يوميات الغربة . جارتي البرتغالية
نشر في 30 يوليوز 2023 وآخر تعديل بتاريخ 30 يوليوز 2023 .
بسم الله الرحمان الرحيم
وصلاة وسلاما على أشرف المرسلين
كيف حالك قارئي ?
كن بخير
في الغربة كشخص جديد على المجتمع .. ستجد ترحيبا لكنه صوري
فالكل له دوائر إجتماعية لا يحتاج لغيرها .. والكل لا رغبة له بإظافة رقم آخر لمعارفه .
هنا مزيج من الجنسيات
مغاربة تونسيون برتغال ..
جارتي البرتغالية عجوز جميلة أحببتها من أول يوم
وأحببتها أكثر حين تم إستدعاء كل العمارة ولم يتم إستدعاءها
قيل لي هنا المسلمون لا يتركون بعضهم. نقف مع بعضنا البعض .. إلا ماري لا نستدعيها ..
حزنت جدا على هذا التفكير العقيم.. وتعلقت بها أكثر وأحببتها أكثر ..
وللأمانة لا أعلم هل لم يتم إستدعاءها لحفل السبوع لأنها ليست من دينهم . أم ببساطة لأنها لم تكن بلبيت . فقد كانت بالمشفى .. وتم إجراء عملية لها .
هي ماري فاطيمة
جارة الطابق الأول وأنا بالطابق الثالث .
أراها كل يوم ببساطة الكون تتنزه وتنزه كلبها ..تتمشى ببطئ في ثوب حمام برتقالي ..شعر قصير برتقالي وعون زرقاء صغيرة لامعة ..
أسلم عليها .. فتقبلني بحفاوة الجدات وتقول لي
زوجي يتكلم الفرنسية
إبني يتكلم فرنسية
فاطيمة لا تتكلم جيدا الفرنسية
أضحك على خفة دمها وثرثرتها ..
تعاني المسكينة من السكر والغدة والدوالي ..
وبحكم خبرتي مع الطب البديل والأعشاب ظنتني ممرضة
ضحكت . أنا ممرضة!!!
منذ مدة لم نلتقي ..
سألت عني ..قيل لها الواقع
أني لا أخرج بسبب الحرارة .. حسنا وأمور أخرى كآلام رأس رهيبة عانيت منها من فترة ..
سألتني أينك لم أرك من مدة
قلت لها أني كنت ألف رأسي في زيت النعناع لأتخلص من الصداع الناجم عن المكيف .. وكان يجب أن لا أخرج للهواء وأن ألفه وحين صار الصداع أقوى وضعت الفيكس .. ونفعني..
أخبرتها أن جبيني ملطخ بمعجون أسنان بالنعناع والفليو لأقلل الضغط عليه .. وهو مشهد لو رأته لانفجرت ضحكا ..
كما أنها أيام بدأ فيها الهلال يصبح قمرا يا ماري
وأنا لست رومانسية.. أنا والقمر لا نلتقي ..
وآلام الرأس تتضاعف بسببه. لذلك أتجنبه تماما سواء الخروج تحته أو المشي في أماكن بزغ فيها أشعته ..
أخبرتني المسكينة أنها عادت للمشفى فقد وقعت في السوبر ماركت .. وأنها قد تورمت كلها وبالكاد تجلس ..
كانت تصف ما وقع لها بيديها ورجليها ...كطفلة خمس سنين
أردت إحتضانها .. كيف لا يميلون لها. قلبها دافئ تذكرك بحفاوة اللاتينيات وضوضائهن. حيويتهن وحفاوتهن
نصحتها بوضع قدميها في ماء وملح وخل ل5دق أو أكثر
ونصحتها بتجنب الدخول مباشرة والإرتماء تحت المكيف ..
ماري بردي أطرافك وجسدك واتركي رأسك يبرد قبل فتح المروحة أو المكيف وإلا سيلفك صداع فظيع وتسقطين كما في eclerc
ولا تنسي شراب الليمون والنعناع
.. ماري أحضرت لك بقلاوة تركية .. صنعتها الآن ..
تخبرني ضحكتها المدوية ما تفكر فيه
أني طباخة و ممرضة
أبتسم وأخبرها في قلبي أني أحبها في الله
جارتي البرتغالية أراها أكثر نقاءا من كلهم . لا تصنع لا تفكير ثانوي لا شيء فقط هي بكل سمنتها وارتجاج لحمها وأحضانها ودفئها وصخبها وصوتها ولغتها المكسرة البسيطة المضحكة
ونحن ?!!
لا أعلم ولا أجد وصفا لتناقضاتهم هنا لكن
للأسف لسنا سوى عنصريين ... لا زالت ترن برأسي تلك الكلمة . إلا ماري!!!
ولم أتقبل الأمر. أحسسته جورا .. ولا علاقة له بأي تدين .. نحن فقط ضيقوا أفق أنانيون
أو هل
كن بخير قارئي
-
Uma's worldأحب الكتب و القطط و الصباحات الشتوية الغائمة والإستماع لفيروز والأغاني الفرنسية الخالدة . هنا أحتفي بالقهوة ولها عندي طقوس خاصة . قهوتي قطي و كتابي وشمعة عطرية وأغنية وفكرة تجول بخاطري فأشاركها معكم في شكل مقال. هنا أهرب ...
التعليقات
أعجبتني طريقتك في السرد و الحديث عن جارة صارت جارتي للوهلة الأولى، شاهق هو وصفك للتفاصيل، أبدعت ..
عنصريون حقا و لنا أحكامنا المسبقة عن الآخرين دائما