حين تكتب بأناملك الصّغيرة !
و أنا شاب في الثالثة و العشرين استعدت الطفل الحالم الذي بداخلي و سألته كيف كنت تريدني أن أصير حين أكبر ؟ فأجاب ..
نشر في 11 أبريل 2019 .
حلمتُ حلما في زمان ، أنّي كبرتُ و أصبحت طيّارا أجوب العالم من غربه إلى إلى شرقه و من شماله إلى جنوبه أرى من علٍ كيف يتشكل العالم ، برّه و بحره ، جباله و تربته ، اخضراره و اصفراره ، أصبحت أرى النّاس صغارا بل أحيانا لا أرى إلّا مساكنهم ، لا أكاد ألاحظ فرقا بين بلاد و أخرى لا بلدي و لا بلاد العروبة و لا بلاد الغرب .
أصبحتُ ملكا على العالم بلا طقوس و لا أعراف و لا مراسيم تجعل النّاس شاهدة على حاكمهم الجديد ، لا شيء فوقي غير الماء و خالقي ، و كلّ شيء تحتي إخوتي و زوجتي و ولديّ و طفلتي ، قريتي و مدينتي و بلاد كانت مآلي في غربتي . صار كلّ شيء تحت ناظري الكبير منهم و القاصر ، و دامت الرّحلة عشر ساعات حكمتُ فيها العالم بأسره دون انتخابات و لا حملات و لا حتى انتظار تأييدات أو معارضات ، غصبا عن الكلّ أصبحتُ زعيم الكلّ حتى الزعيم في الأرض لكي يحلم برؤيتي عليه برفع رأسه عاليا و لن يراني و لكن يرى أثري .
في و سط الرّحلة لمسني أحدهم على كتفي الأيمن ، ربّما مساعدي أو المضيفة في الطائرة ، لكن لا هذا و لا ذاك إنّها الوالدة الكريمة توقظني لأن ألتحق بزملائي في الصفّ فوقت الدّوام قد حان و عليّ ألاّ أتأخّر مثل المرّة الماضية و أتلقّى العقوبات من معلّمي .
و دخلتُ القسم و جلستُ بجانب صديقي المفضّل و أخبرته بحلمي الجميل ، سألني بعفويّة : "ألم أكن معك في الرحلة!! قلتُ له : و هل يمكنني فعل شيء دونك ؟ فأصرّ على أن أحكي له تفصايلَ تفاصيلِ الرّحلة ، و مؤكد أنّي فعلت !. و لم نكن ندري.. فقد كان المعلّم يتنصّت علينا من خلفنا و قد سمع كلّ شيء قلناه و قال لي حلمك جميل . و صعد على المنضدة و شرع بكلام له علاقة بحلمي لكنّه كان يحثّ على أن نكون متواضعين مهما علتْ مراتبنا و وظائفنا ، لكنّه ألحّ كثيرا على ألّا نتخلّى عن أحلامنا مهما حصل و نضحّي بالغالي و النّفيس لنكون كما حلمنا دوما .
-
عبد الحق عمرانيشاب عشريني ، أحبّ القراءة و الكتابة و أحبّ من يحبّهما