا أريد أن أنجز منهم أية خطوة ، لا أصدق أن يأتي رجلٌ في هذا الزمان حتى ولو كان يبحث عن موظفين له في شركة ، فلن يختار أحدا في هذه السن طبعا ، ألبته ، أتسائل في حسرة أشركة أهم ، أم أعظم دعوة .

ولكني لم أتحرك بعد لأنني ما زالتُ أتمنى أن يتحقق حلمي .. أتمنى ألا أجد بجواري في الصف سطوفْ ، بل أجد ذلك الشاب ثابت المراس حاد الملامح أسمر الوجنات ، يقول له : نعم أنا أعرفك لقد .. لقد حدثني عنك ذلك الشيخ الجليل منذ ثوان ، ذلك الشيخ الواقف هناك .. ينظر ، فإذا به قد اختفى ، لا يهم ولكني أعرفك وأعرف هذا الذي في جنبك ، رباه إنه سيفك ، سيفك الذي دعا له ولك النبي العظيم وأنت في السادسة عشرة ، سيفك الذي كان أول سيف يجرد من غمده ، يرفع دفاعا عن النبي العظيم ، لم ترهبك كل رجالات قريش فخرجت رافعا سيفك هادرا دم كل من يقف في وجهك ، لمجرد أن تناهى إلى سمعك أن أحدهم آذاه أو قتله ، ليتك تعيره لى أدافع به عن النبي في هذا الزمن ، يحاول أن يمد يده ليمسكه فإذا النور الذي به يتلجلج يومض ، يبرق ويرعد ، فينزع يده كي لا يحترق ، ويختفي من أمامه زبيرا وسيفه..

لا ألبث أن يقبلَ علي شابٌ على نفس الهيئة .. قد حمل على ظهره قوسه وسهمه ، يكاد لا يصدق عينيه وهو مقبل نحوي ، أنا أعرفك أنت من كنت وحدك في ذاك الزمان ثلث الإسلام ، وكان عندك من العمر سبعة عشرة ، سهمك الذي رميت به أول رمية في الإسلام وما زال الرامون يرمون بعدك ، ألا تدلني على من يعيرني مثله ..يذوب سعد كما ذبتُ ، وكما ذابتْ قدمايَ عند الخطوة الثانية و العشرينَ من المسجد ..

فإنني ما أزال أتمنى ، وتتقدم بي الأماني في عصر الزمان فترة بعد فترة ، ها أنا ذا أري النبيَّ العظيم وهو يعقد لواءه في آخر أيام عمره لفتى الإسلام أسامة بن الثامنة عشرة ... عمرَ ابن الخطاب وهو يقحم ابن عباس مع أشياخ بدر يقول له قل لنا رأيك في هذه الآية وتلك الكلمة وهو دون التاسعة عشرة ... الصبيَ الذي دخل على ابن عبد العزيز يتقدم قومه ... محمداً بن القاسم يدق أبواب الصين بعد أن فتح السند ( باكستان ) ، وقهر ملوك الهند ، وما كان عمره يوم خرج بالجيوش المجيشة من العراق إلا سبعة عشرة ... الوفودَ العظيمة من العلماء والعامة ، واقفة على باب ابن سينا وهو في الثامنة عشرة ، ينهلون من علمه وطبه ... الفاتحَ العظيم محمدا سلطان على المسلمين في أعظم دولة..

توقفْ بي عجلة الزمان لمْ استطعْ كبحَ دموعي البتة و أنا في تقاطعِ الشارعينْ , أضحيتُ قابَ قوسين او أدنى من الاضمحلال ربما , تارةً انكسُ علمي و تارةً تدور الأحداث كلها لتختلط في ذاكرتي وعقلي ، تتوهج وتثلج ، تومض وتختفي كضوء تلك السيارة المقبلة نحوي ، وقد أخذ قائدها يزمر له مرة بعد مرة " ماذا دهاك تحرك من وسط الشارع أيها الأبله"

أخيرا تحركتُ رغما عني أقترب من المسجد لكني أتمنى ألا أجد أحدا من هؤلاء الذين رأيتهم في حلمي ، نعم لا يمكن أن أرى أي واحد منهم ، ماذا سأقول لأي منهم ، إذا سألني عن حالي وحال أمتي ،و أنا الشابُ صاحبُ الاثني و عشرين خطوةً ، ماذا سأقول لذلك الشيخ الجليل

ماذا سأقول للزبير ، سأقول له تجاوزت سنك ولم أتعلم كيف أدافع عن نبيي ، ماذا لو اكتشف أن النبي أوذى – ليست إشاعة – ولكن على رؤوس الأشهاد ، وملأت إهانته سمعي وبصري ولم تهتز لي سوى شعرة ..

يقطع نداء الإقامة أحبال أفكاري ، آمالي وآلامي ، أصلي وأدعوا في كل ركعة وسجدة أن يتحققَ فينا كلامهُ سبحانه " واجعلنا للمتقينَ اماما"




  • 2

  • صهيب أعظم
    قبلَ أن تقرأ حرفي، انزع علمَ وشكلَ وتضاريسَ دولتكَ خارجاً، فهنا لا يعترفُ بالحدودِ ولا القومجيات..
   نشر في 05 يونيو 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا