الخلاص من زمن اللاشئ ! .. بقلـــــم / نـــــورا محمـــــد .
نشر في 01 فبراير 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
توقفت عقارب الساعة , في إشارة إلى توقف الزمن هو الأخر , وليس إنتهاء صلاحية ساعتي , فالمعنى قد يتجاوز ذلك المنطق , قد يتجاوز المنطق ذاته , قد يتجاوزني أنا أيضاً ! ..
توقفت عقارب الساعة فلم أشعر بذلك الشعور من قبل , وكأن الكون توقف عن دورانه وتجمد , فلم أشعر أين أكون أنا ! , وهل هو نهاراً يشتعل بشمسه الحارقة أم أن ليل نهاري قد أقبل بنسماته الهادئة وسماءه الممزوجة بمصابيحه الخافتة ؟ , وكأنني توقفت أيضاً عن يقظتي ولامست التخبط داخلي , والإضطراب لم يجد سواي ليحكم قبضته بعنف ! ..
وبرغم رؤيتي لعالمي الصغير حولي , إلا أنني لم أرى شئ ! , وكأن عالمي تبدل لسراب لا نهاية له ! , تتشتت الصورة حولي , ولم أجد رؤيتي تتجه إلا لعقارب زمني التي أعلنت عن بداية جديدة لم أعهدها من قبل , بدايتي وبداية نهايتها ! ..
وأخيراً .. تحررت من الزمن , فلا زمن الآن يقتنصني من أجل أن أعبر به يوماً لا أعي هل شعرت بمذاقه أم لا ! , مجرد عبور إجباري حتى يُعاود مهمته من جديد , فجراً يمنحني نسمات الضياء والأمان , وعشاءاً يسلبها مني كأنني لصاً ولم اُطالب بحقي كإنسان يأبى أن يكون محياه كمماته ! ..
تحررت من الزمن , فلن أُعاني من تلك الندوب التي يتركها في روحي بعد كل لحظة ينهشها ولا أستطيع أن أفيض عليها بنبضها وأستعيدها من جديد , ومع كل لحظة تنجرف بتياره تزداد جراحي حتى تُسقطني قتيلة كل ليلة , على أمل أن يعود الصباح فأعود أن أيضاً بلا خدش واحد , على أمل النجاة , علها إشراقة لي أيضاً وليس للحياة وحسب , ولكن زمني قد وجد متعته الكبرى في سحقي فــ دار دورته حتى أوقعني في فخ ليله الحالك ! ..
تحررت من زمن لم يلتفت لحقيقة أنه يجر خلفه بشر , بقيود من لحظات ودقائق , يتسارع وكأنه في سباق مع الإنسانية , والبشر فيه ضحايا له لما يقذفه فيهم من معاني الخوف ! , فهم خائفون مما قد تجلبه لهم لحظتهم القادمة , ومما قد يحدث لهم بعد ساعات , ومما لن يجدوه بعد سنون ومما خلفه فيهم الأمس ! , غارقون بخوفهم ولكنهم يتحايلون عليه بقناع الإتزان .. لكنهم يتحايلون على أنفسهم أولاً ! ..
تحررت من زمن لا يستمع لأنين الإنسان , لا يلتفت إليه ولا يُعيره أي أهتمام , فقط يهتم بشئونه الخاصة , يجمع عقاربه ويُهرول خلف اللاشئ ! , ولكنه وجد في اللاشئ كل شئ لذلك سار على خُطاه مسلوب الإرادة والإدراك ! ..
أيقنت أنني الآن تحررت من زمني حينما توقفت ساعتي , حينما شعرت أنني أشعر وبحق , حينما إنتفضت أول دقة لقلبي بصدق وشعرت أنني وليدتها , حينما تنازلت عن قيوده وتمايلت بخفة غير مسبوقة وكأنني الطير الذي لم يذق للحرية طعماً من قبل , وبفتح قفصه إستطاع .. أعلنت النصر , وأطلقت يدي في وجهه بعلامة السلامة والفوز , وبصوت لا يرهبه : نعم أنا الآن أشعر بوجودي , أنا بخير , أنا بحريتي الكاملة .. ولكنه فاجئني بعد لحظات وجدتني لم يتحرر داخلي منها وغفلت عن قذفها بسلة بقاياه , وفيها همست نفسي لي قائلة ..
نعم .. لقد تحررت من الزمن , ولكن الزمن لم يتحرر مني !
التعليقات
تحيتى وتقديرى
جريئة جدا في حق نفسك من التستر ، و هذه الجرأة هي من ستجعلك تصلين للقمة و انت راضية على متاعب الحياة.
أحسنت الاعتراف أمام ذاتك..قليلون جدا من يعترفون أمام المرآة أنهم ضحايا في البداية لكنهم سيتفوقون في النهاية..
تجسد فيك صبر مصر يافعا باكرا مترجلة أنت بنت الكنانة من فرسها ...و لك انطلاقة أخرى في واقع أراه لامعا باذن الله .
أحسنت و كفى .