الله فيّ الوحشة .. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الله فيّ الوحشة ..

زكيّة خلِيّل .

  نشر في 19 غشت 2019 .

أظنُ أننا سابقًا حينما كُنا صِغار ، كُنا نظنُ أن الله غيمة كبيرة بيضاء كبيرة لا تتسع سماء واحدة فقط تمتلك آلاف القلوب حتى تشعر بالآخرين و ملايينَ الأيدِ لتحتضن أحزان البشرية أنهُ من المُضحك أننا نظنُ ذلك .. و لكنهُ لم يخِبّ ظنُنا يومًا فقد كان الله ملجأً لجميع البشر و حاوٍ لأخطائهم و زلاتهم و موطنًا يتسع للمُغتربين فيه ، و باب مغفرةٍ كبيرة للتوابون ..

أتسائل أن كنا نعيّ حجمَ الله فينا , هل كنا سنجهل أسباب شعورنا بالغربة و نحن نقطنُ فالوطن ؟ هل كنا سندرك مغزى شعورنا بالوحدة بينما نحن بين آلاف أيدٍ تُربِت ؟ و مئات الأجساد تُعانق ؟؟ هل كُنا نستقر بعد ضياعنا الهالك ؟ هل كُنا سنعيّ أن الوحشة قائمة بدونِ الله ؟ ... كانت تساؤلاتي تزيد ، أرهق نفسي بالتفكير ، أتعمق بالتفاصيّل لأجد ..

أن ذهانِنُا كانت ستفهم أن هذهِ الوحدة التي تتسلل فيّنا بهذه السُرعة تُساعدنا أن نلتفيّ باللهِ من الضيّاع و أن هذا الخوف الذي قدّ قذف في قلوبنَا سيمدنَا قوةً لا تُكسر و أن هذه الغُربة تحتاجُ موطنًا من اللهِ فقط .. الله يراكَ .. يراكَ و أنت تائه ، باحثًا عن كتفًا للإتكاء ، سائِلًا قوةً لا إنهزام ، يراكَ و أنت تبكي فالخلوة ، طالبًا إياه غِنى عن حاجتك أن كانت بأيدِ البشر ، ساعيًا للنجاة من البلاء ، راجيًا إياه العفو من دقة الملاحظة و الفناء و الخلاص من التفكير ، يراكَ .. كان ينتظرك أن تعود و تستنجد بهِ فقط .

ثمة شيء في هذا العالم لكّ ، فإن كُنت تشعر بالإنطفاء سيضيء الله في قلبك آلاف المشاعر ، و أن كنت فاقِدًا للطمأنينة سيجعل من العسير يسير و من الصدود باب خيرًا لكّ و من الشكِ يقين ، و أن كانت الجراح بكَ طاغية سينبتُ في كُلِ ثغرٍ فيها زهرًا نديًا ، و أن كان كسرك فاضِحًا فسيصنع منهُ جبرًا يرضي فؤادك ، و أن كانت نفسكَ هي من تُحاربك سيصنعُ منها سلامٌ و تحابُّ لكّ .. سترىٰ كيف يصنع القادر بـهذا أجمع ..

أن كان الجانب الآخر الدنيويّ هو البلاء .. فأن تمسكتَ بحبالِ الله ، و شددتَ رِباطَ الصبرِ شدًا و أحتسبتَ هذهِ الجرامَ أجمع و كفكفتَ دموعكَ وحدكّ ، فستعتادَ أن تصبر و سيقوى قلبكَ على البليّة {‏فَمن أوى إلى الله أَواه ، ومن فوَّض أمره للهِ كفاه} .

سيحاسبك الله أن سلكت طريق الهلاك بينما أنك كنت قادرًا على سلك طريقًا آخرًا للنجاة .. و أن أخترتَ سقمًا فالحياة بينما كانت السلامة بين يديك و أن أبليتَ نفسك بالبشر و أنت غنيّ بالله عنهم .. و يحاسب الله من صنع فُتاقًا فقلبكَ لا مُتناهية ، و من أوهمك بأنه سلام بينما هو كارثة ، من ألقى كلمةً فكانت كدمةً يتبعها أثرًا لا يُمحى سيعاقب الله من أخبرك أنهُ نجاةً لك فكان غرقًا لا يُنتسى ..

حينما لا يدرك أحدًا حجمَ أوجاعك و لمّ يُقدر أحدًا حُزن عينيك و خوفَ يداك و صوتك المُرتجف ، ربت أنتَ على قلبك و رتلّ آياتهِ { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ} ، فاللهُ لقلبك الله لتوجعك الله دائمًا بجوارك الله طبيب من لا طبيب له و حبيب من لا حبيب له و أنيس من لا أنيس له و رفيق من لا رفيق له و كل ما سِوى الله عدم ..

فهل تجهل للآن لماذا قذف الله في قلبكَ المأسآة ؟ ..

ك . زكيّة ..



   نشر في 19 غشت 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا