أظنُ أننا سابقًا حينما كُنا صِغار ، كُنا نظنُ أن الله غيمة كبيرة بيضاء كبيرة لا تتسع سماء واحدة فقط تمتلك آلاف القلوب حتى تشعر بالآخرين و ملايينَ الأيدِ لتحتضن أحزان البشرية أنهُ من المُضحك أننا نظنُ ذلك .. و لكنهُ لم يخِبّ ظنُنا يومًا فقد كان الله ملجأً لجميع البشر و حاوٍ لأخطائهم و زلاتهم و موطنًا يتسع للمُغتربين فيه ، و باب مغفرةٍ كبيرة للتوابون ..
أتسائل أن كنا نعيّ حجمَ الله فينا , هل كنا سنجهل أسباب شعورنا بالغربة و نحن نقطنُ فالوطن ؟ هل كنا سندرك مغزى شعورنا بالوحدة بينما نحن بين آلاف أيدٍ تُربِت ؟ و مئات الأجساد تُعانق ؟؟ هل كُنا نستقر بعد ضياعنا الهالك ؟ هل كُنا سنعيّ أن الوحشة قائمة بدونِ الله ؟ ... كانت تساؤلاتي تزيد ، أرهق نفسي بالتفكير ، أتعمق بالتفاصيّل لأجد ..
أن ذهانِنُا كانت ستفهم أن هذهِ الوحدة التي تتسلل فيّنا بهذه السُرعة تُساعدنا أن نلتفيّ باللهِ من الضيّاع و أن هذا الخوف الذي قدّ قذف في قلوبنَا سيمدنَا قوةً لا تُكسر و أن هذه الغُربة تحتاجُ موطنًا من اللهِ فقط .. الله يراكَ .. يراكَ و أنت تائه ، باحثًا عن كتفًا للإتكاء ، سائِلًا قوةً لا إنهزام ، يراكَ و أنت تبكي فالخلوة ، طالبًا إياه غِنى عن حاجتك أن كانت بأيدِ البشر ، ساعيًا للنجاة من البلاء ، راجيًا إياه العفو من دقة الملاحظة و الفناء و الخلاص من التفكير ، يراكَ .. كان ينتظرك أن تعود و تستنجد بهِ فقط .
ثمة شيء في هذا العالم لكّ ، فإن كُنت تشعر بالإنطفاء سيضيء الله في قلبك آلاف المشاعر ، و أن كنت فاقِدًا للطمأنينة سيجعل من العسير يسير و من الصدود باب خيرًا لكّ و من الشكِ يقين ، و أن كانت الجراح بكَ طاغية سينبتُ في كُلِ ثغرٍ فيها زهرًا نديًا ، و أن كان كسرك فاضِحًا فسيصنع منهُ جبرًا يرضي فؤادك ، و أن كانت نفسكَ هي من تُحاربك سيصنعُ منها سلامٌ و تحابُّ لكّ .. سترىٰ كيف يصنع القادر بـهذا أجمع ..
أن كان الجانب الآخر الدنيويّ هو البلاء .. فأن تمسكتَ بحبالِ الله ، و شددتَ رِباطَ الصبرِ شدًا و أحتسبتَ هذهِ الجرامَ أجمع و كفكفتَ دموعكَ وحدكّ ، فستعتادَ أن تصبر و سيقوى قلبكَ على البليّة {فَمن أوى إلى الله أَواه ، ومن فوَّض أمره للهِ كفاه} .
سيحاسبك الله أن سلكت طريق الهلاك بينما أنك كنت قادرًا على سلك طريقًا آخرًا للنجاة .. و أن أخترتَ سقمًا فالحياة بينما كانت السلامة بين يديك و أن أبليتَ نفسك بالبشر و أنت غنيّ بالله عنهم .. و يحاسب الله من صنع فُتاقًا فقلبكَ لا مُتناهية ، و من أوهمك بأنه سلام بينما هو كارثة ، من ألقى كلمةً فكانت كدمةً يتبعها أثرًا لا يُمحى سيعاقب الله من أخبرك أنهُ نجاةً لك فكان غرقًا لا يُنتسى ..
حينما لا يدرك أحدًا حجمَ أوجاعك و لمّ يُقدر أحدًا حُزن عينيك و خوفَ يداك و صوتك المُرتجف ، ربت أنتَ على قلبك و رتلّ آياتهِ { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ} ، فاللهُ لقلبك الله لتوجعك الله دائمًا بجوارك الله طبيب من لا طبيب له و حبيب من لا حبيب له و أنيس من لا أنيس له و رفيق من لا رفيق له و كل ما سِوى الله عدم ..
فهل تجهل للآن لماذا قذف الله في قلبكَ المأسآة ؟ ..
ك . زكيّة ..
-
is sunزكية ، أن كان يهم