المحاكمة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المحاكمة

قصة قصيرة

  نشر في 18 أكتوبر 2017 .

همس الحاجب بلطف بالقرب من أذن القاضي:

- سيدي، لم أر مثل هذا الجمع الكبير في القاعة منذ قضية السوسنة!

أجاب القاضي بكسل:

- وما شأن كل هؤلاء بقضية كهذه؟ .. لعلي تخطيت مراحل الحماس بكهولتي

في مقعدٍ لم يعد بالوثير وقد تهتكت أرجاؤه، راح القاضي يتفحص الوجوه والأبدان المكتظة في قاعة ضيقة لا تسع إلا لأقل من نصف العدد الموجود، تململ، وتَبَادَلَ نظرات الدهشة مع مستشاريه اللذين غاصا في صحو سبات أو سبات صحو كسول تنقصه الرغبة ويفتقر للاهتمام.

"الاتهام!" .. هتف بها القاضي ليقف محامي المدعي مستندا إلى حافة طاولة خشبية تتقدمه .. ليهتف بدوره:

- سيدي القاضي .. وكلتني أكثر من عشرين عائلة تسكن حي المتهم ونطالب بإبعاده عن حيهم دون رجعة فقد تحولت حياتهم - يا سيادة القاضي - إلى جحيم بسبب ضجيجه المستمر.

"من يمثل المتهم؟" .. تساءل القاضي وعيناه تفتشان بين وجوه الصف الأول من القاعة.

من مقعدها .. وقبل أن تتمكن من التملص ممن يجاورها، صاحت امرأة قد جاوزت الستين:

- أنا سيدي القاضي

أشار اليها بيده متعجلاً أن تبدأ حديثها .. ثم أعاد إشارته .. ليقول في المرة الثالثة:

- أليس لديك ما تقولين يا سيدتي؟

- بلى! .. إلا أنني حسبت أن الأمر لا يحتاج إلى حديثي ومرافعتي أمام لامعقولية التهمة. لم يوكلني المتهم لعدم قدرته على ذلك، وقد تم اختياري محامية عنه طبقا لقانون حق المواطن في الدستور، وكان علي يا سيادة القاضي قبل كل شيء أن اثبت لهيئة القضاء مواطنة موكلي وانتمائه لتلك الأرض التي ولد عليها.

القى القاضي، من جديد، التفاتاته للمستشارين اللذين غصَّا في النوم .. ثم عاد لمحدثته قائلاً:

- لا أذكر أن في قوانيننا أو في مواد الدستور يا سيدتي ما يعطي حق المواطنة لكلب.











  • 8

   نشر في 18 أكتوبر 2017 .

التعليقات

وكأننا نجلس في قاعة المحكمة ابدعت في التصوير اللفظي ، مشكور استاذنا كريم .
2
كريم السعيدي
شكرا جزيلا
آيــآ منذ 5 سنة
الأسلوب جميل ... القصة لطيفة ساخرة ...
لكنني لم أفهم المغزى ؟! فهل هناك مغزى أم أنها مجرد قصة ذات نهاية غير متوقعه ؟
3
كريم السعيدي
شكرا لاهتمامك، كان مقصدي، بقصة وأحداث أكثر طولا من هذا، أن أبين (حالة) اللاجئ الفلسطيني في البلاد العربية. اختصرتها لأقصى ما استطيع وتركتها لتعبر فقط عن (تعبير شخصي جدا لضيق هائل) .. أدرك تماما مدى ابهامها.
آيــآ
بإعادة قراءتها مع توضيحك اشعر بشناعة الواقع بنفس وصف شناعة السيناريو....
أتفهم ابهامها الآن... و مجرد هذا التوضيح لا يدعو إلى ان تكملها. وصلت الرسالة يا استاذي الفاضل.

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا