عندما تنتقم النساء
بقلم دينا عبدالقادر محمد احمد الحلو
نشر في 05 يناير 2021 .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة زوجة حزينة
أود أن أحكي لكم اليوم عن قصة زوجة حزينة ضحت بحياتها وشبابها وجمالها من اجل اسعاد أسرتها الصغيرة دون مقابل ولكنها لم تجد الا الخذلان ونكران الجميل ، تزوجت صاحبة قصتي في ريعان شبابها، حيث تعرف عليها زوجها-ذو الحال المتواضع- عن طريق أحد المعارف وتقدم لخطبتها ووافقت أسرتها بكل حب وترحاب دون أي تعقيدات أو مطالب او مغالاة في المهر والشبكة وخلافه ، وتم الزواج وكانت الزوجة موظفة في احدي المصالح الحكومية ، تعمل جنبًا الى جنب مع زوجها تساعده بكل ما يأتي لها من مال ولا تدخر لنفسها شيئا من راتبها ،بل كان جل سعادتها أن تري أسرتها سعيدة هانئة ، ورزقهما الله بالأطفال بنبن وبنات، وجاءت للزوج فرصة عمل بالخارج ، فقرر الزوج أن يسافر لكي يحسن من مستواهم المعيشي ولكي يحقق حلم حياته ويبني بيتا له ولأولاده من بعده، وبالفعل سافر الزوج لاحدى البلدان العربية ،وعاش هناك ما يقرب من عشرين سنة ، كان يأتي خلالها كل عام في زيارات قصيرة خاطفة ، وخلال هذه السنوات الطويلة كافحت الزوجة وصبرت وتحملت بعد الزوج والحبيب، وكانت هى بمثابة الاب والأم والملاذ لأطفالها الصغار ، كانت تذهب للعمل كل يوم في الصباح الباكر ـ وبعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية تذهب للسوق لشراء احتياجات المنزل وتعود لتطبخ لأطفالها طعام الغداء ،ثم تقوم في فترة المساء والسهرة بالاستذكار لاطفالها لتوفر ثمن الدروس الخصوصية ، وواصلت عملها بالحكومة والذي كانت تنفق منه على بيتها واطفالها ، وكانت تدخر كل قرش يرسله لها زوجها لشراء الأرض والبيت حلم عمرهما ، لم يحدث أن أسرفت في متطلباتها او متطلبات بيتها ، كانت تضع كل قرش في مكانه الصحيح كأي زوجة مصرية أو عربية مخلصةـ كانت تقدر تعب وغربة زوجها في الغربة، لذا لم تبذر من كد زوجها وتعبه في غير موضعه، بل كانت تدخر كل قرش يرسله لها باسمه في البنك وتنفق من راتبها على متطلبات أسرتها.
ومرت السنوات حتى كبر الابناء والتحقوا بالكليات والجامعات المختلفة ، وكانت الزوجة الجميلة فخورة بما حققته من نجاحات وانجازات مع ابنائها وبناتها ، وكانت في كل وقت وحين تزف الى زوجها بشائر نجاحات أبنائهما في المراحل التعليمية المختلفة، والزوجة لا تشكو ولا تتذمر ابدا في رحلة حياتها وصبرها وكفاحها وحدها، بل كانت تجد المتعة والسلوان في نجاح ابنائها والتحاقهم بكليات القمة ، وخلال هذه السنوات كانت الزوجة قامت بشراء الارض وبنت عليه البيت (الحلم المنشود) طوبة طوبة حتى على البنيان واكتمل البناء وأصبح لكل ابن وبنت شقة.
ثم قرر الزوج العودة نهائيًا من الغربة ليستقر في وطنه مع زوجته وابناءه ، وقام بعمل مشروع يكمل به حياته ويشغل فيه وقته بعد أن كان قد ترك وظيفته الحكومية ـ وبالفعل نجح المشروع نجاحًا باهرًا (والأشية بقت معدن)
ولكن الحياة لا تسير كما نحب ونشتهي، فلابد من مكدرات وابتلاءت ومعكرات واخفاقات ، فالحياة لم ولن تصفو لاحد !! والا لكانت جنة!!!
الزوج قرر فجأة وبدون سابق انذار ان يتزوج على زوجته الأصيلة النبيلة فتاة صغيرة جميلة تبلغ من العمر عشرين عامًا فقط أي في مثل عمر ابناءه ، كانت تعمل عنده في المحل التجاري الذي افتتحه ليكمل به حياته بعد سنوات الغربة والشقاء ، وبدلا من ان يكافىء زوجته على سنوات الحرمان والبعد والصبر والكفاح وحدها ، قرر ان يكافىء نفسه هو بالزواج من شابة صغيرة جميلة تعوضه شبابه المفقود في الغربة!!!
وكانت صدمة كبيرة على الزوجة بطلة قصتنا ، لم تستطع تحمل الصدمة الكبيرة واستحلفته بكل عزيز وغالي عنده الا يقهرها والا يضيع حبها الكبير له وسنوات صبرها وكفاحها من اجل اسعاده هو وابنائه دون جدوى، استحلفته بوالده ووالدته اللذين لم تقصر يوما معهما وكانت تخدمهما طوال العشرين سنة وكأنها ابنتهما دون جدوى، وسطت كل قريب وبعيد لكي يتخلي عن فكرة الزواج الثاني دون جدوى، بكت واذرفت الدموع جزافا دون جدوى ، اعلنت الاضراب عن الاكل والشرب ومرضت وذهبوا بها الى المستشفي دون جدوى ، اهذا هو زوجي الحبيب الذي ضحيت من اجله بأجمل سنوات عمري وأفنيت شبابي وصبرت وكافحت من اجل تحقيق حلمه!! اهذا هو زوجي الذي كنت احلم وأعد الليالي والايام والشهور والسنوات في انتظار عودته لي بعد صبر وحرمان وكفاح وغياب لكى يعوضنى سنوات الحرمان!! اهذا هو زوجي الذي وقفت بجانبه ولم اقصر يوما وحرمت نفسي من ملذات الحياة وكنت اوفر كل قرش وكل مليم من اجله!اهذا هو زوجي الذي أحببته وسهرت الليالي وحيدة محرومة من كل مشاعر الحب التي تتمنتها أي زوجة وأنثى!!!! اهذا هو زوجي ووالد ابنائي!! بدلا من ان يسعي لتزويج اولاده يتزوج هو وفي بيتي الذي بنيته طوبة طوبة بصبري وكفاحي وتضحيتي!!!
ولكن لم يأبه الزوج لحزن زوجته ولا لتوسلاتها ولا لدموعها التي أبت أن تجف ومضي في اتمام زواجه ، وقام بتأسيس شقة لزوجته الصغيرة في البيت نفسه الذي ينته زوجها بدموعها وكفاحها وصبرها على غيابه!!!!!
وقرر الزوج المبيت يوما مع عروسته الجديدة ويوما مع أم العيال المسكينة زوجته الاولي القديمة من باب العدل في المبيت!!!
وفي اليوم الذي كان يتركها فيه زوجها ليبيت معه عروسته الجديدة كانت تفرش سجادتها وتصلي وتدعو الله وتقول حسبنا الله ونعم الوكيل!!!
وحدث ما لم يكن في الحسبان!!
تعرض الزوج لحادث سيارة أليم أقعده عن الحركة !!
لعلكم ستقفزون للنتائج وتقولون ان الزوجة الاصيلة صاحبة قصتى أخذت الزوج عندها وبادرت بخدمته ورعايته ونست ما فعله بها من غدر وقهر وعدم تقدير لتضحياتها وصبرها وكفاحها!!!!
لا
خدمت الزوجة الاولى صاحبة قصتي زوجها كما يجب أن يكون في يومها الذي كان قد حدده لها زوجها عندما قام بتقسيم المبيت بعد زواجه من عروسته الجديدة!!
وبعد انتهاء اليوم كانت تنادي على رجلين من شباب الحي ليحملوا الزوج القعيد ويصعدوا به لزوجته الجديدة في شقتها !!! والزوج مذهول عاجز عن الحركة لا يستطيع ان يحرك ساكنا ، ولا يجد ما يقوله فقط ينظر في ذهول وحيرة وصدمة!!!
وعندما سألوها عن موقفها الصادم !! ردت قائلة!!
" زي ما كان بصحته ومقسم الاسبوع يوم ليا ويوم ليها ،برضه في مرضه لازم خدمته تكون يوم عليا ويوم عليها!!!!
لعل بعضكم يلوم الزوجة صاحبة القصة ويريد منه الاستمرار في مسلسل تضحياتها ويريدها أن تنسى اساءات زوجها لها وجحوده ونكرانه لتضحياتها وزواجه من اخري، وتنفض غبار حزنها وتكمل مسيرة الصبر والكفاح وتتفاني في خدمة الزوج القعيد!!!
ولكن لكل شىء نهاية وللصبر حدود
لا تضحي من أجل إنسان لم يقدر تضحياتك
عندما تحبك إمرأة فهي تستطيع أن تأتيك من باريس لتُلبي دعوتك على فنجان قهوة في الشام ، وحين يصد قلبها عنك فهي أكسل من أن تناولك علبة السكر.
بقلم دينا الحلو
-
دينا عبدالقادر محمد احمد الحلواعشق كتابة الخواطر والمقالات واحب القراءة والشعر والادب