الأرجوحة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الأرجوحة

(أوراق من دفتر يوميات معاق)

  نشر في 04 يناير 2018 .

في ذلك الصباح، شعرتْ بحنين إلى صديقتها التي لم تزرها منذ فترة، إنها صديقة من طراز خاص، تُزار ولا تزور، ولا تغضب إن تخلفتْ عن زيارتها عدة شهور!!

فأنهتْ يومها في العمل، واستقلتْ سيارة أجرة، ووصلتْ إلى مكان الزيارة، آه... لقد نسيت ككل مرة، عندما حاولت دفع رسوم الدخول قالوا لها: "تفضلي، دون أي رسوم"، فأعادتْ المال إلى حقيبتها.

دخلت من البوابة الحديدية الكبيرة، وعيناها تسلمان على الورود والأشجار والمقاعد الخشبية... صديقتها الأثيرة.. هي حديقتها التي تحبها جدا وتقول دائما إنها تشبهها.

إنها حديقة (.....) التي تقع في حي هادئ، صغيرة في مساحتها، بسيطة في تصميمها، لا تجد فيها غابات من الأشجار ولا أحواضا من الزهور، وأغلب زوارها من أرباب المعاشات، لكنها لسبب ما ارتبطتْ بها منذ خمسة عشر عاما تقريبا.

ورغم أنها كانت قريبة من كليتها التي تخرجت فيها إلا أنها لم تفكر مرة في دخولها رغم إلحاح الزميلات لتمضية الوقت بين المحاضرات فيها، وكانت ترفض هذه الدعوة دائما.

لكنها تعرفتْ على هذه الحديقة عندما كانت يومًا برفقة صديقة لها في البنك القريب منها، وكان شديد الازدحام، ففكرتا أن تنتظرا في الحديقة إلى أن يحين دور الصديقة وكان بعد ساعة على الأقل، فما إن رأتها حتى أحبتها، ومن يومها وهي تحرص على زيارتها باستمرار.

جلستْ على مقعدها المفضل الذي تجده خاليا باستمرار، وكأنه مخصص لها، في ظل شجرة كأن أوراقها حراسٌ، يحجبون عنها وهج الشمس ويمررون لها الدفء والنور. وكعادتها أخرجتْ كتابا صغيرا من حقيبتها وبدأت تقرؤه

وفجأة لفت نظرها أرجوحة أطفال وشاهدت الصغار يتأرجحون ويضحكون، وتذكرتْ يوم أن طلبتْ من أبيها أن يسمح لها بركوب مثلها وهي طفلة ولم يرضَ، لم تفهم سبب رفضه لكنها لم تعترض ولم تكرر الطلب، ربما خشي عليها من السقوط على الأرض ... هكذا فسرت رفضه وقتها، لكن ما لم تستطع تفسيره هو الدموع التي رأتها في عينيْ أبيها عندما قالت له يوما: أبي، أريد أن أتعلم كيف أنط الحبل مثل إخوتي!

استغرقتها الذكريات وهي تحدق في الأرجوحة، حتى نبهتها يد رقيقة تهزها في رفق، وإذا بطفلة جميلة كأنها خُلقت من اللبن والحرير وهي تقول: ممكن يا طنط أحضر الكرة التي تدحرجت تحت المقعد؟، فابتسمتْ لها وهي تمد يدها الصغيرة وتلتقط الكرة.

وهنا شعرتْ بأن الوقت مر سريعا، وعليها أن تعود إلى بيتها، فأعادت الكتاب إلى الحقيبة، وتأكدتْ أن الجهاز التعويضي الذي تستخدمه للحركة آمنٌ، واستندت إلى عكازها واتجهتْ إلى البوابة، وهي تمنّي نفسها بلقاء آخر قريب مع صديقتها الجميلة (الحديقة).


  • 2

   نشر في 04 يناير 2018 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا