في عالم العجائب تجد كل شيء مقلوب،، ففي هذا العالم تجد الضحية جلاَّداَ والجلاَّد ضحية، واللص مؤمناً والمؤمن منافقاَ، والرذيل عفيفاً والعفيف رذيلاً..

في عالم العجائب لا ينظر إلى علمك أو عملك بقدر ما ينظر إلى جيبك وسلطتك ونفوذك، فأنت وإن كنت شيطاناً لا يهم، طالما كنت من أصحاب الملايين والجيوب الممتلئة التي تؤهلك لفعل ما تريد،، ما تشاء،، دون أن يمس أحدهم شعرة منك..

في عالم العجائب يُخوَّن الأمين ويؤتمن الخائن والأعجب والأغرب من كل ذلك أنك لو تفوهت بكلمة تمس ذلك الخائن أو اللص أو الرذيل ستصبح حينها خارجاً عن دين الله وشريعته، لا بل كافراً بما أنزل على محمد (ص) وغيره من أنبياء الأديان السماوية الأخرى.

إن من أراد اليوم أن يحيط بهذا العالم خبراً فكل ما عليه هو الإستماع ومشاهدة وسائل الإعلام المختلفة سيجده متجلياً بأبهى وأسمى صوره، سيجد كيف تحرف الحقائق وكيف يتم تحويل الضحية الى جلاد في مشهد سافر ومفضوح دونما خجل أو وجل ومراعاة لأية إعتبارات إنسانية أو حتى دينية..

من ينظر إلى حال فلسطين اليوم وما يقاسيه شعبها سيجد صورة عالم العجائب والغرائب متجلية بكل معانيها وتفاصيلها، فالفلسطيني الذي إحتلت أرضه وسلبت خيراتها وطرد منها على مرأى ومسمع من الجميع، ينظر اليه اليوم على أنه إرهابي عدو للإنسانية لأنه ببساطة فكر في مواجهة المحتل الإسرائيلي لإستعادة أرضه وحقوقه..

إن عالم الغرائب وعندما ينفذ فلسيطيني عملية دهس أو طعن ما، يقيم الدنيا ولا يقعدها، بينما يغض الطرف عن مئات آلاف الجرائم التي إرتكبها المحتل الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني منذ إحتلاله لأرض فلسطين وحتى هذه اللحظة..

يغض الطرف عن الغارات شبه المستمرة التي تنفذها إسرائيل ضد الآمنين في غزة وغيرها بأعتى الأسلحة وأشدها فتكاً، وعندما يقدم الفلسطيني على حمل سكين ليدافع بها عن نفسه وكرامته، يسارع الإعلام المنافق لهذا العالم إلى إظهارها كأعتى الأسلحة الفتاكة المدمرة، بل إن بعضاً من هذا الإعلام ينظر إلى تلك السكين الفلسطينية على أنها سلاح محرم يحمله إرهابي لترويع الآمنين من بني صهيون!!

في عالم الغرائب يتم الفتك بالأوطان والشعوب وضربها ببعضها البعض حتى تضعف وتصبح لقمة سائغة في حلوق المتآمرين والمندسين،، فكم من البلدان دمرت وأضحت خراباً بعد أن كانت تمثل في يوم الأيام جنة من جنان الله على أرضه وكم من الشعوب قُتلَّت وشُرِدَّت ليس لسبب سوى أن المتسيدين في عالم الغرائب أرادوا اللعب واللهو قليلا.. ولنا في بلدان الخريف العربي خير دليل ومثال!!!

في عالم الغرائب تجد كل شيء معاكساً في حقيقته للآخر فإذا أردت أن تعرف حقيقة شيء قم بقلبها وعندما تظهر لك النتيجة إعلم أنها هي الحقيقة وليست الصورة الأولى التي رأيت عليها ذلك الشيء في البداية..

في عالم الغرائب تجد أخاك عدواً وعدوك أخاً.. وصديقك شيطاناً يتحين الفرص للإنقضاض عليك والنيل منك ومن كرامتك..

في عالم الغرائب هذا، لا صوت فيه يعلو فوق صوت النفاق والكذب والدجل والمؤامرات وتحريف الحقائق..

ألا تعساً له من عالم!!!