القضية الفلسطينية: قضية عربية أم إسلامية أم أنها قضية إنسانية فحسب ؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

القضية الفلسطينية: قضية عربية أم إسلامية أم أنها قضية إنسانية فحسب ؟

بعد انتهاء معركة سيف القدس الأخيرة.. كيف السبيل إلى الإنتصار في الحرب كاملة ؟

  نشر في 27 ماي 2021 .

مقدمة

بعد انتهاء معركة سيف القدس وانتصار المقاومة الفلسطينية يعود السؤال الأزلي إلى الأذهان .. كيف ستتحرر فلسطين ؟ ومتى سينتهي هذا الصراع الأزلي الذي عاصرته الأجيال العربية منذ أوائل القرن العشرين ؟

ولماذا تتعدد النظريات ووجهات النظر تجاه القضية الفلسطينية ومن هو الأحق بتبنيها والدفاع عنها ؟

وهل القضية الفلسطينية قضية العرب أم المسلمين أم أنها قضية الإنسانية جمعاء ؟

إن الجواب المثالي لهذه الأسئلة والبديهي الذي يخطر على بال أي شخص أنها قضية إنسانية بالضرورة .. مهما كانت الأمة التي تتبناها أو المنظومة الفكرية أو السياسية التي تدافع عنها .. فإنها قضية تهم العالم أجمع طالما أن هناك بشر يتعرضون للقتل والتشريد والإرهاب والتهجير والممارسات العنصرية من قبل كيان غاصب ..

ذلك صحيح بالفعل لكن الأمر معقد أكثر من ذلك بكثير ! .

إن الإحتلال الإسرائيلي يحاول أن يصنع من الصراع اليوم صراعاً سياسياً عسكرياً .. وأن يُظهر الأمر على أنه مشكلة قائمة بين دولتين فحسب .. وعلى عكس ما يعتقد الكثير من المثقفين اليوم في أوطاننا بأن الحركة الصهيونية لا تزال ترفع الشعارات العقائدية وتتذرع بالحقوق الدينية السماوية الإلهية لشعب بني إسرائيل في تلك الأرض .. فإن هذا الكلام قد ولى وانتهى مع نهاية السبعينيات من القرن العشرين .. إذ أن الكيان المغتصب صار في أيامنا هذه ينتهج منهجاً جديداً في تقديم نفسه أمام الغرب وأمام جيرانه العرب كذلك .. وخاصة الأجيال الجديدة منهم التي لا تدري أصل القصة و لا عن منشأ الصراع شيئاً .

فمنذ أن شهد العالم تلك القفزة التكنلوجية والعلمية الكبيرة بداية من الثمانينات والتسعينات وإلى يومنا هذا .. ومنذ أن أصبح الناس متصلين ببعضهم البعض أكثر وبواقعهم ومحيطهم السياسي بالذات بشكل أكبر وأكثر متانة .. ومع ظهور الشبكة العنكبوتية والقنوات الفضائية وأجهزة الهاتف المحمول الذكية ومواقع التواصل الإجتماعي .. أصبح الإحتلال الإسرائيلي يوماً بعد يوم يقدم نفسه بصورة عصرية أكثر حداثة وواقعية مخاطباً بذلك عاطفة الشعوب المغرر بها من حوله أولاً وشعوب الغرب المغيبة عن الحقيقة ثانياً .

فنجده مصراً على إظهار النسيج الإجتماعي الإسرائيلي بأفضل صورة حداثية وتقدمية .. و على أنه نسيج منسجم مسالم طبيعي ومجتمعه لبيرالي عصري يتقبل الآخر والمختلف بصدر رحب فيه الكثير من الأعراق والأديان المختلفة .. وأن إسرائيل ليست دولة لليهود وحدهم وإنما يعيش فيها الكثير من المسلمين والمسيحيين والدروز أيضاً .

إن الناظر بعين متفحصة في الصفحات الرسمية للكيان الصهيوني على الفيسبوك وتويتر سيجد أن لسان حال تلك الصفحات يقول :

يا أيها الشبان العرب الذين كذب عليكم إعلامكم الوطني الحاقد لا تصدقوا تلك الصورة النمطية المشوهة عنا .. الصورة التي تم ترسيخها في عقولكم وعقول آبائكم على مر العقود الماضية وتعالوا فانظروا بأنفسكم .. نحن لسنا بشياطين ولا نرفض الآخر ودولتنا دولة إسرائيل ما هي إلا دولة علم وعمل وتعايش وإنسجام وإختراعات سوف تفيد البشرية .. أنظروا الى حال دولكم العربية المتخلفة والمتأخرة والفساد السياسي الذي ينخر بكم وقارنوه مع ما تعيشه إسرائيل من تطور وانفتاح .. وستعلمون حينئذ من هو الشيطان الخبيث في الحقيقة .. نحن نريد السلام ولكن الإرهاب الفلسطيني هو ما يمنع ذلك .. وأنظمتكم السياسية الكاذبة والمخادعة سوّقت لكم أننا أعدائكم وأنهم المدافعون عنكم وعن قضية أمتكم واستغلوا ذلك لبسط نفوذهم السياسي أكثر واستبدادكم والسيطرة على خيرات بلادكم وعزلكم عن العالم لكي تعيشوا في تخلف وجهلٍ مدقعين .. وها نحن ذا الدولة الديمقراطية الإسرائيلية نمدُّ إليكم يد السلام والوئام والإحترام المتبادل ولا نطالبكم بشيء إلا أن تعترفوا بنا وبوجودنا وبحقنا في الحياة .. واليوم وقد ثُرتم على حكامكم وأنظمتكم وأصبحتم ترون الحقيقة جهاراً نهاراً ندعوكم لتطبيع العلاقات معنا فنحن سوف نفيدكم بحضارتنا وتقدمنا ولدينا الكثير من الروابط المشتركة معكم .. ها أنتم تعيشون في إطار الحريات المكتسبة بعد الثورات .. لذلك فعبروا عن رأيكم وارفعوا شعارات السلام والمحبة والتعايش والتسامح في الشرق الأوسط وشاركونا رواياتكم وقصائدكم وثقافتكم وأدبكم ومدوا جسور التواصل بيننا .

ويا أيها الشعوب الأوربية والغربية إنظروا إلينا .. نحن نشبهكم نحن بيض مثلكم حداثيون مثلكم متطورون متقدمون علمياً وسياسياً وعسكرياً وإقتصادياً مثلكم .. نحن لدينا ثقافتنا الخاصة وأدبنا الخاص وموسيقانا الخاصة وتراثنا ذاخر بالأصالة . نحن من الشرق ولنا فولوكلورنا الشرقي ولدينا مناطق سياحية جميلة وأكلات الكسكس والفلافل والشكشوكة أكلات إسرائيلية أيضاً تعالوا وتذوقوها عندنا .. نحن مجتمع مسالم طيب فيه نسيج إجتماعي متجانس نتقبل الآخر ونحترمه ونحترم عقيدته وأفكاره ..

ولكننا وللأسف نعيش في منطقة الشرق الأوسط المتخلفة والبربرية .. وجيراننا الهمجيون المتخلفون العرب الجياع هم الذين يعتدون علينا ويهاجموننا بإسلامهم وإرهابهم وصواريخهم وتعصبهم فقط لأننا يهود .. يريدون أن يمسحوا أي أثر لنا ولوجودنا .. ونحن وأنتم نعاني من نفس المشكلة وهي التعصب الإسلامي الإرهابي .

والمعلوم بأن تلك الصفحات جميعها تتبع الحكومة الإسرائلية وخاصة وزارتي الخارجية والإعلام .


الواقع العربي الإسلامي اليوم :

يأتي بعد ذلك فتاً من بلداننا في العشرينيات من عمره يقرأ ما يقرأه على صفحات الفيسبوك الصهيونية المندسّة منها والرسمية .. فَيُغسل عقله ويُخدع بذلك البهرج الكاذب .. وهو لا يدري ما فعل الإحتلال بأهله وإخوانه في الماضي من فلسطينيين وعرب .. وما الذي يفعله في الحاضر حتى اليوم في القدس .. ولا يدري أصلاً ما هي أهمية القدس وما هي رمزيتها .. ولماذا كل تلك الحروب منذ الأزل للاستحواذ عليها .. ربما نجد لهذا الفتى أو بالأحرى لهذا الجيل بأكمله أعذاراً ومبررات قد تكون مقنعة .

لأن القضية الفلسطينية بكل بساطة كانت في وقت ما ورقة رابحة لكل من يراهن عليها .. فكل من يريد أن يعزز موقفه ويثبت أقدامه ويظهر نفسه بمظهر البطل المقاوم المناضل الشريف صاحب القضية صار يعزف على أوتار فلسطين والقدس .. ليدغدغ عاطفة الجماهير ويكسب حبهم وتأييدهم حتى سئم الناس تلك الأسطوانة .. فمنذ خمسينيات القرن العشرين وشعارات المقاومة والممانعة ودحر الإحتلال وتحرير فلسطين والموت لإسرائيل ترتفع في كل مناسبة وطنية وكل احتفال وقبل كل إنتخابات سواء كانت إنتخابات رئاسية أو تشريعية أو حتى بلدية صدق أو لا تصدق . كما أن فشل وسقوط الأنظمة القومية في المنطقة التي لطالما نادت بالوحدة العربية وجعلت من فلسطين قضيتها الأساسية والمحورية .. وبعد أن سقطت الأقنعة وكشفت المكائد والمؤامرات بسبب موجة الثورات العربية ووثائق ويكيليكس .. تبلّد الإحساس العربي إزاء القضية الفلسطينة وأصبح واقع أن فلسطين محتلة _منذ سبعين عاماً_ في سائر الأيام (التي لا حرب فيها ولا هجمات إسرائيلية ) بالنسبة للعرب أمراً عادياً لا يحرك في النفوس أي غضب أو حمية .. رغم أن الإعتداءات في حقيقة الأمر دائماً متواصلة ولم تنقطع .. فلم تعش تلك الأرض السلام منذ أكثر من قرن .. وربما تسارع الأحداث في المنطقة وكثرة الحروب والفتن والمؤامرات هنا وهناك وما عاشته الجارة سوريا من حرب دموية فاقت فيها جرائم النظام السوري ضد شعبه جرائم الإحتلال الإسرائيلي نفسه .. هو ما جعل المواطن العربي مشتت الانتباه والتركيز لأن الحرب والدماء والأشلاء صارت في كل مكان .. ولم تعد في فلسطين فقط كما اعتدنا من قبل .

لكن ذلك لا يعني أننا نسينا .. نحن الآن نمر بمرحلة حساسة في تاريخ أمتنا .. لقد فقدنا زمام السيطرة لبعض الوقت وتسربت بعض الأفكار المسمومة إلى عقول شبابنا بسبب العولمة وعصر السرعة وحالة ذوبان الحضارات والهويات التي يشهدها العالم في ظل سطوة الليبرالية الجديدة .. وبسبب التقدم العلمي التكنلوجي الحاصل في آخر ثلاثة عقود مضت .. أصبح العالم بأكمله منفتحاً على بعضه البعض وفُتح المجال أمام من هب ودب من عامة الناس لإبداء رأيه والتحدث في ما يعنيه ومالا يعنيه .. ففي السابق لم نكن لنجد شخصاً غبياً غباءً مدقعاً يتحدث في أمور الدولة والسياسة والفن والأدب والإقتصاد وما إلى ذلك ... بكل بساطة لأن مكاتب التحرير في الصحف والمجلات والمحطات الإذاعية والتلفزية كانت تحترم قرائها ومشاهديها و تقوم بعملية فلترة .. أما اليوم فقد طفت السخافة على السطح وتشكل جيل مضعضع مرتبك الهوية يشكك في كل شيء من حوله .. جيل تافه منعزل عن واقعه منطوٍ على نفسه سمته الأساسية اللامبالاة والتفاهة لا هم له إلا الموضة والتريند والميمز والتهريج على تيك توك .. وأن يعيش اللحظة الحاضرة فقط دون أن يفكر بالمستقبل .. مستقبل وطنه وأمته .. أن يعيش لنفسه فقط بأقصى ما يمكن من متعة ولذة .. وأن يسقط القدسية عن كل شيء ويجعل من نفسه محور العالم .. لتكون النفس البشرية بغرائزها وجشعها وأهوائها التي ما فتأت تزداد شذوذاً .. هي كل ما يجب تقديسه .. تشجعه على ذلك معايير المنظومة الليبرالية والرأسمالية الإستهلاكية المتوحشة .

ولكننا لم ولن ننسى جرائم الإحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني على مر عقود من الزمن .. لا يمكن أن تُغطى عين الشمس بالغربال ولن يستطيع الكيان الإسرائيلي أن يمسح صفحات التاريخ .. ونحن لئن تاهت بوصلتنا اليوم وتشتتنا وتفرقنا فإن ذلك لا يعني ضياعنا تماماً .. فلسطين لا تزال حية في قلوبنا و يجب علينا أن نعي أن المسؤولية الملقاة على عاتقنا اليوم أكبر وأعظم بكثير من مسؤولية أبائنا وأجدادنا .. نحن اليوم لا نواجه العدو الإسرائيلي فحسب ولا من يقف وراءه ويدعمه من سلطات وأنظمة غربية ولوبيات ورؤوس أموال فقط .. بل نواجه أيضاً الكثير من الخونة والمتصهينين والعملاء ممن باعوا ضمائرهم وتجردوا من كل نخوة وشرف .. هؤلاء اليوم في صفوفنا وهم العدو المستتر الذي يطعننا في ظهورنا ويبث فينا سموم عمالته وقذارته الفكرية .. وكذلك على عاتقنا مسؤولية إعادة إحياء القضية وإعادة تعريفها وتوضيح مكانة فلسطين لدى الأجيال الجديدة الناشئة التي تربت في عصر التيك توك .


هل هي قضية إنسانية :

رغم محاولات الإحتلال الصهيوني الحثيثة اليوم لترويج الصورة العلمانية عن كيانه الهجين إلا أننا لازلنا نذكر كل شيء .. من وعد بلفور الى إدعاءاتهم عن أرض الميعاد ومملكة اسرائيل والسبي البابلي والهيكل المزعوم ثم الحفريات التي أقاموها تحت المسجد الأقصى إلى حكايات العجول الحمراء وحائط البراق والكابالا الى آخر تلك الرموز والتفاصيل العقائدية الدينية الصهيونية التي انبنت عليها ما تسمى بإسرائيل اليوم .. فلا تزال تلك العقيدة هي المحرك الأساسي للسياسة الإسرائيلية وهي أيضاً المخطط الذي يتم على أساسه الإستيلاء على الأراضي شيئاً فشيئاً وإقامة المستوطنات .. وهم يعتقدون بأنهم سوف يعيدون بناء المملكة الإسرائيلية التي تمتد حدودها التاريخية المزعومة من الفرات إلى النيل .

لذلك فإنه من الخطأ التعامل مع القضية الفلسطينية على أنها قضية إنسانية فحسب وتجريدها تماماً من الطابع الديني .. ذلك أن هذه هي حقيقة الأمر أصلاً فالحرب اليوم هي حرب عقائد وليست حرب سياسات ودول وجيوش ومصالح استراتيجية .. بل إن تجريد الصراع من الطابع الديني ما هو إلا إضعاف وتتفيه وإفراغ للقضية من محتواها .. ولا يعني أن تكون القضية محورية بالنسبة لثلاثة أديان سماوية .. أنه علينا البحث عن حلول ترضي جميع الأطراف المتناحرة أو القوى العظمى والرأي العام الدولي .. فقط لكي نكون مسالمين ونثبت أننا أصحاب حق .. فسواء تجردنا من الطابع الديني أم لم نتجرد فإن الصهاينة ماضون في تحقيق أهدافهم العقائدية وهذا ما أثبته الواقع على مدى احتلال مستمر منذ سبعين عاماً .. وإذا كان العالم اليوم بعينيه العلمانيتين ينظر إلى الدين على أنه مجموعة أفكار وروحانيات وحكم وأخلاقيات مملة تمارس في صمت على مستوى فردي في إطار الحرية الشخصية المقدسة .. فإن ذلك لا يعني أننا مجبرون على التقيد بتلك العقلية في سبيل أن نصطنع التقدم والإنفتاح بمفوهمهما الغربي .

إنها بكل تأكيد قضية إنسانية وتهم العالم أجمع ومن حق أي شخص حر شريف يفرق بين الحق والباطل ويملك ولو ذرة من النخوة والإنسانية أن ينتصر للحق ويتبنى هذه القضية ويتحدث ويبدي رأيه ويدافع عنها وعن حقوق الشعب الفلسطيني .. حتى لو لم يكن عربياً أو مسلماً .

‏ولكن ردها قضية إنسانية فقط لا غير يجعل من الأمر تافهاً وسخيفاً ويضع الفلسطينيين حتماً في موضع ضعف

‏.. لأن الإنسانية .. مثّلها أنت بما شئت بمنظمة الأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو المنظمات الحقوقية أو المنظمات الإنسانية أوالجمعيات المدنية أو حتى عاطفة الشعوب وطقوس إشعال الشموع ووقفات الصمت والحداد والتضامن الفيسبوكي .. لن يحرر تلك الأرض ولن يدحر المحتل عن فلسطين .

لإن المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم تستطع على مر التاريخ أن تدين الكيان الصهيوني أو أن تجبره على احترام القرارات والمواثيق الدولية وقد أثبت الإحتلال في كل مرة أنه لا يعير تلك القرارات أي احترام وأن كل الجهود المبذولة سوف تبقى دائما وأبداً محض حبر على ورق .. خاصة مع الدعم الأمريكي والفيتو الدائم لصالح الإحتلال في مجلس الأمن فإن ذلك يجعل جميع محاولات إدانة الكيان الصهيوني محض عبث ومضيعة للوقت .

مفهوم حقوق الإنسان اليوم يتمثل في الحريات الفردية مثل حرية المعتقد وحرية التعبير عن الرأي الغير محدودة حتى ولو تمت الإساءة لمقدسات الأمم .. كذلك حقوق المثليين مثلاً وحقوق المرأة وماشابه ذلك من مواضيع إجتماعية أما من الناحية السياسية فإن مفهوم حقوق الإنسان محض هراء تم اختراعه من أجل تضميد الجروح وتجاوز الماضي وتغطية وحشية الدول العظمى المنتصرة بعبائة إنسانية أنيقة عقب انتهاء الحربين العالميتين الأولى والثانية التان حصدتا أرواح ملايين البشر .

هنا تجدر الإشارة إلى أن ما حدث في الأيام القليلة الماضية خلال معركة سيف القدس من تضامن أممي وعالمي واسع على شبكات التواصل الإجتماعي وشبكات الإنترنت كان له دور بالغ الأهمية في الضغط الدولي على الكيان الإسرائيلي .. بل وإن هذه الحملة قد عرّفت الناس حول العالم بقضية فلسطين وفضحت ممارسات العدو الصهيوني اللاإنسانية لنجد الكثير من الفنانين والرياضيين والسياسيين حول العالم يعلنون تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ويستنكرون ممارسات الإحتلال وهذه كانت سابقة تاريخية في القضية الفلسطينية إذ عودنا العالم على صمته وجبنه وازدواجية معاييره وسياسة الكيل بمكيالين فيما يخص فلسطين والأقصى على مر التاريخ .

‏لكن هذا الدعم الدولي للقضية والتعاطف الإنساني ومواقف التنديد والاستنكار والشجب وكل الضغط الذي تعرض له الكيان الصهيوني لئن كان ذو نفع هذه المرة في إنهاء العدوان على غزة وإيقاف عمليات التهجير القسري في حي الشيخ جراح .. إلا أنه لم ولن يقوم بتحرير تلك الأرض أبداً .. هذه هي الحقيقة التي يجب علينا أن نؤمن بها ونضعها نصب أعيننا .. لا يحرر الأرض إلا أصحاب الأرض بسواعدهم بنضالهم وكفاحهم المسلح ونحن إذ نتوجه بالشكر لكل ما ساعد في نشر المعلومات والأخبار لحظة بلحظة وكل من تعاطف مع قضيتنا ودعمها وفضح ممارسات الإحتلال وساعد في تبيان الحقيقة إلا أننا يجب أن نكون موقنين بأن السبيل إلى تحربر أرض فلسطين هو السلاح فقط لا غير .. حتى الدور الدبلوماسي والسياسي ليس له أية ثقل في الواقع ولا يمكن أن يحقق أية تقدم إلا بوجود ضغط عسكري قائم على الأرض .


هل القضية الفلسطينية قضية عربية :


‏بالتأكيد .. ففلسطين دولة عضو في جامعة الدول العربية ولغتها الرسمية اللغة العربية ويسكنها اليوم العرب بأغلبية ساحقة .. بل وأن سكانها الأصليين الأوائل منذ آلاف السنين هم الكنعانيون .. والكنعانيون تاريخياً من القوم الذين يطلق عليهم العماليق والعماليق كانوا عرباً عاربة .

من جهة أخرى فإن الميثاق الوطني الفلسطيني .. وهو ميثاق جاء ليؤكد القرارات والمبادئ والأهداف الفلسطينية .. بدءاً من المؤتمر الفلسطيني الأول المنعقد في القدس عام 1919 ثم ما تلاه 1922, 1936, 1946.. وفي 28/5/1964 أصدر المجلس الوطني الفلسطيني ( وكان اسمه المؤتمر العربي الفلسطيني) في دورته الأولى التي عقدت في القدس، الميثاق القومي الفلسطيني المبني على قرارات المؤتمرات السابقة، وأعلن قيام منظمة التحرير الفلسطينية .

‏لاحقاً في الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في القاهرة في 10/7/1968 تبدلت تسميته الى الميثاق الوطني الفلسطيني .. وقد حصل على إجماع الفلسطينيين كافة ودون أية معارضة .. وصار هذا الميثاق هو البرنامج الإستراتيجي الشرعي الوحيد لنضال الشعب الفلسطيني لتحرير فلسطين .. مما يعني أن أي تعديل أو إلغاء لأية مادة يحتاج إلى إجماع الشعب الفلسطيني وهو وحده صاحب الحق في ذلك .. ولا يحق ذلك لأي كان .. ومهما كانت صفته .. دون الرجوع إلى الإجماع الفلسطيني .

‏هذا الميثاق ينص في مادته الأولى على أنه :

‏" الشعب الفلسطيني هو جزء من الأمة العربية، وهم المواطنون العرب الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى عام 1947 سواء من اُخرج منها أو بقي فيها، وكل من ولد لأب عربي فلسطيني بعد هذا التاريخ داخل فلسطين أو خارجها هو فلسطيني . "

كما أن القانون الأساسي الفلسطيني المعدل في عام 2005 ينص في مادته الأولى على أنه :

"فلسطين جزء من الوطن العربي الكبير، والشعب العربي الفلسطيني جزء من الأمة العربية والوحدة العربية هدف يعمل الشعب الفلسطيني من أجل تحقيقه . "

فإذا كانت إرادة الشعب الفلسطيني بجميع طوائفه وأعراقه متوجهة نحو اعتبار دولة فلسطين دولة عربية والشعب الفلسطيني جزء من الشعب العربي فكيف لنا أن نطالب باستبعاد الصبغة العربية عن القضية عنوة بحجة الإقليات الغير عربية ؟؟

أليس في ذلك تناقض صارخ وصريح لمبادئ الديمقراطية وحرية الشعوب في تقرير مصيرها ؟

من ناحية أخرى هل فلسطين هي الدولة الوحيدة التي خاضت حروباً مع الكيان الصهيوني؟ ألم تخض مصر وسوريا ولبنان أيضاً حروباً ومعاركاً مع هذا الكيان ؟ ألا تقوم الطائرات الإسرائيلية بقصف مواقع وأهداف عسكرية في سوريا بشكل متواصل منذ أكثر من عشر سنوات ؟ أليست مزارع شبعا اللبنانية والجولان السوري وأم الرشراس المصرية أراض عربية لاتزال محتلة حتى هذا اليوم من قبل الكيان الإسرائيلي؟

لن نتحدث هنا من منطلق عاطفي عربي قومي حالم .. ولن ندخل في معالجة الخطاب السياسي العروبي ولن نقوم بمناقشته وتحليله بل سنعتمد التاريخ والمنطق المحض في تحليلنا للوضعية .

إن القضية الفلسطينية ليست قضية أرض محتلة فقط .. بل هي قضية قيام كيان غاصب محتل في قلب أمة عربية يهدد الى اليوم الأمن والسلم الإقليميين بتلك المنطقة .. هذه الأمة سواء توحدت أم لم تتوحد فهي موجودة وقائمة لأن شعوب هذه الرقعة الجغرافية الممتدة من المحيط إلى الخليج لديها الكثير من القواسم المشتركة تاريخياً أولها اللغة العربية المعتمدة رسمياً كلغة للبلاد في جميع تلك البلدان .. ومسألة قيام ذلك الكيان الغاصب في قلب تلك الأمة تهم بطبيعة الحال الدولة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بصفة أولى ولكنها تهم أيضاً جميع الدول العربية التي خاضت حروباً مع ذلك الكيان والتي لاتزال إلى الآن في حالة من عدم السلم معه وكذلك الدول التي يحتل الكيان أجزاءً من أراضيها إلى يومنا هذا .

فعندما نصف القضية بأنها فلسطينية فإننا لا نقصد قضية الشعب الفلسطيني فقط لا غير .. ولكن لكونه حالياً محدود في داخل الحدود الفلسطينية .. فمثلاً عندما خسر العرب الحرب في عام 1967 فيما يسمى بنكسة حزيران احتل الكيان الإسرائيلي شبه جزيرة سيناء من جمهورية مصر العربية كاملة كما احتل محافظة القنيطرة كاملة من الجمهورية العربية السورية وبقي الوضع كما هو عليه حتى عام 1973 حيث تم تحرير تلك الأراضي فيما يسمى بحرب أكتوبر .. في تلك الأعوام الستة هل كانت القضية تخص الشعب الفلسطيني وحده ؟ أو حتى في الثمانينات عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان وبقيت هناك حتى عام 2000 .. هل كانت وقتها قضية فلسطينية فقط لا غير ؟؟

هل القضية الفلسطينية قضية إسلامية ؟

نعم هي بالتأكيد كذلك .. ولكن يجب التنويه هنا إلى أننا لن نتحدث من منطلق ديني عاطفي .. بل إننا لن نتحدث من منطلق ديني على الإطلاق إذا ما اعتمدنا التعريف السائد للدين اليوم .. أي أننا باختصار لسنا بصدد الحديث عن المسجد الأقصى وقبة الصخرة والإسراء والمعراج وأولى القبلتين وثالث الحرمين وما إلى ذلك من رموز دينية إسلامية .. تثير في نفس المسلم العاطفة و الحمية تجاه فلسطين وبيت المقدس .. ورغم أننا كمسلمون لا ننكرها بطبيعة الحال بل نعتز بها .. إلا أن الهدف من ذلك هو تجنب الخوض في موضوع الأحقية الدينية .. لنقارع الحجة بالحجة ويكون المنطق هو أساس الخطاب .

المشكلة تتمثل في انعطافتين تاريخيتين .. الأولى حين ابتُدع الفرق بين هوية الإنسان ودينه .. وذلك في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في منطقة الشرق الأوسط .. وذلك على خطى دول أوروبا التي فرقت بين الدولة والدين وانتهجت المبادئ العلمانية في أنظمة حكمها السياسية .. حيث تم فصل سلطة الكنيسة عن السلطة السياسية نهائياً ليصبح الدين مجرد معتقد نفسي لا يتعدى في سلطته حدود إرادة الفرد المؤمن به فقط .. ورغم أننا لم نكن بحاجة الى تلك التفرقة .. إلا أنها اندست بطريقة ما في مجتمعاتنا لتطرح كحل "مُجرب" للتقدم والإزدهار السريع واللحاق بركب الأمم المتحضرة .. على أن ذلك الحل لم يكن مناسباً لمشاكلنا .. ولا يعني نجاحه في حل مشاكل أوروبا أنه سيكون حتماً الدواء الشافي لجميع مشاكلنا .

الإنعطافة الثانية بدأت حين علت الأصوات التي تنادي بالتمسك بالقومية العربية ونزع الوصاية العثمانية عن المقدسات الإسلامية وتحرير الشعوب العربية "المحتلة" من سطوة الدولة العثمانية .. كما ادعى وقتها الشريف حسين ومن خلفه هنري ماكمهون وبريطانيا .. حيث أن فكرة القومية العربية تم استيرادها من أوروبا أصلاً .. في ذلك الوقت كانت نظرية الأمة الفرنسية في أوجها وتأسست نظريات حكم بأكملها على أساس قومي كإيطاليا الفاشية وألمانيا النازية التي استطاعتا أن تبلوران أفكارهما على أرض الواقع في شكل أنظمة سياسية فيما بعد .

عندما انتهت الحرب العالمية الأولى تكالبت الدول الأوربية الإمبريالية وعلى رأسهم الحلفاء من أجل إقتسام تركة الرجل المريض فكانت إتفاقية سايكس بيكو ووعد بيلفور ومعاهدة سيفر بمثابة مسامير دقت في نعش الأمة .. وفوجئ العرب بغدر الحلفاء بهم حيث وجدوا أن جميع الوعود التي قطعتها بريطانيا وفرنسا لهم بمنحهم إستقلالهم شريطة مساعدتهم في إسقاط الدولة العثمانية وإقامة ثورة عربية كبرى ممتدة من أراضي الحجاز الى بلاد الشام كانت محض كذب وزيف .. فقد راهنت بريطانيا وفرنسا على دس الفتنة بين العرب والعثمانيين وإيهام العرب بأن العثمانيون هم محتلون لأرض عربية .. ثم عمل الحلفاء على إنماء الشعور بالإنتماء الى القومية العربية لدى شعوب المنطقة لتكون بديلاً عن الدين الإسلامي في توحيد العرب .

‏نحن كعرب .. لم نستطع أن نتحد أبدا تحت لواء القومية العربية رغم ما بذلناه من جهد في ذلك .. ورغم نبل الفكرة وسموها إلا أن الواقع والتجربة أثبتتا فشل العديد من المحاولات لإقامة الوحدة العربية عبر العصور .. أما الدولة العثمانية فرغم جميع مساوئها كانت دولة إسلامية تحكم بأحكام الدين الإسلامي وكان السلطان العثماني يعتبر خليفة للمسلمين مثله مثل الخلفاء الأمويين والعباسيين والفاطميين وغيرهم .. وحينما سقطت الدولة العثمانية سقطت آخر خلافة للمسلمين وأصبح بعدها الدين الإسلامي مصدراً رئيسياً من مصادر التشريعي في جميع البلدان العربية لكنه ليس المصدر الوحيد . 

 ‏إن العصابات الصهيونية دخلت الى الأراضي الفلسطينية في عهد الإنتداب البريطاني .. بعد خروج القوات العثمانية منها ذلك الإنتداب قام في أرض لا سلطة سياسية فيها .. بل مجرد شعب مسلم خرج حديثاً من العباءة العثمانية وتمت برمجة وعييه السياسي على أسس الحمية العربية وكره السلطة العثمانية المحتلة .. فإتفاقية سايكس بيكو هي من أعطى فلسطين شكلها الحالي .. أي أن أكثر الناس أحقية في القضية هم العثمانيون الذين خسروا أرضاً كانت تحت سيطرتهم .. أما الدولة العثمانية فقد اندثرت على يد مصطفى كمال أتاتورك ونشأت على أنقاضها الدولة التركية الحديثة .. وأما الإسلام فبقي في قلوب الأمة قائماً الى هذا اليوم .

فالدولة العثمانية كانت دولة للمسلمين .. والإسلام لا يفرق بين عربي وأعجمي .. تركي أو شركسي أو آشوري أو كردي .. الجنسية في الدولة الإسلامية هي الإسلام .. أي أن الدين في تلك الدولة هو المعرف الوحيد للمواطنة .. أما غير المسلمون الذين يقطنون في أراض إسلامية كانوا يتمتعون بحقوق المواطنة لقاء دفعهم الجزية .. هذه الجزية هي مبلغ زهيد يدفع مرة واحدة في العام وهو لا يؤخذ من النساء ولا المرضى وكبار السن ولا الأطفال بل فقط الرجال الذين لهم عمل ويمكنهم الدفع .. أي أن غير المسلمين الذين ليس لديهم عمل يقتاتون منه ليس عليهم دفع ذلك المبلغ بل على العكس تقوم الدولة بمساعدتهم مالياً .. ومبلغ الجزية يقدر بحسب دخل الفرد فكان أغنياء الشام في عهد الدولة الأموية يدفعون أربعة دينارات أما فقراء اليمن فدينار واحد على سبيل المثال .. وهذا المبلغ وُجِد في مقابل أن غير المسلمين ليسوا مطالبين بالخدمة العسكرية ولا يحاربون في جيش الدولة بل المسلمون وحدهم من يذهبون الى الجيش وهم من يقومون بحماية الدولة .. وهو نظام يشبه الى حد كبير نظام بدل الخدمة العسكرية في عديد الدول حول العالم في الوقت الحالي .. لذلك فإن الأقليات الغير مسلمة كانوا يرحبون بدخول المسلمين الى أراضيهم .. ومن المعلوم أن المسلمين لم يقوموا بهدم الكنائس المسيحية خاصة في الأراضي الفلسطينية بل قاموا بإعادة بنائها وترميمها وحمايتها حتى من المسلمين أنفسهم كما فعل عمر ابن الخطاب حين رفض الصلاة في كنسية حتى لا تصبح تلك عادة عند المسلمين ويظلم بذلك المسيحيون وتفتك منهم كنائسهم .

بقي الإسلام في أرض فلسطين قائماً كدولة نحو ألف وثلاثمئة عام .. ولم يخرج منها إلا سياسياً أي عند سقوط الخلافة مع الدولة العثمانية وذلك لا يعني أن المسلمين خسروا حقهم في تلك الأرض ولكن كل ما في الأمر أنه لا يوجد كيان سياسي إسلامي يطالب بتلك الأرض التي انتزعت من المسلمين في السابق أو يدافع عنها .. وبقي العرب متمسكين بكذبة العروبة التي اخترعتها بريطانيا متشبثين بجامعة الدول العربية التي أنشأتها أيضاً بريطانيا .. يحاولون دحر الكيان الصهيوني من أراضيهم التي أدخلته إليها بريطانيا .

جميع محاولات إقامة دولة إسلامية منذ ذلك الوقت جاءت مشوهة سمتها الأساسية التعصب والنزعة الراديكالية والعنف .. واليوم بعد أن أصبح الدين مجرد اعتقاد وجداني في العالم أجمع .. تسعى إسرائيل وحلفائها العرب المطبعين إلى إنشاء دين جديد هجين ( الدين الإبراهيمي) وهو عبارة عن خليط بين الإسلام والمسيحية واليهودية في محاولة لإذابة الفروقات وصنع ديانة تتسم بالليبرالية والإنسانوية الزائفة تخدم المصالح الصهيونية وتطمس العقائد .. حتى تختنق أي محاولة لقيام كيان سياسي على أسس إسلامية في مهدها .. وحتى يبقى العرب يحلمون بوحدة عربية تحقق لهم آمالهم وتحرر الأرض المغتصبة . 

في الختام :

إن السبيل إلى الإنتصار بالحرب وتحرير الأرض المحتلة يكون حتماً عن طريق توحيد الصفوف وهذه الوحدة يجب أولاً أن تكون فكرية أي أن تجتمع الأمة كلها وكل من يسعى إلى تحقيق نفس الغاية على طريقة واحدة ومنهج واحد حتى لا يكون اختلاف وجهات النظر نحو القضية عاملاً في إبقائنا مشتتين متفرقين أمام توحد الصهيونية وكل من آزرها ودعمها بالقول والفعل . 



   نشر في 27 ماي 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا