مغلق أو غير متاح !! .. بقلـــــم / نـــــورا محمـــــد .
نشر في 24 غشت 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
إنسحاب .. هروب .. إختفاء .. قم بتسميتها كما يحلو لك , فالمُسمى لن يفرق معنا بشئ , المضمون واحد والنهاية واحدة ..
ألم تُراودك لحظة قررت أن تنشق فيها عن مسار الحياة ؟ , تبتعد قليلاً عن أعين البشر المُترصدة لك ذهاباً وإياباً ؟ , تنفرد مع ذاتك وفقط دون أن يُزعجك صياح مدير أو نداء الأهل ؟ , تودع فيها الأصدقاء مؤقتاً دون أن تُخبرهم ما السبب لهذا الوداع ؟ , فقط تبتعد , وبهذا الإبتعاد تجد راحتك , نعم قد راودتك بكل تأكيد , دون أن تشرد بذهنك وتتذكر , أنا على يقين أن كل بشري قد مر بهذه اللحظة , وإن لم تمر بها حتى الآن فكن على إستعداد بإستقبالها قريباً شئت أم أبيت , ستُقابلها حتماً ..
ولكن , السؤال الأهم , كيف للحظة إنفراد بسيطة مع النفس أن تجعلك تنسحب بها نهائياً من كل ملذات الحياة وكرنفالات الأضواء المبهجة فيها ؟! , تفر بها من جميع البشر وتكتفي بذاتك وفقط , كيف لها أن تكمن بها السعادة وراحة البال الذي لم تجد أياً منهم خلال لحظاتك قبل هذه اللحظة الفاصلة في تاريخك ؟! .. السعادة التي تحارب من أجل الوصول لها كل الأوقات , وتُفتش عنها في كل الأرجاء , وتشحذها من أي إنسان تعرفه أو حتى لا تعرفه , بمجرد تلك الحالة تجد فيها السعادة التي طمحت في إقتناصها يوماً ما ! , وراحة البال , الشئ الذي كلفك من طاقتك الكثير والكثير , وبعد كل محاولات القتال من أجل الإمساك بها تفشل فيزداد إضطراب بالك أضعاف مُضاعفة عما هو عليه ! , هل تخيلت كم هي حالة عجيبة ؟! , هل تصورت كم هي تحتاج منا إلى وقفة لمحاولة فهم ميكانيكة عملها ؟ , كيف تتبدل من مجرد لحظة وحدة بائسة يائسة " في ظاهرها " إلى حالة من إستعادة إتزان النفس البشرية مجدداً ؟! ..
كانت عادة , وكنت أراها وبرغم مدى قسوتها علي إلا أنها تُفاجئني في كل مرة بأنها كانت " عين العقل والصواب " , قرار رغم صعوبة أخذه ولكنه يكمن فيه السر الذي تُخبئه داخلك دون أن تُخبره لمخلوق على وجة الأرض , سر البقاء الصحي المتوازن , الذي بدونه سيختل توازنك بلا شك , فيه علاج لما يعتريك من ضغوطات نفسية شاقة قادرة على سلب هدؤك وسكونك , لم أكذب عليك حينما ذكرت منذ لحظات أنه سر البقاء الصحي , وإن كنت لا تُدرك معنى ذلك حتى الآن فدعني أُفسرها لك بشكل مُبسط رغم أنها أصعب حالة قد تمر عليك يوماً ! ..
في لحظة , تجد أن كاهلك قد تراكم عليه جبال من الهموم , وأفاضت عليك الحياة بفيضان من اليأس والضيق واللامبالاة , والبشر أنفسهم يبدأوا بتفتييت إرادتك وأملك في البقاء " متوازناً " , فلا تعرف إلى أين تذهب ؟ , وإلى متى ستستمر تلك الحالة المُميتة ؟ , وهل ستجد من نفس البشر الذين تفننوا في تهديد إتزانك هذا شخصاً واحداً يأخذ بيدك وينتشلك من هذا الضياع النفسي والفكري العنيف ؟ , ولكنك لا تجد أن الإجابة ستُسعدك , ستجد الإجابة نافية نفي تام ! , وهنا تبدأ بحصر مُمتلكاتك النفسية والفكرية وجمعها بحقيبة سفرك إلى عالم الوحدة " المؤقتة " , تودع القريب والغريب وكل من وقعت عينك عليهم يوماً وتُخبرهم بأنك عائد يوماً ما من جديد , لن تفنى ولن تنسحب إنسحاب نهائي أبدي , ولكنها بمثابة " إستراحة " من تلك الحياة بكل مُتقلباتها ومُنعطفاتها ولو لساعات معدودة , يراك الجميع على بداية الجنون , ينصحك الجميع بزيارة دكتور نفسي ليحاول مُساعدتك للخروج بك من هذا النفق المُظلم الذي أدخلت فيه نفسك بإرادتك ! , لن يتفهم أحد ما تمر به , أنت وبرغم إتهامك بالجنون فأنت بكامل لياقتك العقلية , وبرغم الحكم عليك بأنك مريضاً نفسياً يتوجب عليه الإمتثال لأوامر الأطباء إلا أنك تستعيد صحتك النفسية كما لو أنك لم تكن من الأصحاء يوماً ! , هذا ما يحدث وهذا ما يترتب عليه , وكل هذا من مجرد لحظة " إنفراد وقتي " ..
لا تعتبرها لحظة سلبية , فقط وإن أردت إعادة ترتيب أولوياتك وحساباتك ما عليك سوى أخذ القرار بالفرار لها , فقط وإن أردت إيجاد نفسك التائهة عنك منذ زمن فما عليك سوى أن تُقدم عليها بشجاعة وثقة أنها البداية الحقيقية , ستعود منها قوي , أقوى مما كنت عليه , فمجالسة النفس ليست بالأمر الهين , فبتلك المُجالسة ستجد أبواباً كثيرة تتفتح بعد أن كانت مُغلقة بــ " الضبة والمفتاح " ! , ستكتشف مصادر القوة والإلهام الفكري داخلك , ستغدو بعدها في الحياة بإشراق أكبر , وبتوهج أشد , وبإرادة أقوى ..
ولكن تذكر النقطة الأهم على الإطلاق ..
تلك الحالة ما هي إلا لحظة مؤقتة , وحدة مؤقتة , إنفراد وقتي , إنسحاب لحظي , لن يدوم , تذكرها جيداً , وإن دام , فهو البداية حقاً ولكنه البداية لعكس ما قيل , البداية للدمار ! .. إنسحب وعد من جديد , إنفرد وعد من جديد , ستعود بشخصية لطالما طمحت أن تصل لجزءً منها ! ..
والآن ..
هل وجدتها لحظة سلبية حقاً ؟! , كما كنت تعتقد مُسبقاً ؟ , وهل كان التحذير منها أمراً واجباً فعلاً ؟ .. أم انك ستُعطيها قيمتها الحقيقية ؟ ..
التعليقات
نسال الله التوفيق فى كل حال
شكرا نورا على كلماتك
أحسست انك تقصدينني بكلماتك ...
نعم فكلنا نحتاج الى ذلك الاختفاء المفاجىء ..و ذلك الانعزال و الاختلاء بانفسنا ..
هي لحظة مؤقتة , وحدة مؤقتة , إنفراد وقتي , إنسحاب لحظي , لن يدوم , تذكرها جيداً , وإن دام , فهو البداية حقاً ولكنه البداية لعكس ما قيل , البداية للدمار ! .. إنسحب وعد من جديد , إنفرد وعد من جديد , ستعود بشخصية لطالما طمحت أن تصل لجزءً منها ..
ابدعت حقا ...كل التوفيق
تحدثتى عن شخص اتصل بملكة ذاته وفكره حتى قاسى وعانى اشد معاناه
انها تلك اللحضة التى تتحدثين عنها والتى تجعلك بين الحلم واليقظة فى عالم من الفزع والخوف والحيرة
هذه اللحظة هى التى تثبت فيها بذاتك ونفسك ان استطعت الثبات وهذه اللحظة هى اكبر اصعب جزء يعيشه فى فترات لحظته والغريب فى ذلك ان هذه اللحظة تكون دافعا جديدا لك او عليك
فهذه اللحظة يتعلم الانسان فيها فنا جديدا فى الحياه لا يتعلمه الا من عاش تلك اللحظة
وهذا الفن انما هو فن الشعور بالمعنى فى داخلنا
لله دركم فيما وصفتم وفى الحقيقة لا اجدنى يسعنى الكلام فى مقالك فهو محيط واسع يكون هائما من يسبح فيه
لكم كل تحيتى وتقديرى فانتم اجلاء فى موضع الكلمة ،،،،،،،
عضو جديد
بارك الله فيك وجزاكِ خيرًا على جهدك .