ما يحتاجه الامر:لكنك ستتعب كثيراً ، تَحتار ما إن كنت مُكتئب أم انك فقط مُستنزف و مُرهق نفسياً، ستميل هنا و هناك و تشعر برغبة شديدة بالإتزان و الثبات لكن لا تستطيع ، لأن ذلك الزلزال بداخلك لا ينتهي ، ستفقد الكثير ،تفقد جزء كبير من مشاعرك، ستصبح لا مُبالي و شديد البرودة ، لن تشحن هاتفك فأنت تعلم أن لا احد ينتظرك او يقلق عليك و لا أنت مَعني بأحد ، ستشعر أنك لا تنتمي لشيء على هذا الكوكب ،لن تشتهي الطعام كالسابق و لن تتحمس لأكثر الأشياء التي تحب فعلها يومياً، لا يُغريك شيء ولا حتى صوت المطر، ستنسى طفولتك و الطفل الذي بداخلك حيث كان أملك الأخير ، ثم تحاول استرجاع نفسك من حيث فُقِدَت، ستربط المنبه أكثر من مرة و على اوقات متتالية ، لكنك لن تستيقظ و تنهض من فِرآشك حيث أصبح مكانك الوحيد للهروب، تُدمن الِوحدة كفنجانِ قهوة أو سيجآرة، و لكن تلك الكوابيس ليلاً لا تتركك وحيداً أبداً، ستشعر بذلك السوء و فقدان الذاكرة، تصبح أقل تركيزاً و كأن عقلك توقف عن العمل، ستغضب على أبسط الأمور ثم تحاول البُكاء لكنك لن تبكي، لأنك لا تحتاج للبكاء بل تحتاج لعودة تلك الروح بدآخلك ، ستشعر أن كل شيء انتهى و جميع الأبواب أُغلقت بوجهك ، ستقول الى هنا يكفي أعتقد بأنني هكذا و لن يتغير شيء لن أحاول مجدداً ، لكنك في كل مرة تعود للمحاولة بغباءٍ فادح و تعلق مجدداً في تلك الدائرة المملة التي أصبحت روتينك اليومي..

لكنك رغم كل ذلك، و رغم كل محاولاتك الفاشلة و قناعاتك البائسة ، ستنهض .. تجلس ليلاً لتُراقب بريق النجوم و حركة الغيم ، صمت الليل يخترق ذاكرتك و يجبرك على التذكر والإهتمام، ذلك البرد الذي تحمله السمآء ليلاً سيحرك بك تلك المشاعر التي أجبرت نفسك على دفنها .. ثم ستبكي أخيراً، لن تبكي بشكل مباشر، سيبكي داخلك أولاً ثم ستبكي عينك المُحترقة بشكلٍ واضح ، هكذا .. ذلك الحِمل .. ذلك الثِقل الذي سكن بدآخلك لفترة طويلة جداً سيرتمي مع تلك الدموع على عنقك ، كأنك أخرجت الكون بأكمله من داخلك ، ستسرح في منتصف كل تلك الأحداث و تضحك كالمجنون، ثم تُدرك بأنّك صنعت من نفسك جُثّة هامدة ، و كل ما كان يحتاجه الأمر هو القليل من الوِحدة ، القليل من الليل و الذكريات،والقليل من نفسك ، ستضحك مُجدداً، تربط المنبه و تذهب للنوم ،و يكون المشهد الأخير من يومك الأشبه بوهمٍ أو فيلم غير مفهوم انقطعَ في منتصفه".