حياتنا بين الترتيب والفوضى
بقلم أ.د.عادل رشاد
كثير منا يعاني من متاعب البحث عن الأشياء عند الحاجة إليها ، و يرهقه ما يراه في البيت أو المكتب من أشياء مبعثرة هنا وهناك، ويتساءل أين وضعت المفاتيح ؟ وأين الورقة التي سجلت فيها معلومات مهمة ؟
وهؤلاء بحاجة إلى علاج حاسم للفوضى في حياتهم فهي ليست دليل العبقرية بل هي من العادات السلبية التي علينا أن نتخلص منها سريعا ، لنكتسب عادة الترتيب أو قل ثقافة الترتيب .
ترتيب الأشياء مهارة اساسية تنعكس على كل مناحي الحياة ففيها صيانة للوقت حتى لا يهدر في بحث عقيم يصيبك بالقلق والارتباك طول اليوم ،وقد تتأخر وتتعطل مصالحك وقد تضطر إلى شراء جديد لما تبحث عنه .
ولا أغالى إذا قلت إن الترتيب قِيمَةً حَضَارِيَّةً ، وفِطرَةٌ كَونِيَّةٌ وَسنة شَرعِيَّةٌ. وهو ينتمي إلى قيم أساسية مثل العدل الذي يعني وضع الأشياء في مواضعها.
وانظر إلى الكون سترى مثالا في غاية الترتيب والإحكام ، فالنجوم والكواكب تتحرك في مداراتها بانتظام ،{ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} سورة يــس: (40).
تستطيع التعرف على تفاصيل دقيقة في كتاب (سحر الترتيب.. الفن الياباني في التنظيم وإزالة الفوضى- The Life-Changing Magic of Tidying ) للخبيرة اليابانية ماري كوندو Mari Kondo.
وهذه بعض المقترحات التي تساعدنا في ترتيب حياتنا .
1-تجنب تكديس حياتك بمشتريات ليست ضرورية لك ، فهذا يجعل تنظيمها أسهل كثيرا. وحاول تقنين هذه المشترياتك وحصرها. ومن الإرشاد القرآني قوله تعالى : {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} سورة الفرقان: (67).
2-قم بفرز ما لديك حسب أهميته ، وأي غرض لا تتم الاستفادة منه هو مجرد فوضى زائدة في المنـزل ( كركبة ) ، وننصحك بالتبرّع بالصالح منها إلى الجمعيات الخيرية من ملابس أو غيرها .
وعلمتنا الحكمة النبوية أن نجود بالزائد عن حاجتنا لمن هم أحوج إليه وفي الحديث : ((مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ)) صحيح مسلم ١٧٢٨.
3-عيّن مكانا محددا لكل شيء ، وأفضل علاج للفوضى هو وضع الأشياء في نفس الأماكن التي تُستخدم بها ،واجعل ذلك عادة لك .
4-أعد الأشياء الذي استخدمتها الى أماكنها المحددة ، حتى لا يزداد حجم العمل الذي عليك القيام به لاحقا وهذا سمت الشخص المنظم .
ومن المهم أن تواظب على ذلك بشكل دوري حتى لا تتراكم الفوضى في المكان ، وتعاون مع يشارك استخدام المكان من أقارب وأصدقاء ، و اهتم بإكساب طفلك مهارات الترتيب لأدواته وألعابه من سن مبكر .
وعندما تبدأ ترتيب الأشياء في عالمك الشخصي ستنجح في ترتيب حياتك كلها ، حتى في داخل ذاتك من أفكار ومشاعر وقناعات ، يقول الأديب مصطفى صادق الرافعي : "من الخطأ الكبير أن تنظم الحياة من حولك و تترك الفوضى في قلبك " وحي القلم ج2 / 39.
-
adelrhgباحث أكاديمي