حينما أتصفح مواقع النت كل يوم كعادتي أجد فيها كل ما لذّ و لم يطب من المنوعات، من السياسة و الأدب و المشاكل الاجتماعية إلى صالونات الأزياء و الموضة، وصولا إلى مقاطع الكوميديا و المسرحيات الجميلة التي رسخت مشاهدها في الوعي الجمعي للأمة. لكن أن تجد تهكما على بلد ضحى لأجله أكثر من مليون شهيد فهذا ما لا يقبل تماما.
تعود أسباب كتابتي لهذه الكلمات إلى بعض الفيديوهات المنتشرة على موقع اليوتوب العالمي، و هو الذي أصبح اليوم منبرا لكل من أراد الشهرة ، و من بين هؤلاء المريدين مرشحوا الرئاسيات الجزائرية المقرر تنظيمها شهر أفريل القادم ، فهذا أحمد بوعناني ممثل فكاهي من بلدية سبدو التابعة لولاية تلمسان، وجد نفسه بين ليلة و ضحاها أمام هيئة كبرى من مؤسسات الدولة العاتية يستخرج في استمارات الترشح من المكتب المعني مصرحا بأنه رئيس الشعب القادم الذي سيُحلُ لهم أي شيء و سيوفر لهم الكاباريهات و اماكن الرقص حسب قولم، و على إثر هذه المهازل المتوالية التي لم يكن صاحب البابيون وحده نجما فيها، لم تحرك الدولة أي ساكن، لتترك العالم بكل وسائل إعلامه يستهزئ بشعب قال فيه تشيغيفارا المناضل الكوبي و في صلابته و عزيمته " إذا كانت مكة قبلة المسلمين و كانت روما قبلة المسيحيين فإن الجزائر قبلة الثوار و الحرائر".
لست هنا لأعاتب عمي أحمد بوعناني - الذي أدعوه بالعم تقديرا لسنه- بل أنا هنا تحركني مشاعر الغيرة على بلد يديره رجل كمير راس الماء و رجل في الافتاء كشمس الدين و الشيخ حمو و في السياسة رجل كأو يحيى الذي يتقن مهنة خلق اليأس في نفوس الشباب.. بل أنا هنا لأتساءل عن المعايير التي تضعها الدولة الجزائرية لمرشح الرئاسيات؟ و هل سن الأربعين شرط وحيد لمجيء المهدي الرئيس المنتظر ؟ أم أن آكل الستاك الذي سيرشح نفسه هو من سيدير البلاد بإصبع رئيس الأمن الدولي أو بوحي الرجل الخارق الذي لاقته وسائل الإعلام عند مدخل الهيئة الموقرة ؟
كل هذه السفسطة الموجودة في الساحة ستظهر نتائجها على وعي الجيل القادم، و والله لن يرحمكم القادمون كما رحمكم الأولون ، فإن يئسنا فلن ييأسوا، و إما أن ترحلوا أو أن نرحل.
عبد الرحمان بردادي.
-
عبد الرحمان برداديباحث جزائري