الدين والعلم ... وجهاً لوجه !؟. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الدين والعلم ... وجهاً لوجه !؟.

بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -

  نشر في 31 يناير 2015 .

إن الدارس للفكر الديني وأدبياته يلاحظ أول ما يلاحظه في خطابه هو هذه الديماغوجية والروحانية المضخمة بشكل كبير فنظرة الدين الى كل شيء إبتداءاً من أصغر مكون وحتى الانسان والموجودات والكواكب تبدأ بالروحي والمعنوي وبالتالي هذا يفترض حتماً وبحسب زعمها أن وراء وجودها هو الألهة القابعة في السماء بما لها وما عليها .انها الدوغمائية بأبها حلتها وهي التسليم بالأزلي والمقدس بدون أدنى منطق علمي أو رياضي او حتى دليل حسي .

وبالتالي فسبب وجود ونشوء كل ما نراه من العالم المادي يرجع في تفسيره الى ذلك المعنوي والروحاني .. وهذا ما أدى الحال به الى ما عليه اليوم من تناقضات هذا الفكر الديني مع العلوم الوضعية .

أما العلم فهو يعتمد المنطق والعقل القائم على الدليل الحسي والبرهان الرياضي كالنظريات والتجارب المخبرية والعملانية والتي تحاول تفسير نشوء الحياة ومنها الأنسان في هذا الوجود المادي .

المشكلة في الفكر الديني انه بدأ بداية خاطئة وبالتالي فمن الطبيعي أن يصل الى نتائج خاطئة لأنه إعتمد على الفلسفة الغيبية والميثيولوجيا إضافة الى شرطي العلة والحكمة فلكل شيء علة وحكمة من وراء وجوده وخلقه (لكل شيء سبب ومسبب وبالتالي هذا يفترض أسبقية المعنوي على المادي ) وقد أستشهد الفكر الديني على أمثلة وشواهد معروفة لدى الجميع ومنها (إن الأثر يدل على الدابة والبعرة تدل على البعير وبالتالي فالمخلوقات والمصنوعات تدل على الخالق أو الصانع )وهذا ما أدى به الى تفسير وجود الأنسان بأنه مخلوق وهذا يفترض وجود خالق وهو يستدل على ذلك من الكتب السماوية (الفضائية) مع إغفال الدين الى نقطة أساسية وجوهرية ألا وهي أنه (لا أحد شاهد منذ بدء الوجود او الخليقة) كيفية ظهور الحياة او الانسان على سطح هذا الكوكب او ذاك حتى ينادي بالخلق أو بالتطور والإرتقاء ..

المشكة الحقيقية هي في بداية النظرة الى الوجود المادي والانساني البشري فان نظرنا اليه على انه مخلوق فالجواب الطبيعي يفترض وجود خالق او صانع ولكن الحقيقة غير ذلك تماماً لاننا لو نظرنا من زاوية أخرى الى الامر لوجدنا ان هذه الماديات هي موجودات وليست مخلوقات وهنا الفرق كبير بين الاثنين (فلم يعد أحد من الموت ليخبرنا بالحقيقة الفصل )

ان النظرة الدينية الى كل شيء تعتمد الغيبيات وترجىء ذلك الى تدخل سماوي حتى وصولنا الى هذه المرحلة من التعقيد في البنية الحياتية وهذا كله لاعطاء بعد روحي وقيمة ذاتية وقدسية لوجودنا على هذه البسيطة مع ان الامر ربما يكون ابسط من ذلك بكثير لنأخذ مثال صغير ان فرضية الخطاب الديني في صنع الانسان وخلقه ..ان الله خلق الانسان من طين او تراب ومرة من صلصل وفخّار ..؟؟

فهذا يفترض وبعملية تحليل بسيطة ان جسم الإنسان يحتوي على كميات كبيرة من السيليكون والذي يشكل بدوره حوالي (80 %) من التراب المصنوع منه الانسان ولكن لحظة واحدة فقط .. ان العلم الحديث يقول وعبر الدليل الرياضي والتحليل الكيميائي بأن جسم الانسان لا يحتوي إلا على نسبة (0,08 )من السيليكون والذي هو المكون الاساسي للتراب او الطين

هذه إحدى الأمثلة الكثيرة التي قدمها لنا الفكر الديني والتي ثبُت خطائها وفشلها والحبل على الجرار كما يقال ...

