الجهل المقدس
ذابت الحروف في ظل الجهل المقدس
نشر في 27 يونيو 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
من المؤسف اننا اصبحنا في القرن الحادي والعشرين ولا نزال نعاني عقدة الجهل, وكأن الجهل اصبح نمطا واسلوب حياة؟!..في الزمن البعيد, كان مفهوم الجهل ملتصق بكل شخص أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة, وكأن الجهل هو الامية ذاتها..حسب تقديري , فان الجهل لا يعني بالضرورة الامية, ولكن يمكن اعتبارها ضربا من الجهل.
نواجه عصرا متسارعا وثورة صناعية متواترة بتقارب كبير, حظينا بكم من المعارف العلوم مالم يحظى به اباؤنا واجدادنا ومن سبقنا في العلم والتعلم ما قبل الثروة الصناعية , ولكني اتساءل: هل هذا التقدم العلمي, والثورة الصناعية نعمة علينا ام نقمة؟..هل الحضارة الجديدة تقودنا الى جهل مبطن دون ان نشعر؟..هل نحن ننحدر نحو القعر باندفاع مميت نحو اسفل سافلين؟..لقد الغيت عقولنا دون موافقة منا, واصبحت البرامج الالكترونية هي مصدرنا وثقافتنا وافكارنا!!, وابتعدنا عن التواصل البشري المباشر دون ان نشعر, او حتى نعترض, او نبدي برأي سديد كان ام خاطئا.
اصبحت ثقافتنا مقتصرة على السهر في الفنادق والنوم على رمال البحر,والتحدث بلغة ليس لها تاريخ اصلا ولا هي بلغة باحثين عن متعة لحظية..تبا لها من متعة !!
شاب يتمايل على انغام الموسيقى الغربية واضعا سماعات في اذنيه, بقصة شعر غريبة, وشعر لحيته يتدلى كشعر لحية فحل الماعز , ويدعي انه متعلم ومثقف, وان سالته عن تاريخ وطنه او عاصمة بلد عربي لا يجد اجابة..واخر رجل مكتمل النضوج – كما يظهر لك - كالبغل يجلس شبه عار في منتجع,مزدهيا بجسده البدين..يرمي بجسده في بركة متظاهرا بالسباحة كالقطط..ثم يخرج ليتمرغ في الرمال كالحمير..اي متعة هذه؟..وتلك امراة مسنة اكل الدهر عليها وشرب تغدو وتروح في الاسواق مرتدية حجابها برفقة ابنة لها عشرينية لباسها يفضح جسدها, اي جهل هذا؟..اي حضارة هذه؟
ثم يطل علينا اعلامي لا يفقه شيئا في الدين ولا في الدنيا يروي لنا قصة - ليس لها وجود- عن الحكمة والطاقة الايجابية وفن الصمت؟..اذا كان الصمت فنا وطاقة ايجابية, فلماذا تطل علينا لساعات تحكي لنا قصصا واهية, اليس من الاجدر ان تصمت انت اولا؟..ام اننا اصبحنا عبيدا جدد مجبرين ان نجلس ساعات نستمع لترهاتك؟!..
الم يئن الاوان لنسأل انفسنا: مع كل هذه الطفرة العلمية الهائلة، والنقلة النوعية للثقافة العالمية لماذا اصبحت مخرجاتنا اليوم لا يمكن أن تقاس بمخرجات أجدادنا وعلمائنا الأوائل؟..
يقول احد المهرطقين ممن يدعون الثقافة والعلم, هل يجب علينا ان نعيش في الماضي؟..لماذا لا نعيش الحاضر, متأملين مستقبلنا؟..لقد نسي هذا المهرطق ان الماضي هو تاريخ العظماء , تاريخ النماذج والقدوات..وحتى نعيش الحاضر, لا بد من استرجاع الماضي لنبني المستقبل, ام ان الخنوع اصبح غايتنا, أما الى اين ياخذنا فهذا أمر ثانوي لا يهم كثيرا؟!..قرأت لاحدهم جملة مفادها "ان الماضي منصة للقفز لا اريكة للاسترخاء, فهل يعقلون؟! " وهو صادق فيما قال.
والسؤال الأهم هنا: هل يستطيع الانسان الفارغ من الداخل , ذو العقلية المتخلفة أن يبني مجتمعا؟..هل يستطيع ان يكون فاعلا..ام انه استهوى ان يبقى مفعولا به دائما؟
ساظل صامتا, متأبطا حروف قصيدتي..ذابت الحروف واختفت القصيدة في لج الجهل المقدس!!
ماهر باكير دلاش
-
Dallashوَإِنِّي أَتَجَاهَلُ وَلَسْتُ بِجَاهِلٍ غَضِيضُ الْبَصَرِ وَلَسْتُ أَعْمَى وَإِنِّيْ حَلِيمٌ وَلَسْتُ بِحَالِمٍ حَصِيفُ الْكَلِمِ وَلَسْتُ أَسْمَى مَاهِر بَاكِير