ظلت زمردة تمشي وراء الأميرة، الى أن وجدت نفسها في قاعة عرش عجيبة لم تكن مثل تلك القاعات المألوفة في ذهنها، بل كانت قاعة مغطاة بزجاج سميك تحته ماء كأنه المحيط، و تلك القاعة كانت ذات صقف لا نهاية له . زينت بالحرير فلا ترى نوافذ ولا أبواب فقط ستائر طويلة مطرزة بألوان زهية زادت من جمال القاعة. حتى كادت تكون متحف فني شيد حديثا يحاكي حقبة زمنية ما لكي يجسدها بحذافيرها وينقلها للمتفرجين. أما العرش الذي جلست عليه الأميرة فكان ذو لون زهري منقوش بورود ذهبية، من النظرة الاولى تعلم انه عرش أميرة وليس أمير. يعادل جمال القاعة أضعافا.
وفي ذهولها واعجابها بالتحف الفنية التي زينت المكان طلبت الأميرة منها ان تقترب أكثر و تجلس بالقرب منها، فوق كرسي مريح لا يقل جمالا عن العرش. جلست زمردة بهدوء كأنها تخاف ان يكسر الكرسي او يحدث له شيء . وفي الحقيقة هي لم ترد الجلوس عليه لأنه تحفة فنية لا تستحق ان تكون ذات شأن ضئيل ويجلس فوقها البشر. لكن الاميرة قاطعت كل تلك الثرثرة التي في رأسها. واخبرتها ان تجلس فالكرسي أمن جدا. هكذا تبسمت زمردة وعلامة الإحراج على وجهها لأن الأميرة فهمتها عكس ماكانت تفكر.
دار حديث شيق بينهما حول الرحلة التي قامت بها زمردة، وانها إنتهت إلى هذه القرية المنسية و أنها متوجهة إلى عالم الأحلام. لقد كانت الاميرة كلها إصغاء عميق، لأنها أعجبت بشخصية زمردة. و بمجرد ان انتهت زمردة من سرد أحداثها، حان دور الاميرة بسرد قصة قريتها، فأخبرتها بكل شيء. واهم جزء تحدثت عنه، انها تبحث عن شخص ينقذ قريتها، والشرط الوحيد ان يكون شخصا غريبا عن قرية يبحث عن طريقة لإزالة اللعنة. لم تعلم زمردة ان الاميرة تتحدث عنها، لكن الاميرة أخبرتها بوضوح انها شعرت بالراحة بمجرد ان دخلت القرية لأن مهمتها في هذه الرحلة إنقاذ القرية بأكملها. ضحكت ساخرة و بصوت عالي وقالت: أنا لست بمنقذة.
لكن الأميرة لم تبالي بردة فعلها. و اخبرتها بالمزيد حتى اقتنعت في النهاية. بانها الشخص المطلوب. وطلبت منها ان تذهب لترتاح في غرفة تم إعدادها لها في القصر، وانها ضيفة مميزة. تستحق كل الترحيب وحسن الضيافة ولها ان ترحل بمجرد انتهاء المهمة.
وعند خروجها من قاعة العرش اعترضت طريقها فتاة يبدو انها خادمة، من مظهرها استنتجت وظيفتها، طلبت منها ان تأتي معها من اجل ان توصلها الى غرفتها. ابتسمت في وجهها موافقة و عند وصولها لتلك الغرفة المنشودة. صدمت زمردة كانت تعتقد انها غرفة ضيافة عادية، لكنها جناح كامل متوفر بها كل ما لذ وطاب، تلك الاقمشة من الحرير، البعض منها وضع كستائر للغرفة، والآخر غطاء لسرير ، و وضعت باقة كبيرة جدا من الورود الناعمة ذات انواع وألوان مختلفة، حتى ان البعض منها لأول مرة تلمحه. تركتها الخادمة في ذهولها وذهبت في حال سبيلها. و بمجرد ان اغلقت الباب قفزت زمردة فوق ذلك السرير ترقص فرحا وطربا. انها جنة على الأرض، لم تتوقع يوما ان تدلل كل هذا الدلال الشبيه بالخيال. و لكن صوتا ما تسلل الى أذنيها أوقفها عن تصرفها الصبياني. إنه شخص بهي الطلعة يبدو من افراد القصر. يناديها بصوت خافت: أيتها الفتاة ... يا فتاة!
إلتفت إليه بعد ان عدلت من حالتها و تقدمت اليه خطوات و رحبت به بآداب مبالغ فيه كأنه لم تكن قبل حين في أعلى درجات الصبينية و العبث. ابتسم إليها بغرور و أخبرها ان تفصح عن هويتها كونها غريبة، و لم يقابلها أبدا في أرجاء القصر. أتكون خادمة جديدة؟ او عابرة سبيل تتوسل إلى شئ ما، او فتاة جاءت لتقدم خدمة صغيرة وترحل. ظل يتكهن في اعماق ذهنه. لكنها قطعت تلك الترهات وقالت له بصوت واضح: أنا حقا غريبة لكن القدر أحضرني إلى هنا في مهمة إنقاذ ... و ؟ لم يتركها تكمل حديثها و أخبرها أنه كان يتوقع رجل ينقذ مدينته من تلك اللعنة لا فتاة في مقتبل العمر. ثم خرج من غرفتها. وتركها ورائه بدون ان تدافع عن نفسها. إنزعجت زمردة من ردة فعله المبالغ فيها و تصرفه المتكبر. لكنها لم تتأثر كل التأثر حيث عادت تتأمل غرفتها و الضحكة تقتلها، لقد خيل إليها انها إحدى أميرات ديزني الشهيرات.
(يتبع .... كونوا متابعين أوفياء)
-
راضية منصورمختصة بدارسة قانون سنة ثالثة دكتوراه