المشكلة مع الخطاب الديني انه اغلق الابواب على البحث والتقصي حول نشوء وظهور اشكال الحياة على هذا الكوكب والكواكب الاخرى فهو يقدم افكار جاهزة ومعلبة انتهت صلاحيتها عبر تقادم الزمن بل يقدم نفسه على انه المرجعية لكافة العلوم الفيزيائية والرياضية والمعرفية وبالتالي يفترض امتلاكه للحقيقة المطلقة بالعموم حول معرفته الكلية لكل شيء ونسبتها الى كائن افتراضي غير معروف وواضح المعالم بالنسبة للانسان على الاقل (مع الملاحظة إن كل الكتب السماوية وكتّابها لم يعطوا اي وصف حقيقي ومقنع أو عقلاني لهذه الكائنات وتاريخها النضالي ومواعيد تدخلها او عدم تدخلها في حياتنا والشروط والظروف الموضوعية التي تساعد أو تسرع في عملية ظهورهم وكسرهم لهذا القيد أو حاجز الخجل الذي أوقعوا أنفسهم فيه ...؟؟)

ولكن في المقابل ان العلم ينحو منحى أخر عقلاني وموضوعي فهو لا يدعي امتلاكه للحقيقة المطلقة والكلية ولا يقدم نفسه على انه المرجعية لكل شيء فهو قابل للنقاش والتطوير والبحث والاخذ والرد في كل عصر ومرحلة زمنية وبالتالي عندما يقدم لنا تفسيره حول نشوء الحياة عبر نظريات وحقائق فهو لا يدعي كمالها وقدسيتها وانما يقول لنا بالفم الملأن انه اّخر ما توصلت اليه حتى هذه اللحظة وبالتالي هذا يفترض انه بعد عدة عقود او قرون قد يثبت عدم صحتها او صوابيتها وذلك عبر اكتشافه لامور وتوصله لنظريات أدق واشمل .. وهذا هو الفرق الحقيقي والجوهري بين الاثنين إضافة الى ان العلم لا يلزم احد بتبني افكاره ونظرياته وبالتالي هو لا يرتب اية عقوبة او تبعة على عدم إتباعه او الولاء له بعكس العقيدة الدينية والتي ترتب على عدم إتباعها او انكارها القتل والتقطيع وسوء العذاب من تلك الصور الدرامية التي نراها في ادبيات ذلك الفكر الديني الاقصائي المتناقض مع ذاته ..(مع الأخذ بالعلم ان الدين قدّم كل ما في جعبته وألقى بأوراقه كلها دفعة واحدة ولم يعد يمتلك أي جديد يقدمه .. أما العلم فما زال لديه الكثير من الأوراق والجواكر ليلقيها تباعاً وبشكل مستمر ومتواتر .. وهذا أيضا فرق كبير وجوهري )

ان الصراع الوجودي والمصيري بين الفكر الديني من رجاله وأدواته ومن ورائهم ألهتهم الخجولة التي لطالما تخشى الظهور امام البشر (ربما لانها تخشى الحسد او صيبة العين بحسب معتقداتها هي ) وبين العلم ورجاله الجنود الحقيقيين في الميدان الانساني ان هذا الصراع هو بين من يدافع عن مصالحه ونرجسيته ومكانته الدينية والقدسية والنفعية بإمتياز عبر تعتيم الحقيقة والفكر الحر لمصالح شخصية لبعض الأفراد والمؤسسات الدينية والايديولوجية وبين العلم الذي يحاول البحث عن الحقيقة بأدوات معرفية ورياضية وذلك لتحسين ظروف الحياة والمعيشة عبر نبذه للأفكار اللاعقلانية والعبثية والتي قامت على فلسفة الغيبية والاسطورة والقدرية والاتكالية وبالتالي منطق السلبية واللامبالاة في المجتمع وعلاقة الانسان بالاخر والمجتمع .

ما أعظمك أيها العلم .. انا على يقين بأن العلوم الحديثة ستحقق قفزات ومفاجأت مذهلة ومدهشة ربما في المستقبل البعيد لذلك علينا أن لا نحاول التذاكي على البعض بأن العلوم قاصرة على فعل الكثير لأنه وللحقيقة فأن عمر العلوم الحديثة لا يكاد يذكر فهو لا يتعدى مئات السنوات وبالتالي فهو مازال في ريعان الشباب إذا ما قيس بعمر الأنسان (والذي يقدر بألوف السنوات ) او كوكب الأرض (والذي يقدر بمليارات السنوات والسنين ) على أبعد تقدير .. فالحقيقة لا بد أتية في يوم من الأيام ولكن للأسف لن نكون نحن (أي قارئي هذه السطور) موجودين لنرى الحقيقة ساطعة سطوع الشمس في كبد السماء ...؟

بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم - www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

www.twitter.com/ihab_1975

e.mail:ihab_1975@hotmail.com

gmail:ihabibrahem1975@gmail.com


  • 3

   نشر في 31 يناير 2015 .

التعليقات

James Amine منذ 9 سنة
الف شكر اخي ابراهيم على المقال الرائع اتمنى مقالات جديدة لفضح رجال الدين لانني اعتقد انهم اكثر ناس يعرفون الحقيقة لكنهم يخفونها لانهم يستفيدون كثيرا اتمنى مناقشة نظرية داروين التي قضت عليهم تماما.
0
احمد خليل منذ 9 سنة
سلمت الانامل اخ { إيهاب إبراهيم } ، لك ان تعلم بان الدول المتقدمة علميا ومعرفيا على مستوى العالم قد وصلوا الى مستويات من العلم والمعرفة تُذهل ، ولكنهم يخفونها عن العامة ليس لسبب شخصي بالجوهر ولكن لعدم تفهمهم لهكذا علوم وحصرها بيد نخبة مختارة كون مثل هكذا علوم اخطر من السلاح النووي واذا ما وضعت بين العامة كوضعك سلاح بيد طفل ...................... احترامي
0
إيهاب ابراهيم
كل التحية لك أخ أحمد .. ما جاء في تعليقك صحيح تماماً فصناعة المعلومة في هذا العصر هي من أكثر الصناعات ربحاً ورواجاً .. لأن المعلومة ومدى أهميتها هي ما تجعل الدول الى التسابق لإقتناءها واستخدامها في شتى المجالات ... تحياتي لك
Bishoy Priest Orr منذ 9 سنة
مصدر ان نسبة السيليكون 0.08 ؟
0
بالرغم أني أختلف معك في بعض ماطرحت في وجهة نظرك إلا أني أحترمها وأحييك على المقال الرائع ..
و حقيقة الصورة الخلفية للمقال تلخص كل شيء.. نحتاج لعدم الخلط بين العلم و الدين و لتعريف لمعنى العالم الحقيقي، العالم الذي يبحث عن الحقيقة، و لا يخشى من البوح بها و لو تعارضت مع ماهو متعارف عليه، و لايسعني إلا أن أذكر حديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم "العلماء ورثة الأنبياء"، فالعلم هو كل منهجية تهدف الى تفسير الحقائق و الظواهر و تحسين ظروف حياة الإنسان، بالتالي فإن كل عالم يحمل رسالة أنبياء الهدى.. المشكلة التي يقع فيها رجال الدين هي عدم ترك المجال للعلم الدنيوي ليأخذ الحرية الكاملة و محاولة توجيهه، لكن أظن أن المسألة أصبحت متجاوزة لحد كبير فالعالم أصبح قرية صغيرة، و التطور وصل إلى مستويات مهولة تجاوزت حتى رجال الدين أنفسهم ولم يعد هنالك مجال للمراوغة، أو طمس الحقائق ... وتقبل مروري عزيزي إيهاب
0
إيهاب ابراهيم
كل التحية لك .. الأخ عبدالله أنا يسعدني تعليقك ومرورك على المقال بكل رحابة صدر ومرونة عقل وفكر ..

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا