كان يا ما كان يا قارئ هذه السطور في أمان ، في مدينة لا يعرف فيها شهر محرم من شهر رمضان ، رجل يمشي في أرجاء هذه المدينة ، يبحث عن حاجة له لا هي بطعام ولا هي بزينة ، هي لا ترى بالعين ولكن تؤخذ باليد ، أن أردتها هبة وعطاء لن تجد منها نصيب ، وأن اردتها سطوة ومغالبة نلتها وان طال بك الدهر ، و أن دفعت أموال الدنيا حتى تحظى بها فقد خبت وخابت سنينك الطوال ، وأن اردتها بعفة نفسك وعزتها صارت لك ولمن بعدك حتى يرث الله الأرض و ما عليها ، فما هي يا سادتي الكرام ؟ .

لابد من أنني قد جعلتها معقدة أكثر مما يجب وهذا دواعي سروري وامتناني ، فهذا من مصلحتي كي أطيل في كتابة هذه المقالة كما تأمر به افكاري الموقرة ، ولكن أعدك بأنها لن تطول حتى لا تصاب بعاهة مستديمة ، فالتفكير مضر بالصحة.

سأوضح لك اكثر وما عليك سوى أن تطلق أفكارك للريح ، لو سكنت على إحدى الشواطئ الهادئة بإحدى جزر البحر الكاريبي الساحرة ، التي بها مياه البحر تنساب على الرمال وكأنها عذراء فاتنة بوشاح ازرق مخملي زين بحبات اللؤلؤ التي تظهر تارة وتختفي تارة أخرى ، ثم نظرت إلى الأعلى فوجدت السماء غائمة بيضاء كالحرير وقد عانقتها السحب وكأنها الجواري الحسناوات في حضرة الملكة ! . والعصافير من حولك تغرد ، و من خلفك قصرك الفخم النائم بين أحضان الطبيعة الخلابة وقد احاطت أشجار جوز الهند به من كل ناحية ، إلا بوابة القصر الذهبية التي لا يبعد ناظريك عنها إلا شرفة علوية زجاجية نصف مغلقة . وفي هذه الأثناء ، كنت تحتسي كوب قهوتك الصباحية مع زوجتك الرقيقة ، تلقيت ظرف بريدي يفيد بأن مسؤول السياحة في الجزيرة أصدر قرارا بتثمين كافة املاكك على هذا الشاطئ لتحويلها إلى منتجع سياحي دون العودة إلى الإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات نظرا للمصلحة العامة التي يراها المسؤول ذاته ، ونظرا للظروف الإقتصادية السيئة التي تمر بها الإدارة المختصة بالسياحة فقد استعاضت عن دفع الأموال بإعطائك قصر له ذات الصفات والجمال في جزيرة كوبا ( الشيوعية ) والتي فيها جميع الملكيات عامة وليست بها ملكية خاصة لأي كان ، وليس من حقك أن تمارس كل ما تريد في كوبا فالبلد محاصر اقتصاديا فلن تجد ما لذ وطاب لك ولزوجتك المدللة ! . واعلم بأنك أن لم تقبل بهذا العرض فإنك ستخسر كل شيء وتتشرد في ادغال هذه الجزيرة الساحرة التي سبق أن تملكت فيها ! .

لذا عزيزي القارئ هل عرفت الشيء الذي يبحث عنه ذلك الرجل في أرجاء تلك المدينة ؟