رحلة إلى الجحيم
قراءة في رواية " الجحيم" لدان براون
نشر في 29 ماي 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
إنه فيروس أدبي موسوعي علمي وثقافي أبدعه دان براون ليكون قدرنا فنصاب به على نحو متقدم من الاندهاش ..!
جحيم دانتي، رواية من قلب الجحيم، تدور بك في أدوار الجحيم العشرة فلا تخرج منها إلا وأنت موبوء بفيروس الدهشة وجرثومة الانبهار..
محور هذه الرواية في شقها التاريخي هو الشاعر الإيطالي دانتي أليغييري مؤلف الكوميديا الإلهية، وموضوعها الآخر في الشق العلمي هو معادلة الانهيار السكاني المحتوم إضافة إلى خلفية بيولوجية فيما يتعلق بالهندسة الوراثية وعلم الأوبئة.
جاءت الرواية بنكهة اللغة الإيطالية المحببة مغلفة بالغموض الذي يبرع دان براون في إشعاله.. تشويق معهود من الكاتب في بنياته السردية، تجديد ملفت في الحبكة وبخاصة فيما يتعلق بالنهاية غير المتوقعة و التعيسة أيضا!
شخصية البطلة كما هي متوقعة لابد أن تكون ذكية جدا جدا ، وقوية جدا جدا ، سريعة البديهة بالطبع ، وجميلة جدا جدا ..صورة نمطية يحب دان براون الترويج لها في رواياته، زلة يمكن تمريرها له ، فالأهم هو روبرت لانغدون الذي يبدو حقيقة وكأنه انعكاس أدبي لدان براون نفسه ، حتى في وصفه الفيزيائي له هو يشبهه في أدق التفاصيل..ولا علاقة له بـ "توم هانكس" لا من قريب ولا من بعيد..
أحببت في هذه الرواية ذاك المزج الفذ بين الفن والعلم والتاريخ، هو أمر يبرع دان براون فيه كثيرا، ورغم أن الصفحات الـ 150 الأولى قد بدت مملة نوعا ما بسبب المبالغة في وصف قصر فيكيو في فلورنسا ، إلا أن تسارع الأحداث بمنحى تشويقي مذهل، والتفاف الأحداث على نحو ثعباني مشوش ، هذا وذاك يجعلانني أصنفها مع كتب الرابعة صباحا باقتدار!
ماتميزت به الرواية عن سابقاتها أنها جمعت بين الشرق والغرب، فإطارها المكاني لم يتركز في فلورنسا وحسب ولا حتى في انتقال مسرح الأحداث إلى البندقية، بل تخطاها إلى الشرق، إلى اسطنبول حيث لم يذخرالمؤلف أي حرف في الاعتداد بمعالم المدينة وبالأخص متحف آيا صوفيا..
بالمجمل:
إيطاليا وحدها هي التي تلهم دان براون، وهي مبعث إبداعه الحقيقي..وملهمته الفعلية.. حتما، فقد بدت شيفرة دافنشي والحقيقة والخداع والرمز المفقود مجرد تكرارات لقالب الملائكة والشياطين، في حين جاء الحصن الرقمي كخليط غير معقول ومبتذل..
وحدهما روايتا ملائكة وشياطين والجحيم النابعتين من قلب تاريخ الفن الإيطالي اللتان تستحقان التقدير عن جدارة واستحقاق..
-
فاطمة بولعناناليوم حرف وغدا حتف
التعليقات
ذائقتك الأدبية استحوذت على كل تقديري ، سأمنح نفسي اليوم حرية اختيار كتاب آخر لقراءته بعد شهر كامل اتخذت فيه ذائقتك الأدبية كموجه لي في القراءة ، ختمته برواية الجحيم الذي سبق لي رؤية ملخصك هذا لها سابقاً.
شكراً من القلب فاطمة ، أتمنى لك كل التوفيق .