بسم الله الرحمن الرحيم

إنسانةٌ ضاق بها الحال من حياة زوجية فاشلة، قرَّرت أن تُصلح الوضع، وتنقذ نفسها وترحم أولادها – إذا كانت قد أنجبت – من نمط حياة يقتلهم ببُطء ويدمِّرهم نفسيًّا وجسديًّا، أخذَت قرار الإنفصال، حتى وإن اضطرَّت للتنازُل عن كل حقوقها المادية، مقابل الحفاظ على حريتها وراحتها وكرامتها.

لم ترتكب جريمة أو فعلًا مُحرَّمًا، إنه أمر شرعه الله عندما يكون استمرار الحياة الزوجية قد أصبح مستحيلًا. لكن المجتمع لا يعترف بذلك، فلقد وضع لنفسه قوانين جاهلة والتزَم بها، يُبرِز لكل امرأة مُطلقة (كارت أحمر)، وكأنه يصنِّفها وينبذها بعيدًا، يُخرِجها من دائرة البنات، فلا هي بنت ولا هي سيدة متزوجة، يَحرِمها من حقها في الحياة الطبيعية، والأكثر من ذلك أنه يرمي باللوم دائمًا عليها، ويقرر أنها هي التي لم تحافظ على بيتها، ودائمًا ينظر إليها على أنها معيوبة، فقط لأنها تزوَّجت من قبل.. أصبحت ناقِصة.

إن أُعجِب رجلٌ بها، يجد الجميع يعارضونه، وأوَّلهم أمه، كيف تتزوج مطلقة! كيف تتزوج امرأة قد تزوَّجت من قبل! امرأة عاشت حياتها من قبل!، إذا كانت قد عاشت حياتها حقًّا فلماذا اختارت أن تنفصل وتعرِّض نفسها لكل ذلك؟!، رغم أن تلك الأم لن تكون سعيدةً أبدًا إذا انفصلت ابنتُها وقيل عنها هذا الكلام الجارح.

وعلى صعيدٍ آخر، فإن كل من يتقدم للزواج بالمرأة المطلقة لا يخرج عن هذا النطاق.. كبيرٌ في السن يريد فقط أن يستمتع قليلًا أو أن تقوم امرأة بخدمته، مطلق أو أرمل ويريد امرأة تربي أبناءه، أو متزوج ومستقر بحياته ولكنه يريد زوجة ثانية جديدة لأنه أصبح يشعر بالملل من الزوجة الأولى. والأصعب من هذا وذاك أنه يبخس حقَّها، ولا يعامِلها كما يعامِل البنت البكر، فيما يتعلق بالمهر والشبكة وجهاز بيت الزوجية، وأيضًا الزفاف والفستان الأبيض، كل ذلك لا حق لها فيه؛ لأنه دائمًا يرى المطلقة سهلة ورخيصة ويجب أن تقبل بأي شيء؛ لأن فُرصها في الزواج قد أصبحت قليلة، ليس من حقها أن تختار أو أن تطلب أو أن تضع شروطًا تكفل لها حياةً آمنة مستقرَّة أو حتى أن تحلُم بحياةٍ جميلة هادئة كباقي البنات.