بوح فتاة في ليلة بحضرة القمر/ بقلم لطيفة فراجي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بوح فتاة في ليلة بحضرة القمر/ بقلم لطيفة فراجي

  نشر في 16 نونبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 29 نونبر 2022 .

لم تكن تلك الليلة كباقي الليالي بالنسبة لها، فقد كانت تجلس ذلك اليوم تحت ضوء القمر والنجوم اللامعة، جلسة معتدلة كطالب في محاضرة الدرس، تتأمل في الجمال الذي طغى على السماء، وفي نفس الوقت تحمل عيناها نهر من الدموع، تنساب على خديها على شكل قطرات متتالية، تحرق وجنتيها بنفس الشدة التي احترق بها قلبها في الأيام التي مضت، لكن هذه الليلة هي خاصة فقد خرجت من غرفتها التي كانت الملاذ الوحيد لها أثناء حزنها، فهي فضلت الحضور في موعد لها مع القمر في تاريخ 26 يوليوز 2021 في جو جميل ومعتدل، والذي نظرت إليه بنظرات غريبة، كأنها تحاول أن تفهم شيئا ما، لأدري فيما بعد أنها تريد أن تعلم كيف و متى استطاع هذا النور الكروي المتميز بإشعاعه أن يحل على السماء التي منحها من نوره حقها من الجمال؟ وهل سوف يأتي قمرها في القريب لكي يضيء سمائها هي أيضا، أم ستبقى دائما مظلمة لاتعرف الضوء ولا تعاقب الليل و النهار؟

استيقظت من سهوها لتلمح فجأة ابتسامة خفيفة يرسمها لها القمر على وجهه، تشبه ابتسامة الشمس التي كنا نشاهدها ونحن صغار في أفلام الكرتون، كأنها أحست بأنها إشارة منه بأنه مستعد لسماع حكايتها، فبدأت تحكي له عن معاناتها وأوجاعها، وعن كل خيط تمزق من قلبها، أحصت له بشكل دقيق عدد تلك الخيوط وقابلتها بكمية الخذلان الذي تعرضت له، وعن الحرب التي لا تعرف النهاية بين قلبها وعقلها، فالقلب يعطف و يحن ويجعلها ضحيته حتى لا تكاد تدري هل هو مصدر الحنان أم جلاد يعذبها؟ أما العقل فهو يقسو عليها بحقائقه التي يضعها صوب عينيها بعد تحليل منطقي، حتى تجلس حائرة بينهما في اختيار الأنسب لها، في حين ينتظر الإثنان لكي تعلن لهم عن المنتصر.

لم تنس كذلك أن تستفسره عن السعادة ومصادرها إذ إخبرته أن الأشياء التي تسعدها هي نفسها تسبب لها التعاسة و الشقاء، وأن الاسئلة التي تشغلها في ذهنها باستمرار هو لماذا كل ما يدخل في إطار حبنا و بالتالي سعادتنا لا يظل كما هو؟ لما لا يبقى كل شيء كما البداية أصيل لا يحدث له الصدأ مع الزمن؟ هل الحياة تتقصد بذلك أن توقعنا في فخ التعلق و بعد ذلك تواجهنا بالنكران؟ ألم تشفق علينا ولو لحظة عندما تعلق قلوبنا بكل ما لايشبهنا؟ هل هي لا تتأثر عندما ترى علامات الجروح على يدينا من شدة التمسك؟

وهي غارقة في دموعها عبرت كذلك عن حنينها إلى الماضي الذي ذهب ولن يعود بذكرياته الجميلة، وعن اشتياقها لنفسها القديمة حيث كانت لاتهتم بشيء سوى بها، وتمنح قلبها كل العناية و الحماية اللازمة لكي لا يقع في يد الأطماع وتسرقه منها، وتبقى هي كالمتسول الذي ينتظر على الرصيف عابر سبيل يعطف عليه كما حدث لها الآن.

ظلت تتحدث إلى وقت متأخر من الليل بدون أن تشعر بوجود شيء أمامها، انغمست في البوح عن خوالجها وفي نفس الوقت تبحث في وجه القمر عن أجوبتها، ليكتفي هو بالمقابل بالإقتراب منها ليهمس في أذنها بالقول: بأن الأيام المقبلة ستكون لك و أن السعادة تحضر أمتعتها لكي تطرق بابك، لا لكي تقوم بزيارة مؤقتة و إنما كمقيمة في دولتك الصغيرة.


✏️لطيفة فراجي


  • 2

  • لطيفة فراجي
    "ما الأوراق سوى مناديل.. تجفف بها الأقلام دمعها" الكاتبة أسمى الزهار
   نشر في 16 نونبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 29 نونبر 2022 .

التعليقات

lailahocine منذ 2 سنة
مقال مريح ويعبر عن ما نشعر به نحن المراهقين...مقال رائع استمري بالابداع
0
لطيفة فراجي
شكرااا لك
كاتبة منذ 2 سنة
رووووووووعة من أجمل ما قرأت
ما شاء الله استمري
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا